مسلسل جعفر العمدة
مسلسل جعفر العمدة


«رمضان».. جماهيرية عابرة للطبقات الاجتماعية

محمد قناوي

الجمعة، 14 أبريل 2023 - 08:11 م

لا شك أن «محمد رمضان» يملك كل مقومات النجومية، ويعتبر واحدا من أهم نجوم المرحلة، فهو ليس ذلك الشخص الذى ينجح له فيلم أو مسلسل مصادفة، بل هو فنان يعمل على نفسه، ويفكر بشكل جيد ويحاول بقدر المستطاع أن يقرأ القادم، ولديه شجاعة أن ينتقل فى كل عمل يقدمه إلى جوانب أخرى فى شخصيته، فعبر سنوات قليلة تأكد الجميع أنه ليس ظاهرة عابرة، بل هو نجم يمتلك جماهيرية عريضة فى الشارع المصري توجه الجمهور بطلا ونجما بعد أن توحد معه تماما.

منذ بداية الشهر الكريم ظهرت حالة التوحد بين «رمضان» وجمهوره على اختلاف طبقاته الاجتماعية من خلال متابعة مسلسل «جعفر العمدة» وتفاعلوا مع أحداثه وعاشوا مع الشخصية التى يقدمها، كأنهم يعرفونها وتعيش بينهم يفرحون له ويحزنون عليه، ولكننى أتوقف أمام ثلاثة مشاهد تبرز بقوة حالة توحد الجمهورمع بطلهم: 

◄ مشهد 1 : ليل / داخلي

«جمهور كبير فى أحد المقاهى بمنطقة شعبية يشاهد إحدى حلقات «جعفر العمدة» لحظة القبض على جعفر العمدة فى مطار القاهرة وتوجيه اتهام له بجلب كمية من الهيرويين اثناء عودته من بيروت..الوجوه عابسة حزينة لتنتهى الحلقة كأن الجمهور فى سرادق عزاء وحزن على بطلهم. 

◄ مشهد 2: ليل / داخلي 

«مقهى شعبى جمهور كثيف يملأ كراسى المقهى، لحظات ترقب لقرار وكيل النائب العام بعد عرض لقطات داخل أحداث المسلسل تكشف من وضع «الهيرويين» فى شنطة جعفر العمدة فى مطار بيروت، وما إن نطق وكيل النائب العام بقراره باخلاء سبيل «جعفر» من سرايا النيابة، تحولت المقهى لسرادق فرح، الكل يهنئ بعضه البعض ببراءة جعفر العمدة ويتبادلون الأحضان كأنه واحد منهم حصل على البراءة، ولم لا وهم يعتبرونه بطلهم الشعبى وواحد منهم»

◄ مشهد 3 : نهار / خارجي 

شوارع وحوارى مصرية وميادين.. لافتات رفعها الجمهور يهنئون فيها جعفر العمدة بالبراءة «ألف مليون مبروك البراءة للمعلم جعفر العمدة.. مع تحيات أهالى أشمون منوفية».

بدأت حالة التفاعل بين الجمهور ومحمد رمضان فى مسلسله «جعفر العمدة» منذ اليوم الأول من شهر رمضان، سواء فى أحاديث الجمهور فى المناطق الشعببية أوعلى صفحات منصات التواصل الاجتماعى والتى تصدر طوال الأيام الماضية كل التريندات ومحركات البحث، وهذه ليست وليدة اليوم فقد بدأت قبل سنوات عدة.

فقد تمكن محمد رمضان فى سنوات قليلة فى تحقيق جماهيرية منقطعة النظير من خلال الأعمال التى قدم فيها نفسه كبطل، كما أن شهادة الفنان العالمى عمر الشريف بموهبة «رمضان» ساعدته على تخطى حواجز زمنية وعجلت ببروز نجوميته إذ اعتبره الفنان العالمي «رمضان» يمكن أن يكون أفضل منه بكثير، فخمس سنوات فقط بعد هذه الشهادة قدم «رمضان» أول بطولة فى فيلم «الألماني» الذى جسد فيه دور شاب يسكن أحد الأماكن الشعبية ويسعى إلى توفير لقمة العيش بطرق غير مشروعة، ورغم هذه الجماهيرية، لاحقته حالة من الجدل فى كل مرة يقدم عملا تليفزيونيا أو سينمائيا ومؤخرا غنائيا، ولكن فى كل مرة يثار هذا الجدل يخرج منه «رمضان» هو الفائز والأكثر جماهيرية وشعبية.

◄ فلاش باك

فكيف أصبح «رمضان» بطلا جماهيريا؟ بعد ثورة يناير كان الجمهور يبحث عن بطل ورمزعابر للطبقات والشرائح الاجتماعية فى المجتمع المصرى سواء فى الواقع أوعلى الشاشة وأن يكون هذا الرمز حاملا للتناقضات،»الشرير والطيب، القاتل والحنون، والبلطجى الذى يرد الحقوق»ولكى يكون البطل بهذه المواصفات لابد أن يكون خارجا منهم، من الأحياء الشعبية الفقيرة.

هنا ظهر محمد رمضان على الشاشة فى صورة البطل المنتسب لأحلامهم وانتصاراتهم فالتفوا حوله وتوجوه بطلا شعبيا فى أول اعماله كبطل مطلق على الشاشة الصغيرة فى مسلسل «ابن حلال» الذى حقق له النجومية والجماهيرية وجعلته يركب قطارالبطولات فى الدرجة الأولى ليدخل الشاب الذى اشتهر بأسماء أفلامه «الألمانى وعبده موته وقلب الأسد» بطلا متوجا بعد أن راهن على القصة التى يتناولها المسلسل والتى تدور أحداثها فى وقت كانت مصر تعيش حالة من القهر» أواخر حكم مبارك» وتلقى بظلالها على جميع مناحى الحياة ليجسد شخصية مصرية حقيقية جاءت من الصعيد حيث الفقر والعوز وتعرضت للظلم فتحول من الطيبة والسذاجة إلى العنف والانتقام، ومن خلاله قدم نموذجا للبطل الشعبى للفقراء وسكان العشوائيات وتلك شريحة من الجمهور التفت حوله ويصبح بالنسبة لهم الـ «الهيرو».

لم تختلف الخلطة التى أفرزت محمد رمضان طوال أعماله الفنية الجماهيرية سينمائيا وتليفزيونيا فمثلا فى فيلم «قلب الأسد» يقدم صورة البطل المظلوم طوال الأحداث والذى ينتصر لنفسه فى النهاية ويعيش فى منطقة عشوائية فبعد «ابن حلال» يصعد نجم «رمضان» بسرعة الصاروخ ليحقق جماهيرية واسعة داخل مصر وأصبح صاحب الأجر الأعلى بين كل ممثلى جيله، وفى لحظات الزهو طرح نفسه منافسا للزعيم عادل إمام مجاهرا بشىء من الغرور أن إيرادات أفلامه تفوق إيرادات كل النجوم، وهنا يظهر لقب «نمبر وان» الذى منحه لنفسه.

ليأتى عام 2017 ليؤكد «رمضان» شعبيته التليفزيونية بمسلسل «الأسطورة» وهو العمل الدرامى الأول الذى جمعه بالمخرج محمد سامى والذى يشكلان معا ثنائيا فنيا فيما بعد يحصد النجاح والجماهيرية فى كل عمل يجمع بينهما، وفى «الاسطورة» قدم الثنائى عملا حقق نجاحا ساحقا بعد أن فهم «سامى» سيكولوجية جمهور محمد رمضان والذى تتأثر دائما بـ«رمضان» والشخصيات التى يقدمها وبات البطل الشعبى لشباب فى مثل عمره بعد ثورتين وجد نفسه فى مساحة أكبر للحركة والتعبير عن أمور كثيرة لم تكن متاحة فى عهد مبارك، فأصبح النموذج للشباب محدودى الدخل وليس من الطبقات العليا الذين لديهم نماذج أخرى لنجوم يمثلونهم، وأصبح «رمضان» المعبر عن تلك الفئات المهمشة والأسر المكافحة ممن يبحثون عن لقمة العيش وتحسين الأحوال المعيشية وبكل إحباطاتها، وبطلا للشباب بملامحه ولون بشرته السمراء، ونكش ما بداخلهم، وليتحول»الأسطورة» إلى ظاهرة، أكثر منه مسلسلا، بغض النظر عن أنه تمثيل وواقع افتراضى، وبلغ تأثر الجمهور بما قدم فى «الاسطورة» حين طالعتنا صفحات الحوادث بخبر قيام أسرة تجبر زوج ابنتهم على ارتداء قميص نوم أمام الناس للتنكيل به، على طريقة ما فعله بطل الاسطورة ناصر الدسوقى بأحمد عبد الله محمود فى أحد مشاهد «الاسطورة». 

اقرأ أيضًا | محمد رمضان: «جعفر العمدة» تخطى نجاح «الأسطورة» و«البرنس» بامتياز | حوار

لقد أصبح محمد رمضان نجم العشوائيات والمهمشين الأول لأنه شبههم فى الشكل وطريقة الكلام، بجانب ملامحه التى تحمل الشجن، وفى علم النفس الاجتماعى هناك عدة عوامل لكى تنجذب لشخص منها أن يكون قريب الشبه منك وأن يكون مشهورا وأن يكون ناجحا، و«رمضان» حقق هذه المعادلة، أما عن التقليد والهوس بالمشاهير فهذا موجود فى المراهقين فى أغلب دول العالم فنجد الشباب يرتدون التى شيرت المطبوع عليه صورة نجمهم، يتكلمون بنفس طريقة كلامه، يضعون بوستراته، ويقلدون قصة شعره،، لكن مع محمد رمضان الشباب أصبح يقلد شخصية رفاعى الدسوقى وناصر الدسوقى وليس»رمضان» نفسه، يحسب هذا له وليس ضده لأنه جعل الناس تصدق تجسيده لشخصيات دراميا وتتفاعل على أنها شخصية حقيقية. 

استطعم محمد رمضان ومحمد سامى حلاوة نجاح «الاسطورة» فبعدها بعامين قدما معا «البرنس» بنفس المواصفات والخلطة السحرية لنجاح»الاسطورة» ليتربع رمضان على قمة الدراما التليفزيونية مرة أخرى، وبعد «البرنس» افترق سامى ورمضان ليعودا هذا العام بمسلسل«جعفر العمدة» الذى شارك سامى فى كتابته واخرجه، ووضع عليه كلاهما آمالًا كبرى للعودة مرة أخرى إلى قائمة كبار الدراما الرمضانية، بعدما خرجا منها منذ عامين، فقدم رمضان العام الماضى مسلسل «المشوار» الذى لم يحقق أى نجاح يذكر، وكان قد قدم قبله مسلسل «موسى» الذى لم يكن نجاحه على مستوى طموح محمد رمضان الفنى، أما المخرج محمد سامى فكان آخر عمل أخرجه هو «نسل الأغراب» الذى سقط سقوطا مدويا، وبعدها غاب عن المنافسة لمدة عام، لذلك قرر أن يعود للتعاون مع رمضان الذى يعتبره تميمة حظه والنجم الذى يتفاءل بالعمل معه وحققا نجاحا مدويا بـ«جعفر العمدة» جعلته يتصدر مواقع التواصل الاجتماعى منذ بداية شهر رمضان.

محمد رمضان بطل صنعه الجمهور، الذى لا يُجامل، فهو من جعل عادل إمام زعيما للفن حتى الآن، وهو من جعل محمد سعد فى فترة ما فى مقدمة شباك التذاكر وهو أيضا من جعله فى أوقات أخرى يتذيل قائمة الإيرادات، وهو من نصب محمد رمضان نجما مهما، الجمهور لا يكذب فهو الوحيد الذى يقول الحقيقة، لأنه لن يحبك أكثر من نفسه هو فقط يبحث عما يحبه ويحقق له المتعة والسعادة. 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة