نزار السيسي
نزار السيسي


نزار السيسي يكتب: حالنا ببساطة

أخبار الحوادث

الأربعاء، 22 مارس 2023 - 09:15 م

..جبلت هذه الحياة على المنغصات والعوائق والأكدار؛ هذا قدر ابن آدم غنيًا كان أم فقيرًا.. قويًا كان أم ضعيفًا، في كل أحواله تجده مشغولاً بأمرٍ ما يكابده. ونحن سائرون في دروب الحياة نواجه فيها من المنغصات أو من العوائق ما نواجه، نتحوّل كلّنا فجأة إلى مفكرين وحكماء حينما لا تكون المشكلة تابعةً لنا أو تخصّنا، بل قد يأخذنا العجب كيف لا يتصرف من هو تحت هذا الظرف وهذه المشكلة بهذا التصرف وهذه الطريقة التي يرسمها عقلنا بمنطق البديهيّات!

وكم يُلقى باللائمة عليه لمَ لم يفعل كذا؟! ولم فعلَ كذا!؟

نحن البشر دائمًا ما نغرق في التفاصيل ونغوص في أعماق الأمور وبواطنها.. نعيشها بكلّ جوارحنا، ونشغل كل خلايانا العصبية بها، إلى أن تتشرّبنا الهموم الصغيرة وتشكّلنا ملامحها.. نعيش المشكلة في كل الأوقات، وفي كل اللحظات، ‏نستغرق في الأمر وكأنما هي رمالٌ متحرّكة تجذبنا إليها أكثر وتغرقنا في عمقها حتى نكاد نظنّ أننا لن نخرج! وكأنما توقفت حياتنا هنا... عند هذه المشكلة وهذه الأزمة.فكل لحظات الحياة بجميع أطيافها قد صبغها هذا المارد الكبير الذي ينغّص علينا كلّ شيء ويسلبُ من كل شيء روحه..!

تجده يعمينا عن أجمل ما في حياتنا من نعم بل قد أصبح شريكًا لنا في كل اللحظات.. وفي خضمّ هذا الاستغراق المميت ننسى كل شيء دونه!!!!، فتمرّ حياتنا بكلّ تفاصيلها عبر نفقه المظلم لأنّنا سنراه جاثمًا في كلّ مكان نمرّ فيه حتى في جماليات الحياة سنجده قد حوّلها إلى مشوههة معتمة!

‏فالشيطان يدخل إلينا من بابِ النّعم التي تعوّدنا عليها.. فإذا ما اختلفنا مع أهلنا في الأفكار والمسارات نبدأ بالبكاء على حالنا وعلى حظّنا بأهل لا يفهموننا ولا نتّفق معهم بدلًا من أن نحمد الله ونشكره على نعمة وجودهم في حياتنا وبركة حضورهم ودعائهم على الرغم من الاختلافات..

‏وإذا ما عذّبنا أولادنا فقصّروا أو شاغبوا أو كسّروا.. نبدأ حينها بالتّذمّر والشعور بالاختناق من وجودٍ هو في أصله نعمة! فهل هناك أجمل من ضجيج الأولاد ونعمة وجودهم في حياتنا؟ ومن غير من حُرِمَ منها يعرفُ قيمتها؟!

‏الناس من بعيد ومن خارج هذه البوتقة يتلهفون إلى واقعك ويتمنون لحظةً من حياتك، وأنت بالنسبة إليهم محظوظٌ لأمر هم يرونه فيك…وأنت لا ترى تلك الحياة التي يرون،‏ ولعلّ خطوة الى الخلف أو خطوتين ومن ثمّ النظر من بعيد لما أنت فيه يجعلك تدرك حجم هذا المتعملق الكاذب الذي طالما جثم على قلبك وشوّه كل الواقع والأحداث..‏إن إدراك الشخص وفهمه لحقيقة ما يمرّ به وتقبّله له ولواقعه، هو أول خطوة أساسية للتخلص منه وحلّه.. حتى وإن بدا لك أمرًا أو جدلًا لا حلّ له ولا مناص منه ولا مهرب، فإنّ تقبّله وفهمه يعني تجاوز نصف المشكلة..‏التسليم هو عبادة نتقرّب بها الى الله… فنحن البشر ضعفاء يعترينا النقص ويعترينا القصور والعجز وتملأنا الحاجة الى العليّ القدير دائمًا، أمّا التسليم فإنّه يجعلنا نأوي إلى ركنٍ شديد..‏إذًا لا بدّ أن تُسلّم أمرك الى من له الحكم والأمرُ من قبلُ ومن بعد… سلّمه بعين اليقين والرّضا والشكر والثقة وقل:أفوّض أمري إلى الله.. إن الله بصير بالعباد. ولا تنتظر النتائج، بل عش لذّة التسليم وتوكّل على الحيّ القيّوم..حينها فقط ستشرق روحك.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة