رحـلة العائلة المقدسة إلى مصر
رحـلة العائلة المقدسة إلى مصر


إسحاق إبراهيم عجبان يكتب: رحـلة العائلة المقدسة إلى مصر.. تأثيرات حضارية

أخبار الأدب

السبت، 07 يناير 2023 - 02:09 م

مع بداية القرن الأول الميلادى، تباركت أرض مصر بقدوم العائلة المقدسة إليها قادمة من بلاد فلسطين، وفي رحاب وادى النيل، وفوق روابى ووديان أرض مصر الطيبة، وعلى ضفاف نيلها العـظيم، وجدت العائلة المقدسة الأمان والحماية.

واستقبلت مصر فى وقار وإجلال وترحاب أعظم زائر فى تاريخها كله. ومنحت العائلة المقدسة البركة لأرض مصر وشعبها «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ» (إش 19 : 25)، وكان مجىء السيد المسيح مع أمه العذراء ويوسف النجار هو أعظم حدث فى تاريخها كله، وكان لهذه الرحلة المباركة  في أرض مصر تأثيرات روحية وحضارية وإنسانية.

وأعقبها تراكم تراث ثقافي وفكري، وتراث تاريخي وأثري وفني زاخر بالتنوع والامتداد، ليس لدى المصريين فقط بل لدى الكثير من شعوب العالم وبين الثقافات المتعددة فى الشرق والغـرب.


وصارت رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر من المميزات والبركات الفريدة التي تتفرد بها بلادنا مصر أرض الكنانة، أرض اللوتس والبردي، مصر المحروسة بقدرة الله.

والتي قدمت الملاذ والحماية منذ القديم لكل من جاء إليها عــبر العـصور، وما زالت مصر بوابة الشرق هي الحامية والحارسة لمبادئ التعايش السلمي وقيم السماحة والتسامح وقبول الآخر وضيافة الغرباء.

وعلي أرضها تعايشت الثقافات والحضارات معـاً رغم تعددها وتنوعها، لقد جمعت مصر بين الثراء الروحي والزخم الفكري والتراكم الحضاري والابتكار العـلمي والإبداع الفني في بوتقة واحدة. 

وجاء الرحالة وزوار الأماكن الدينية من بلاد عديدة ومن جنسيات متعددة إلي مصر، يتباركون من آثار العائلة المقدسة بها، مما جعلها مقصدًا وهدفاً للزائرين والرحالة والسائحين، يدخلون إليها ويتجولون فيها في أمن وأمان واطمئنان، ويتركون لنا كتابات ومذكرات ومؤلفات عن رحلاتهم وجولاتهم في مصر أم الدنيا.


بلا شك أن رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر هي من أهم الركائز الأساسية للحضارة القبطية حيث أنها أعطت لهذه الحضارة عمقًا ورسوخًا واستمرارية، لأن السيد المسيح بذاته جاء إلي ارضها وباركها.

وتحطمت أوثان مصر خلال زيارته لها، وبهذا بدأ التغيير العقائدى والفكرى من المعتقدات الوثنية إلي  بزوغ الإيمان المسيحي بالله الواحد، وكأنه بيديه المباركتين يطهر أرض مصر من الوثنية، ويضع حجر الأساس للكنيسة المصرية، ويفتتح الصفحة الأولي في قبولها للإيمان المسيحي.

وأصبحت كنيسة مصر منذ بزوغ فجر المسيحية هي الحاضنة للإيمان القويم، وصار لهذه الزيارة أصداؤها القوية على مر العصور والسنين، في مصر بصفة خاصة ولدي شعوب الأرض قاطبة بصفة عامة، وأخذت أرض مصر مكانتها بأنها الأرض التي قدمت الملاذ والملجأ والحماية للسيد المسيح والعائلة المقدسة.

ومنذ وقت مبكر في تاريخ المسيحية أقيمت الكنائس والأديرة علي امتداد مسار العائلة المقدسة في أرض مصر، مما اعتبر من عوامل نشأة وتجمع واستقرار لمجتمعات بشرية وتجمعات عمرانية ارتبطت ببعض مواقع ومحطات هذه الرحلة المباركة.

وما تبع ذلك من تأثيرات جغرافية وديموجرافية وحضارية .. وكان لرحلة العائلة المقدسة تأثير علي تسمية بعض البلاد والأماكن التي مرت بها، واستطاع الشعب المصري منذ القرون الأولي للمسيحية أن يتمسك ويتشبث ويدافع عن أرضه المباركة التي تقدست بزيارة السيد المسيح والعائلة المقدسة إليها.

واعتبر ذلك بركة خاصة لأرض مصر، وترسخ في وجدان الشعب المصري مكانة وقيمة ارض مصر المباركة والكنيسة القبطية المجيدة .. وكانت للرحلة المباركة تأثيراتها علي جوانب الحضارة القبطية ومنها: الأيقونات والأعمال الفنية الخاصة بهذه الرحلة.

ومن النادر أن تجد فنانًا قبطيًا ليس له عمل فني خاص برحلة العائلة المقدسة، وأيضًا كتابات الأدب القبطي من الميامر والمخطوطات والنصوص المكتوبة باللغة القبطية اوجدت كتابات أدبية باللغة القبطية خاصة بهذه الرحلة، وترجم جزؤ كبير منها إلي اللغات السريانية والحبشية والعربية واللغات الحديثة.

وأيضًا الألحان والمدائح والقراءات والطقوس الكنسية المرتبطة بهذه التذكارات والمناسبات، إلي جانب الاحتفالات الشعبية السنوية في مناسبات وتذكارات رحلة العائلة المقدسة، والاكتشافات الأثرية للكنائس والأديرة المرتبطة بمسار الرحلة، والتصميمات والطرز المعمارية القبطية المستوحاة من تاريخ وآثار الرحلة .. كل هذه جوانب للحضارة القبطية ارتبطت بهذه الرحلة المباركة.

اقرأ أيضًا | بعثة مصر بالأمم المتحدة تشارك في قداس عيد الميلاد بالكنيسة الأرثوذوكسية بجنيف


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة