حجاب وزين
حجاب وزين


الشاعر زين العابدين فؤاد: يتذكر 

أخبار الأدب

السبت، 11 فبراير 2023 - 02:10 م

جمع مشوار الحياة والكتابة والنضال بين الشاعرين الكبيرين سيد حجاب وزين العابدين فؤاد عندما التقيا فى مطلع الستينيات وربط بينهما حبل الشعر وعشق القصيدة وامتد بهما الطريق إلى اللحظة الأخيرة حيث سبق حجاب إلى هناك.. إلى الخلود.. إلى عالم الحقيقة بعد أن قضى عمراً يسبح فى الخيال، يقاوم القبح ويزرع الجمال، أما الشاعر زين العابدين فؤاد أمد الله فى عمره فيتذكر اليوم معنا محطات فى رحلتهما معاً:

لويس عوض ودار الكتب
يحكى عم زين عن أول لقاء بينه وبين سيد حجاب منذ ما يزيد على ستين عاما فيقول: التقينا عام 61 وكان سيد حجاب يدرس الهندسة فى جامعة الإسكندرية ولكنه اختار قسم «التعدين» لينقل حياته للقاهرة.

والتقينا كأننا أصدقاء من عمر فات ووجدت بيننا الكثير من المشتركات منها عشق الموسيقى الكلاسيك والفن التشكيلى وغيرهما.. وجمع بيننا السحر الذى أصابنا معا من مقدمة ديوان «بلوتولاند» للويس عوض عن العامية المصرية.

وحتى إننا ذهبنا إلى دار الكتب فى باب الخلق، كل منا بمفرده وبدون اتفاق، ونسخ كل منا بدون علم الآخر مقدمة الكتاب بخط اليد لأنه كان قد طبع عام 48 ولم يعد موجوداً وقبله كان جيلنا كله يكتب الفصحى وهذا الديوان كان سبب عشقنا للعامية. 

 

 


لقاء 25 يناير الذى لم يتم
وكنت خارج مصر واتصلت بحجاب لأطمئن عليه قبل سفرى لعلمى بمرضه وعندما عدت 22 يناير 2017 وقبل وفاته بثلاثة أيام اتصلت به فلم يرد ونبهتنى السيدة زوجته أن أحادثه على الواتس لأنه لا يستطيع الكلام فكتبت له وأنا فى المطار أخبره بنيتى فى الحضور للمستشفى فرد: «لا ارتاح من السفر ونتقابل 25 يناير» فوافقت ولكن جاء الموعد فى المسجد لصلاة الجنازة على روحه.

اكتشافه لشاعر سريالى صعيدى
كان سيد حجاب قريب العلاقة جداً بصلاح جاهين بعدما قدمه الأخير فى باب «شاعر جديد أعجبنى» ولما كان جاهين يتلقى الكثير من الرسائل من الشعراء فى الباب الذى كان يشرف عليه فى مجلة صباح الخير، فقد كلف سيد واستأمنه ليساعده فى قراءة الرسائل وانتقاء القصائد الصالحة للنشر.

وكان منها قصيدة للأبنودى أرسلها بعنوان «مجنون» فوجده حجاب شعراً سريالياً لافتاً ومختلفاً عما يرسله شعراء الصعيد وبقية الأقاليم فجرى على صلاح جاهين قائلاً: وجدت شاعراً سريالياً صعيدياً.

وكانت تلك المرة الأولى التى تنشر قصيدة للأبنودى ولما حضر الأبنودى للقاهرة مجنداً بعد ذلك حضر فى دار الأدباء فأخذه حجاب وذهب به لجاهين.


محطة إيزافيتش
استمرت لقاءاتى أنا وهو والأبنودى بشكل شبه يومى على مقهى إيزافيتش فى التحرير الذى لم يعد له وجود الآن، نُسمِع بعضنا القصائد الجديدة التى نكتبها واستمر التواصل اليومى حتى عام 66 حين قبض عليهما فى الظروف السياسية التى مرت بها البلاد فى تلك الفترة. وبالمناسبة مقهى إيزافيتش كان مقر اعتصام الطلبة فى 71 وله دور كبير فى حركة أبناء جيلنا من المثقفين والمناضلين.


الأبنودى يقدم حجاب للإذاعة
وإذا كان حجاب هو الذى قدم الأبنودى لجاهين واختار قصيدته مجنون للنشر فإن الأبنودى هو الذى أخذ نصوص جيلنا ومنا حجاب مع فؤاد قاعود وأنا وعبد الرحيم منصور وقدمها للجنة النصوص بالإذاعة حيث اعتمد حجاب كمؤلف أغانٍ فى الإذاعة المصرية بعد اعتماد نصوص الأغانى من اللجنة المسئولة.


خلاف الأبنودى وحجاب
وبمرور السنوات حدثت فجوة كبيرة بين حجاب والأبنودى ترتكز أساساً على الموقف السياسى لكل منهما وطريقة تعاملهما مع الشعر واستمرت الفجوة فى التزايد حتى مرض الأبنودى وغادر الحياة على ما بينهما من خلاف وقد حاولت تقريب الأمور.

ولكن رحل الأبنودى بغير تصالح مع حجاب رغم أن الأخير يقدر تجربة الأبنودى الثرية جداً وكما أشرنا فحجاب هو الذى قدمه لكن الحياة والكتابة ومواقفها صنعت بينهما مسافة كبيرة.


معاش استثنائى لأسرة نجم
المرة الوحيدة فى حياتنا التى ظهرنا فيها معاً فى برنامج واحد كان عن وفاة نجم وبعدها بشهور اتصل بى حجاب فى أحد الصباحات ليطلب منى الذهاب صباحاً للمجلس الأعلى للثقافة حيث سيحضر رئيس الوزراء ووزير الثقافة فاندهشت.

وقلت له هذا سبب كاف لعدم الذهاب فأخبرنى أنه يريد إحراج وزير الثقافة أمام رئيس الوزراء من أجل استصدار قرار بمعاش استثنائى لأسرة فؤاد نجم! وهذا يوضح الجانب الإنسانى لدى الراحل الذى كان بينه وبين نجم خلافات وصلت لحد القضايا حتى إنه كان قد حصل على حكم نهائى بالسجن على نجم ولكنه تنازل كتابياً والمفاجأة أن نجم سبه مجدداً فى صباح اليوم الثانى مباشرة.


مجلة الاتحاد الاشتراكى
وفى فترة من الفترات تولى سيد حجاب الإشراف على صفحة الشعر فى المجلة التى كان يصدرها الاتحاد الاشتراكى وقد حول تلك الصفحة لمنتدى أو ما يشبه الورشة يلتقى فيه المواهب الصاعدة على طريق الكتابة ومد يده للجميع بالتوجيه والتوعية بدروب الكتابة وعناوين الكتب يدفعهم للقراءة والمعرفة ولذا فقد كانت علاقته قوية جداً بجماعة إضاءة مثلاً.
مسرحية «المخبر».


وبرغم تألق حجاب وشهرته فى كتابة أغانى الأعمال الدرامية فلا بد أن يعرف القارئ أن حجاب كتب المسرح وتألق فيه مبكراً ومما كتب مثلا مسرحية «المخبر» عن عبد الله النديم الرجل الذى نجح أن يعيش متخفياً وسط الفلاحين سنوات طويلة ثم قبض عليه بعدما أخبر عنه أحدهم وسجل حجاب حكاية هذا الرجل الذى أرشد عن النديم وكان هذا مبكراً جداً فى أوائل الستينيات.


تراث العديد المصرى
استفاد سيد كثيراً من تراث العديد المصرى القديم وترى ذلك مثلاً بوضوح فى مفتتح قصيدته «المشنقة» الذى جاء بين علامتى تنصيص ومفتتحها: «يا شمس حلى شعورك السود حلى/ مطرح ما أكون الآهه آه بتجلى، يا شمس حلى شعورك المعقودة ، والله اتحرمنا م السجر والضلى، يا شمس حلى شعورك التناويحى، مطرح ما أكون الآهه ملو الريحى».

وهذا عديد سكن وجدانه من منطقته وبيئته وهضمه سيد ضمن ما هضمه من غناء الصيادين وغيره وتجلى فى أشعاره وقد كان مختلفاً فى شاعريته وتكوينه وبسيطاً جداً فى تعبيره وصياغته.


تلغراف بكلمة واحدة.. «أكتب»
لم يفرق بيننا شىء لكننا عادى ككل الأصحاب ياما أخدنا على خاطرنا من بعض فى بعض المواقف، لكنها مرت. عتبت عليه مثلاً حين تأخر كثيراً كسلاً فى الكتابة لزوجته الأولى إيفيلين وهى فى سويسرا وكنا جميعاً أصدقاء فاشتكت لى حتى فاض بها لدرجة أنها أرسلت له تلغرافاً يحتوى على كلمة واحدة هى «اكتب».

اقرأ ايضاً | انطلاق برنامج فعاليات وزارة الثقافة بالأحياء الآمنة «بديل العشوائيات» | صور

نقلا عن مجلة الأدب: 

202302012

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة