الشاعر محمد السيد خير
الشاعر محمد السيد خير


10 شعراء فى يوم اللغة العربية| محمد السيد خير: أنا «ملك الارتجال».. وانتظروا «مقاماتى»

عبدالهادي عباس

الأربعاء، 11 يناير 2023 - 02:45 م

فى ختام احتفال المجلة بيوم اللغة العربية، والذى قدمت على هامشه مجموعة شعراء شباب من مدارس مختلفة وأصوات معبرة عن ذاتها، إذ تختتم «آخرساعة» ملفها المسلسل بتقديم تجربة الشاعرين همام صادق عثمان ومحمد السيد خير، ويقدم كل منهما تجربة شعرية تضيف إلى تجارب الشعراء الشباب فى مصر، ليعيدا مع العديد من الشعراء الشباب إعادة تشكيل المشهد الشعرى المعاصر.

شاعرٌّ مصريٌّ ولدتُ فى محافظة الغربية. درستُ اللغة العربية وآدابها فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وقد كانت رغبتى الأولى بعد الثانوية العامة، فلقد شغلنى الأدب عامةً، والشعر خاصةً، طيلة الأعوام السابقة، حتى كانت أولى قصائدى المنشورة بعنوان (جِرَاحُ الشِّعر)، وقد كنت وقتها بالفرقة الأولى فى دار العلوم.

انتبهَ إلى المَلَكةِ الشعرية عندى أساتذتى فى الدار، منهم الأستاذ الدكتور: عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام)، والأستاذ الدكتور: عبد الصبور شاهين، عليهما رحمة الله، ومن هنا كانت انطلاقتى عملًا بنصائحهما أن أكون مختلفًا. أرى أن الشعر هو الروح التى بُثَّتْ فيَّ لتأخذَ حياتى إلى عالمٍ مُحَلِّقٍ فى سماوات الله والحب والجمال.

لم يفارقنى الشعر منذ اصطفانى حتى صرتُ أتنفسه لأحيا، أفرح فأكتب شعرًا، أحزن فأكتب شعرًا، أغمض عينى فيتمثل الشعر فيها عالمًا فيروزيًّا، وبساتينَ ذات عبقٍ لا مثيل له. تَحْمِلُنى أجنحةُ القصيدة إلى عالم متسع الآفاق، متعدد الرؤى، عالم تخلقه القصيدة لأكون أنا ربُّ عرشِه، وهذا ما أطمح إليه. أرى أن الشاعر هو ضميرُ أُمتهِ، ومرآة عصره، وليس بمعزلٍ عن قضايا عصره؛ لأننى أؤمن بأن الأدب هو السبيل لعلاج كثير من القضايا المتنوعة فى وطننا. 

اقرأ أيضًا | شعراء فى يــــــــــــوم اللغة العربية l عبدالرحمن الطويل: لا أهتم بصراعات الشكل

اتسعتْ دائرة الشعر عندى لتشمل كل أغراض الشعر التى عرفها الشعراء القدماء، فلم يتوقف جَوَادُ شِعرى عند غرضٍ معين، فتمازجت بين الوصف والغزل والمدح والرثاء والفخر والتصوف والزهد والحكمة والفلسفة، وغيرهم، والأهم أننى أطرح جانبًا كل قراءاتى السابقة لأكتب ذاتى التى تتفاعل مع روح الشعر فى إطارٍ غير ذى تكرار. كتبت لابنتى (جَنَى) عدةَ قصائد أرتقب إصدارها قريبا فى ديوان خاص عن علاقة الأب بابنته، وقد اخترت له اسم (جنى الشعر).

نسجتُ قصائدى على بحور الشعر كلها، لأن الشاعر الحق لا يرهقه وزنٌ أو قافية، فتنوعت البحور والقوافى كالماء العذب السلسبيل، يجدد بعضه بعضًا. مما أؤمن به فى شعرى مكانةُ المرأة المقدسة عندي، فجاء غرض الغزل مقدِّسًا المحبوبةَ فى أشعاري، حيث أوليتُها قدسيةً خاصةً، ولذلك أسميتُ ديوانى الأول (قطوف).

وهو ديوانٌ أشدو فيه بالحب والأمل والخير، فجاء الديوانُ دعوة لما شدوتُ به، فالمحبوبة هى النور السماوي فى غياهب الظلمات، وهى الدليل فى المسير، وهى النبض الشادى بالحياة فى قلب المحب الصادق، فلا يدنو من مقامها دانٍ، ولا تغفلُ عنها ساعاتٌ أو دقائقُ أو ثوانٍ. لى رؤية فى الغزل تتركز حول الصدق، فلا أعرف للتكلف طريقًا، ولا ألتفت إلى متصنعى التجربة الشعرية، فالقصيدة تكتبنى كيفما صدح الهوى فى القلب بين ارتقابٍ واقتراب.

أرى أن الارتجال من الملكات التى آثرنى بها الشعر، وقد أطلق عليّ لقب (ملك الارتجال) من الأستاذ الدكتور: سليمان العطار، عليه رحمة الله، وهكذا الأستاذ الدكتور: محمد عليوة، والأستاذ الدكتور: أبو اليزيد الشرقاوي، أستاذَى الأدب بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. وقد تطرقتُ إلى (فن المقامات) فى محاولةٍ جادةٍ لإحياء هذا الفن الذى يعد بحقٍّ من أسمى فنون العربية، وقد جاءت محاولتى مجددةً له، حيث مزجتُ بين النثر والشعر الارتجالى المعبّر عن فحوى ما أتناوله من قضايا متنوعة، فى ثوبٍ يجذب القارئ إلى هذا الفن العتيق.

وأنا بصدد إصدار كتابى الأول (مقامات ابن خير). وأرى أن القصيدة العربية قادرة على تهذيب النفس، وترويض كل الصعاب التى يواجهها الشاعر، وكلما انتهيت من قصيدة نادتنى أختها: أن هلمَّ إليَّ. وأؤمن أن الشاعر يكتب روحَه، ويغزل مكنوناته، وأن الشاعر المطبوع يستطيع أن يخترق القلوب دون أدنى مقاومة. كما أسعى لإعادة الجمهور إلى القصيدة العربية الفصحى، سواءً كانت عمودية أو تفعيلة، فالشعر هو ديوان العرب الأول.

أؤمن أن الشاعر صاحب رسالة عظيمة، وأن الشعراء المطبوعين هم البقية الباقية من ميراث النبوة، وأن من الشعر ما يصدق فيكاد يذهب بالألباب، وأن الشاعر الحق هو الذى يسمو بقارئه إلى سماواتٍ لا حدود لها من الخير والحب والجمال.

عيناكِ مهدُ الصباح
لَلصُّبْحُ إنْ لمْ تُطِلِّى بِالضِّيَا خُدَعُ
والشمسُ أكذوبةٌ والزهرُ مُنْخَدِعُ
عَيْناكِ مَهْدُ الصَّباحِ الغــرِّ سيدتي
وَالْكَوْنُ  راهِبُها  والقلبُ  مُتَّسَــعُ
يَسْتَافُ منكِ أريجَ النـورِ مُشْرِقَةً
وَقَدْ  تَـدَثَّـرَ  فى  أَهْدابِهِ  القَــزَعُ
صَحْوٌ مُحَيـَّاكِ منهُ الوردُ مُقْتَبَسٌ
تَــوَّاقَةٌ غُصـُـنٌ  ما مَسَّــها  شِبَــعُ

كَمْ  أَرَّقَ  الطَّيْرَ  يا مَــوْلَاتِهِ  سِنَةٌ
وَكادتِ  الروحُ  مِن أضلاعِهِ  تَقَعُ
حتى صَحَوْتِ فتَشْدُو الرُّوحُ عازفةً
مِنَ التَّبَسُّمِ  لَحْنًا  يَشْتَهِى  الضَّلَعُ
هَاتِى أَثِـيرَ أغانى الصُّبْحِ ساحرةً
إنَّ البـلابلَ  فى  البُستانِ  تَنْتَجِعُ
تَحْكِى إلَى النهر أَصْداءً مُمَوْسَقَةً
يكادُ مِن رِقَّـةِ الأصـداء يَضْطَجِعُ
وكَمْ سَطَتْ أمنياتٌ طالَ مَطلبُها
وفى سَبيـلِ الأمــانى فهْوَ يَنْدَفِعُ
مِرآتُهُ الشـوقُ يغـزو قلْبَهــا أَمَــلًا
أَنْ تَنظُرى وَمْضَةً والقلبُ مُنْصَدِعُ
فَتَسْتَحِـيل بِعَيْنَـيْكِ التى بَـزَغَتْ

ذَرَّاتُــهُ  لُـؤلُـؤًا  عُنْقـُودُها  الْـوَرَعُ
حبيبتى استيقظى فالأرضُ شاحبةٌ
والجـــاذبية أَدْهَى شَرْعَها الوجعُ
أَذْكَى رُقَــادُكِ فى قَـانُونِها  قَلَقــًا
كأنهـا الْمُهْــرُ  طَــوَّافٌ بـه الزَّمَــعُ
فُضِّى الْكَرَى وَأَبِيحِى الصبحَ سَيِّدَتِي
إنَّ الْحَيَــاةَ عَلَى خَـدَّيْكِ تُبْتَــدَعُ
ماذا تــراه إذا ما نِمْتِ ينْشُـرُها؟!
فَاسْتَيْقِظِى وُثِّقَتْ فى عِشْقِكِ الْبِيَعُ


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة