السبت، 05 نوفمبر 2022 - 01:04 م

لم يعد حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، يكتفى بحرصه الشديد على أن يفتتح بنفسه معرض الشارقة الدولي للكتاب في نفس الموعد مطلع نوفمبر من كل عام، ولكنه يحرص نفس الحرص، وربما أكثر، على أن يكون هناك الجديد الذى يصب فى مصلحة الثقافة والفكر، ليس على المستوى العربى فقط، بل امتد هذا الحرص إلى النشاط الدولى الذى تجده حاضرا.

ومتابعا جيدا له، لذلك لم يأت شعار المعرض «كلمة للعالم» فى دورته الـ41 التى انطلقت الثلاثاء الماضى وتستمر لمدة 12 يوما، مجرد شعار رنان والسلام ولكنه فى تقديرى يعد تطبيقا عمليا لفكر وتوجه المثقف والمفكر الذى يحكم إمارة الشارقة، حيث أعلن أحمد بن ركاض العامرى رئيس هيئة الشارقة للكتاب عن تربع معرض الشارقة الدولى للكتاب هذا العام.

وللعام الثانى على التوالى على عرش قائمة معارض العالم فى بيع وشراء حقوق النشر والترجمة، تخيل هذا النجاح يحققه معرض عربى ليأتى فى الصدار متقدما على معارض عتيدة مثل معرض فرانكفورت، الأمر الثانى قرر حاكم الشارقة، الذى يعتبر الثقافة ونشرها مشروعه الأهم، أن يحتفى بإنجاز المرحلة الثانية لمشروع ثقافى من العيار الثقيل.

ويمثل حلما لكل الناطقين بالعربية تأخر تنفيذه زهاء القرن، وهو الإحتفال بخروج 19 مجلداً جديداً من «المعجم التاريخى للغة العربية»، وذلك بحضور أعضاء مجلس الأمناء وأعضاء المجمع من رؤساء اتحادات ومجامع 14 مجمعاً لغوياً من 12 دولة.

وكان الدكتور القاسمي، قد أطلق الأجزاء الـ17 الأولى من المعجم فى افتتاح الدورة الـ40 العام الماضى. وتغطى المجلدات الـ19 الجديدة من المعجم التاريخى للغة العربية أربعة أحرف هى (الحاء والخاء والدال والذال)، ليصبح العدد الكلى للحروف التى تمّ تحريرها إلى حدّ الآن 9 أحرف، من الهمزة إلى الذال.

وبذلك ارتفع عدد المجلدات المنجزة من المشروع إلى 36 مجلداً، تم إصدارها وتجليدها وإخراجها وطباعتها فى منشورات القاسمى بالشارقة، وذلك فى إنجاز تاريخى غير مسبوقٍ يضاف إلى جهود حاكم الشارقة فى دعم اللغة العربية.. ووعد حاكم الشارقة باستكمال هذا المنجز ، وتخصيص وقف له حتى يكتمل هذا المشروع الذى يشارك فيه.

ولم يكن الشيخ القاسمى مبالغا عندما قال: إن المعجم التاريخى الذى ما أنجز منه متاحاً بشكله المطبوع والرقمي، ليس معجماً كسائر المعاجم يشرح معانى كلمات العربية ويعرّف بمعانيها فقط، وإنما هو سجلُ هذه الأمة وتاريخها وديوان أشعارها وأخبارها وأمثالها ابتداءً من عصر النقوش القديمة ومروراً بجميع أعصر العرب التاريخية، ووصولاً إلى العصر الحديث.

من سمات معرض الشارقة الدولى للكتاب الذى انطلقت أولى أيامه والجريدة ماثلة للطبع، الوجود المصرى الذى لا تخطئه عين كل عام، حيث يحرص حاكم الشارقة المحب والعاشق لمصر على أن يحيط نفسه بالنخب الثقافية والفنية المصرية، هذا العام تواجد فى احتفالية الإفتتاح الفنان أحمد السقا الذى سيقدم ندوة هو والفنان كريم عبد العزيز ود. عبد الواحد النبوى وزير الثقافة الأسبق ود. محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، ود. مصطفى الفقى، إضافة الى عدد كبير من الناشرين المصريين "مصر أكبر مشاركة بعد الناشرين الإمارتيين" مع عدد كبير من الناشرين الدوليين الذين شاركوا على مدار يومين فى المؤتمر الدولى للناشرين .

يستضيف معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الـ 41 هذا العام 2,213 ناشراً من 95 دولة منها 1298 دار نشر عربية و915 أجنبية، وينظم المعرض 123عرضاً فنياً، يقدمها 22 مشاركاً من 8 دول، منها 6 برامج جديدة تقام لأول مرة، إضافة إلى أكثر من 30 فعالية مخصصة لأبرز طهاة المنطقة والعالم.

ويشارك فى فعاليات المعرض 150 من كبار الكُتَّاب والمفكرين والمبدعين والفنانين العرب والأجانب من 15 دولة، يقدمون 1500 فعالية وجلسةحوارية متنوعة، منها 200 فعالية ثقافية تضم جلسات وقراءات وورش عمل، وخطابات حول تجاربهم الإبداعية فى مختلف أنواع المعارف والتأليف.

يميز هذه الدورة اختيار إيطاليا ضيف شرف، حيث يعرض 12 ناشر ايطالى أحدث الإصدارات، وتمثل صناعة النشر الإيطالية رابع أكبر صناعة نشر على مستوى أوروبا، سواء من حيث القيمة او من حيث العناوين المنشورة، وبلغت نفقات سوق النشر الإيطالى، كما يقول السفير الإيطالى أميدو سكاريا 3,4 مليار يورو وتم نشر 81 ألف و892 كتابا مطبوعا و49 ألف و962 كتابا رقميا خلال العام 2021.. وأضاف أن الدول العربية تستحوذ على 4% من صادراتنا، ويبيع الناشرون الإيطاليون 400 عنوان إلى الدول العربية سنويا وتحظى كتب الأطفال والشباب بأكبر قدر من الاهتمام.

وكما جرت العادة كل عام تم توزيع جوائز معرض الشارقة الدولى للكتاب وجائزة ترجمان، أكبر جوائز الترجمة على مستوى العالم "1,4 مليون درهم إمارات" وفاز بها المعهد الإيطالى عن ترجمته «الإلياذة» لهوميروس.

ولم تفز مصر على غير العادة بأى من جوائز المعرض أو جوائز «إتصالات» لكتب الطفل باستثناء فوز دار نشر العالية للتوزيع والنشر بجائزة أفضل كتاب مصور لفئة الطفولة البكرة عن كتاب « مملكة القناديل». 

ويشهد المعرض انطلاق الدورة الثانية من القمة الوطنية للمكتبات خلال الفترة بين 6-7 نوفمبر فى مركز إكسبو الشارقة، بمشاركة 30 دولة، وفى الفترة بين 8-10 نوفمبر المقبل، ينظم المعرض الدورة التاسعة من «مؤتمر الشارقة الدولى للمكتبات»، واللتين تنظمهما هيئة الشارقة للكتاب بالشراكة مع جمعية المكتبات الأمريكية.

ويخصص المعرض جناحاً لعرض تجربة وإبداعات الشاعر الفلسطينى محمود درويش، من خلال «مؤسسة محمود درويش» حيث تُعرض مؤلفاته وأعماله الشعرية والنثرية، بالإضافة إلى شاشة عرض تبث فيلماً وثائقياً قصيراً عن حياته، ومقاطع من القصائد التى ألقاها بصوته.

وفضلاً عن تنظيم المشرفين على الجناح عدداً من الحوارات المفتوحة مع زوار المعرض لتسليط الضوء على أهمية المبدعين العرب ودورهم فى إثراء الحياة الثقافية على المستوى العربى والعالمي، وتكريماً لذكراهم.

ولأول مرة فى تاريخه، برنامجاً ثقافياً وأدبياً يحتفى بأدب المهجر وروّاده الذين أثروا المعرفة الإنسانية وأسهموا فى ربط الحضارة العربية مع العالم، ضمن منصة «كتَّاب المهجر»، حيث تستضيف كوكبة من المبدعين من أبرزهم البروفيسور اليمنى حبيب عبد الرب سروري، خبير الذكاء الاصطناعى فى قسم الهندسة الرياضية بالكلية القومية التطبيقية فى جامعة النورماندى بفرنسا.

بمشاركة 200 ناشر من الوطن العربي، نظمت هيئة الشارقة للكتاب، ضمن مبادراتها التى سبقت الدورة الـ12 من مؤتمر الناشرين، «برنامج التدريب المهنى للناشرين العرب» بالتعاون مع «كلية الدراسات المهنية بجامعة نيويورك»، فى غرفة تجارة وصناعة الشارقة.

وتضمَّن البرنامج ورشتين تدريبيتين ناقشتا الخطوات التى يمكن من خلالها لشركات النشر الصغيرة والمستقلة أن تطور أعمالها، والأساليب التى تمكِّن الناشر من توسيع نطاق عمله واستهداف جماهير القراء من مختلف الثقافات، خاصة فى وقت تضاءلت فيه المسافات وأسهمت التقنيات الحديثة من ازدياد التقارب بين الشعوب.

ويهدف البرنامج إلى تزويد الناشرين العرب بأفضل الممارسات العالمية والخبرات الرائدة، التى تضمن مواكبة التطورات المتسارعة فى مجال صناعة وتسويق الكتاب والمحتوى المعرفى عالمياً، وإمدادهم بخطط وسياسات التواصل مع الموزعين الدوليين، وآفاق تطوير القطاع بما يتلاءم مع التقنيات والأساليب الحديثة فى نشر المعرفة والوصول إلى القراء.

اقرأ ايضا | سلطان القاسمي يفتتح الدورة الـ 40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب