صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه


أحمد دياب يكتب: جدتى

أخبار الأدب

السبت، 14 يناير 2023 - 04:10 م

كل صباح كانت جدتى تطبخ لنا الضوء تنتظر خبز الشمس يخرج من فرن الكون كانت تخلل الغيمات فى علب الصفيح وتغنى فى السنين العجاف كانت تخزن السنوات القديمة
فى آخر غرفة بالبيت.

وتحذرنا ألا نقترب منها
تقول خلف الباب
يوجد عفريت
يحرس الجبن والعسل
كنت أضع أذنى ولا أسمع شيئا
تربط المفتاح فى ثوبها الأسود
من الداخل
ينام على رئتيها كحارس عقار
مرة تركت الباب مواربا
دلفت خلفها دون أن ترانى
فى البدء لم أر غير أشياء
على هيئة أشباح
عتمة بالكاد
رأيتها تنحنى لترص الجبن
تعلق أوانى السمن الفخارية
على الحيطان القديمة
هنا ملابس وأحذية مهترئة
ماجور الفخار الكبير يقال إنهم
أقعدونى كالأمير فى الصغر
وجاء الحلاق وختتى
من يومها وأنا لا أحب المواجير
والحلاقين
هنا أوعية نحاسية صدئة
إبريق ألمونيوم
أذكر كنت أصب على
أيدى «المعازيم» ليغسلوا أيديهم 
فى المناسبات والأعراس
أقدم لهم البشكير المعلق على كتفي
هنا عناكب مقيمة إقامة دائمة
تتسلق خيوطها بأمان تام
عتمة باردة تصلح للنوم
فى قيلولة الصيف
جدتى بلا ملامح
كمخزنها ليس به نوافذ
عيونها الغائرة كبئرين مطمورتين
تجاعيد وشم على ذقنها
كخاتم زمنى عتيق
كانت رهبة سرية غامضة
قلت يا جدتى
لم تلتفت
كررت يا جدتى
أين العفريت؟ أنا كبرت قالت أعلم ولذا تركت الباب مواربا هذه المرة وقفت تكلمنى كمرشدة سياحية تشير على الزوايا بإصبعها
وكأنها أمام أثر فرعونى تقول: هنا تزوجت جدك هنا أطعمتكم هنا خزنت لكم الأحلام  كنت أخاف عليكم الجوع فى السنين العجاف.

اقرأ أيضًا | صلاح جاهين.. أوراق قديمة منسية


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة