د. علاء الجرايحي محلب
د. علاء الجرايحي محلب


بقلم: د. علاء الجرايحي محلب: سياسة الاختطاف.. والمواجهة المنشودة

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 30 أبريل 2023 - 05:23 م

 كنا كغيرنا ننتظر على أحر من الجمر بهجة عيد الفطر وفرحته بشُعلة سعادة غامرة تملأ قلوبنا وتُشبع نفوسنا بعد قضاء فريضة صيام شهر رمضان المعظَّم، ذلك الشهر الذى فيه من الخير والرحمة والبركات ما يسع الأرض والسماء مُجتمعين، وتُطهر فيه قلوبنا من الأغلال والأحقاد، وتسمو عن الضغائن والصغائر، وتُصفَّد الشياطين لتتركنا بعالم مُضىء من نورانيات عبادة الواحد الديان، نتلو كلامه فى شهر نزول الوحى بالقرآن، ونقوم ليله بالذكر والصلوات ربما تُصادفنا ليلة خير من ألف شهر، هى ليلة القدر، بعدما تجردت أجسادنا من شهوات الدنيا واستغنت عن مطامعها، وتم تضييق الخناق على مَردة الإنس المُضللين باجتناب مجالسهم وأحاديثهم والسماع منهم، وحلَّ محلها العبادات والطاعات خلف رجال الأزهر والأوقاف الذين ينشرون صحيح الدين، وأهل الفن الهادف الذين قدَّموا ببراعةٍ أعمالًا فنيةً أكثر من رائعة تناولت مواضيع فى غاية الأهمية؛ منها الأعمال الوطنية التى أصبحنا نراها سُنةً تلو الأخرى، لتجعلنا نرى ما قدَّمه لنا رجال الجيش والشرطة البواسل من تضحيات، وما يفعلونه لأجل أمن وأمان البلاد.

ومما يُذكر ما تناولته الدراما لتثقيف الناس وتبصيرهم برموزهم التى أسهمت فى علومهم، وأخلاقيات الأديان السمحة التى تجلت بوضوح فى شخصيات جليلة يجب التعرُّف عليها عن قُرب صوتًا وصورة لتُغرس مبادئهم واجتهاداتهم القيمة فى النفوس مثل مسلسل رسالة الإمام والذى يحكى مسيرة الإمام الشافعى للفنان المعروف خالد النبوى، ثم قضايا مطروحة على الساحة كالحقن المجهرى، وظهور الفساد فيه من خلال سيئ الضمير الذى غيَّر عينة الحقن لنسبة الجنين إلى نفسه، وقضية أخرى حيوية ومثار خلافٍ كوصاية الجد للأولاد فى مال أبيهم بدلًا من الأم، مع العلم أن الجد من الممكن أن يكون ذا عقلية قديمة التفكير ولا يهتم بتعليم الأولاد، وأيضًا الخلع دون علم الزوج ومعيشة المرأة مع زوجها دون علمه بأنها خلعته وأصبحت لا تحل له، وغيرها من الأعمال التى أصبحت أمورًا موجودة تبحث عن حلٍ، وذلك بعد غياب الدراما المصرية لفترات سابقة طويلة عن دورها المحورى الذى خُلقت من أجله.

لست هنا لأتحدَّث عن نقضٍ فنىٍّ لأنى لستُ متخصصًا، ولكنى أرى بعين المشاهد البسيط قضايا تُثير الاهتمام يتم التركيز عليها والبُعد عن تقليد القصص الأجنبية بأعمالنا الفنية، ومحاولة إثبات أن أهل الحقيقة دائمًا ما ينتصرون، وأن نهاية الباطل سريعة جدًا، وقد انقضى الشهر الكريم بالخير لنفرح بعيد الفطر المبارك، فنرى أن شياطين الجن فُكت أصفادها وانتشر أعوانهم من الإنس فى الأرض؛ لينثروا بذور الفتنة بين الناس، ومن صور ذلك ابتداعهم فى الدين وإقناع عامة المسلمين فى ساحة لصلاة العيد بأن صلاة الإناث أمام الرجال جائزةً بسُنة العيد، ليقتلوا فرحته ويُشككون فى تعاليمنا وفى جهود المؤسستين الدينيتن الكبيرتين الأزهر والأوقاف الواضحة وضوح الشمس للجميع.
 
الصور كثيرة ومُتعددة لذوى الأغراض الخبيثة، كتصويرهم جرائم القتل بالشوارع والنحر على أنها طباع المصريين اليوم، ودس السم فى العسل من خلال السوشيال بنشرهم معلومات كاذبة ومُضللة عن أمور حساسة لا ينبغى التطرق إليها، لأن لها أهلها الذين يُجيدون التعاطى معها، وكلها لحاجةٍ فى نفس يعقوب، وهو ما يعود بنا إلى المربع صفر من جهودٍ بُذلت على مدار سنوات لإصلاح ما أفسده المخربون، لكنهم عادوا يحرقوننا بأيدينا عندما ننصت إليهم ونُعطى لهم بالًا وأذنًا مُصغية وعيونًا مُشاهدة، أيضًا ساعد على ذلك بعض وسائل الإعلام التى تبحث عن الإثارة دون الصالح العام بنشرها وترديدها وإشاعة الخليع والمُحرَّم منها، فتم  التقاط الصور وتسجيل الفيديوهات وإذاعتها دون أن تركيزٍ على الهدف من ورائها وطرح سُبل العلاج لتلاشيها وتجاهلها وترك الفحص والتمحيص فيها لأهل الاختصاص المسئولين عن حماية شعبنا الأبى.

إلى متى نترك هؤلاء المُنتمين إلى أوطاننا اسمًا يعبثون بالمواطن البسيط؟ وإلى متى نتركهم يُدنسون عقلية شبابنا وفتياتنا ويتخذونهم وسيلةً لتحقيق أغراضهم المعروفة سلفًا؟ ينبغى أن نصدر من العقوبات ما يكفل محاسبتهم حسابًا عسيرًا جرَّاء تلويثهم الأفكار والأعين والأبصار، فهم يستهدفون الشباب عصب الدولة وبنياها المستقبلى، ويقتلون فرحة الأوطان بما تحقَّق  من تقدمٍ ونهوض وإصلاحات أضحت ملء السمع والبصر، إنها أيادٍ تعبث وتُحارب الوعى الذى أنفقت عليه الدولة مبالغ طائلة من خلال مؤسساتها الوطنية، لمساعدة المواطنين كبيرهم وصغيرهم وشبابهم حتى تنهض بهم مجتمعاتهم، وينتهزون كل فرصةٍ للانقضاض علينا، وكأنه كُتب علينا أن تظل معركتنا معهم قائمةً إلى أن يأذن الله، لهذا يجب الحذر والحِيطة مما يُحاك لنا ممن يُظهر أنه منا وهو ألد أعدائنا الذى يطعن من الظهر.
 
أعلم بأن الأزهر الشريف منارة مصر والعالم الإسلامى بمكانته ودوره سيبذل قصارى جهده لردع هؤلاء وتفنيد أكاذيبهم وأساليبهم  المُلتوية بالفكر المستنير على المنابر وداخل دور العبادة، وبين الناس بالشوارع وفى معاهد ومدارس الطلاب، ليحفظ شبابنا من أى فتنٍ أو خللٍّ مقصود من هؤلاء المنافقين الذين ينشرون الفتن والفضائح والتشويه لمعتقداتنا وأفكارنا السليمه المبنية على مبادئ الإسلام السمح، وأن قيادتنا الوطنية تُوفِّر فى سبيل ذلك الدعم الكافى لصدهم وردعهم، وجعل رجالات الدين يقودون شباب الوطن نحو العقيدة السليمة والفكر المعتدل، كما أن للكنائس دورًا كبيرًا فى الإرشاد والتوجيه لمعتقدات إخواننا وأحبابنا فى الوطن، وأننا شركاء فى المسئولية بوطنٍ واحدٍ يحتوينا، نحافظ على بعضنا من أى تلوث فكرى أو عقائدى، وأتمنى أن أرى إعلامنا البنَّاء يُركِّز كثيرًا على دور الأزهر الشريف والكنيسة فى الحفاظ على استقرار ووعى شباب الوطن، وإظهار النماذج المعاصرة من الشيوخ والبابوات فى قنواتنا وصفحات جرائدنا للنصح والإرشاد وإظهار أدوارهم الفعَّالة التى لا تقل أهميةً عن غيرها فى الحفاظ على الأوطان، فمصر على مر العصور تُربِّى وتُعلِّم الأجيال الدين والسماحة والسلام والوطنية، وستظل إلى الأبد شامخةً بعلمائها وقيادتها الوطنية.. حفظ الله مصر أرض الأمن والأمان.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة