لقطة من الفيلم الأسترالى «شايدا»
لقطة من الفيلم الأسترالى «شايدا»


الأنظار تتجه لصناع السينما المستقلة..

110 أفلام من 28 دولة تتنافس في مهرجان «صندانس»

هويدا حمدى

الثلاثاء، 24 يناير 2023 - 06:14 م

في واحدة من أجمل الولايات الأمريكية، يوتاه، حيث الطبيعة الخلابة التي أكسبت سكان الولاية عشقا للجمال والفن والحياة، يقام مهرجان صندانس السينمائي الدولي التاسع والثلاثين، المهرجان الأمريكي الأبرز والأهم، والذي يعود واقعيًا بعد عامين من إقامته افتراضيًا بسبب الوباء.

وقد يكون الغياب سببا في الحفاوة الشديدة من شباب بارك سيتى حيث تقام العروض، متطوعا لدعم المهرجان وضيوفه من العالم شرقا وغربا يجمعهم حب السينما، والشغف بكل ما هو جديد لدى صناع السينما المستقلة، الحوارات والنقاشات التى لا تنتهى داخل وخارج القاعات، رغم البرد القارس، والثلوج التى تغطى الجبال محتضنة مدينة بارك سيتى والمهرجان، إلا أن صدق المشاعر، والحماس والحركة الدائمة، تتناغم مع الطبيعة لتزيدها بريقا، وتمنحك دفئا، وشوقا لقاعات العرض المبهرة، وحميمية المشاهدة الجماعية التى تضيف لشريط السينما جمالاً.

منذ افتتاح المهرجان الخميس ١٩ يناير والذى يمتد لعشرة أيام، والحماس لا ينتهى، خلية نحل فى كل مكان، بارك سيتى، وسالت ليك العاصمة، العروض فى المدينتين، ويتيح المهرجان المشاهدة أون لاين أيضا، لتوسيع القاعدة وإتاحة أفلام وبعض فعاليات المهرجان لمن لا تسمح له ظروفه بالحضور، تنظيم مبهر بلا أخطاء تقريبا، وبرنامج دقيق احترافى، يتيح لك مشاهدة ما تريد، ومتابعة الحوارات والنقاشات حول السينما ومستقبلها وقضاياها الخاصة، بقلب وعقل مفتوحين يستوعبان كل الأفكار والثقافات بلا حدود أو عنصرية..

فى صندانس لن تجد إبهار النجوم واستعراضات أحدث صيحات الموضة فى الأزياء والمجوهرات، لن تجد سجادة حمراء أو خضراء، لا مجال هنا للبهرجة والأضواء، النجوم هنا فى كل مكان، يشاهدون ويلهثون مثلك مهرولين بين القاعات، جاءوا بصحبة أفلامهم، يناقشون ويستمعون ويبحثون عن دعم، إنه سحر السينما الذى لا يقاوم.

يعرض المهرجان حوالى ١١٠ أفلام، أكثر من نصفها بتوقيع مخرجات (٥٦٪)من الأفلام إخراج امرأة )، وفى المؤتمر الصحفى العالمى للمهرجان صباح الخميس أكدت جوانا فيسنتى المدير التنفيذى لمعهد صندانس أن المهرجان هذا العام يضم أعلى نسبة من المهرجات فى تاريخه.

إيميليا كلارك نجمة الافتتاح

الخميس، أول أيام المهرجان، شهد فيلم الافتتاح « The Pod Generation» «جيل الكبسولة» للمخرجة صوفى بارث حضوراً كبيراً، رغم موضوع الفيلم الغريب، حول زوجين رجل أسود وامرأة بيضاء يعيشان حداثة مذهلة، بيتهما وعملهما وكل تفاصيل الحياة مذهلة ومتطورة، تدار من خلال أبلكيشن يجعل كل شىء سهلا، يقتنعان بفكرة الإنجاب من خلال التلقيح فى كبسولة تشبه بيضة كبيرة، ورغم عدم قناعة الزوج أولا، إلا أنه يقبل الفكرة، لتتصاعد أحداث هذا العالم العجيب، الفيلم بطولة إيميليا كلارك وتشويتل إيجيوفور، واللذين حضرا العرض مع ضيوف وجمهور المهرجان الذى تزاحم أمام القاعة رغم الثلوج التى تتساقط بشكل مستمر للترحيب بالنجمين، وفى مؤتمر صحفى عقد بعد العرض، قالت النجمة الشابة الجميلة إنها «سعيدة بوجودها فى مهرجان صندانس للمرة الأولى، فهو الحدث الأهم بالنسبة للسينما المستقلة التى يجب على الجميع أن يتكاتف لتبقى حية»

شايدا

فى اليوم الأول للعروض لقى فيلم «Shayda» إقبالاً كبيراً، وهو الفيلم الأول للمخرجة الإيرانية الاسترالية نورا نياسارى، الفيلم تدور أحداثه حول قضية العنف ضد المرأة، من خلال أم إيرانية تهرب بابنتها الصغيرة لملجأ بأستراليا للنساء اللاتى تعرضن للعنف الزوجى، الزوج لا يكف عن تهديدهما وملاحقتهما فى كل مكان، يحول حياتهما لكابوس حقيقى، حتى ينتهى الفيلم بإيداعه بالسجن، فى المؤتمر الصحفى قالت المخرجة إن الفيلم مستوحى من قصة حياة والدتها التى هاجرت لأستراليا وانفصلت عن أبيها الذى مارس العنف ضدهما كثيرا، كما تحدثت نجمة الفيلم والتى لعبت دور الزوجة المعنفة زارا أمير الإبراهيمى فقالت، إنه فيلم شخصى، لكن ينسحب على نساء كثيرات».

الفيلم إنتاج الأستراليين، النجمة كيت بلانشيت وزوجها المخرج أندرو أستون، وهو ليس الفيلم الوحيد فى المهرجان الذى يتعرض لقضايا وهموم المرأة الإيرانية، والتى تخوض الآن ثورة ضد النظام المستبد فى إيران ويتضامن معها الفنانون فى كل مكان.

أنيماليا

فى اليوم التالى برز فيلم «أنيماليا» للمخرجة المغربية الفرنسية صوفيا العلوى، التى كانت حديث الجميع، لفيلمها الرائع، والذى يتعرض لقضية الصراع الطبقى فى المجتمع المغربى بسلاسة شديدة، وعبر مشاهد صادمة تعكس الهوة الساحقة بين طبقتين، الأثرياء والفقراء، من خلال زواج فتاة بسيطة من أحد أفراد الطبقة المحظوظة بالمال والنفوذ، تقودها الظروف لرحلة غريبة نكتشف معها ماهية الحب والأمومة، والدين وعالم الروحانيات المسيطر على جانب كبير فى المجتمع المغربى، قدمت المخرجة فيلمها بإيقاع سريع صاخب، ونجحت فى الاحتفاظ بانتباه المشاهد حتى اللحظات الأخيرة، رغم غرائبية العالم الذى تقدمه على المشاهد الأمريكى، الفيلم هو الروائى الطويل الأول للمخرجة التى سبق أن فازت بجائزة لجنة التحكيم الكبرى لمهرجان صندانس عام ٢٠٢٠ عن فيلمها القصير « So What if the Goats Die» ، فى المؤتمر الصحفى للفيلم ، قالت العلوى «لقد غير صندانس مجرى حياتى، لذلك أشعر بانتماء، وسعادة بالغة لهذا المهرجان الذى يدعمنى كما يدعم كل صناع السينما المستقلة».

٥ مواسم من الثورة

أول أمس كانت المفاجأة الفيلم الوثائقى الرائع « ٥ مواسم من الثورة » وهو الفيلم الأول للمخرجة لينا الجيرودى، والتى بدأت باحتفال لهبوب رياح ثورات الربيع العربى على دمشق لإسقاط النظام السورى، ثم أخذتنا معها لتطورات أدت فى النهاية لنتيجة غير مطلوبة أو متوقعة من الثائرين الحالمين بمستقبل أفضل، فكانت الصراعات أقوى من الأحلام، تغزل المخرجة الموهوبة الخيوط من خلال وقائع وذكريات عاشتها سواء شاركت فيها أو اكتفت بدور الراوى.

وهكذا سيطر النساء على الأيام الأولى من المهرجان التى بدأت باحتفال بالحضور القوى للمرأة كصانعة أفلام حضره عدد من النجمات منهن داكوتا جونسون التى تحدثت عن تجربتها فى السينما ومحاولة حصرها فى أفلام بعينها حتى قررت خوض مجال الإنتاج وقالت جوانا فيسنتى «ما أجده مثيرا حقا، هو أننا لم نقرر العثور على أعمال من إخراج النساء، شرعنا فى العثور على القصص الأكثر إثارة وإقناعا وأهمية ، فكانت معظمها بالصدفة لمخرجات».

ومازلنا نتابع الحياة بمنظور نسائى فى كل مكان.

إقرأ أيضاً|عرض ثان لفيلم «آل فابلمان» ضمن فعاليات القاهرة السينمائي

 

 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة