الكاتبة سهام الوهيبي
الكاتبة سهام الوهيبي


«وتبقى الأقدار !» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

صفوت ناصف

الأحد، 21 مايو 2023 - 03:07 م

«وتبقى الأقدار !» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

 

سأظلُّ طائراً حزيناً !

لا أحبُّ التحليقَ ، و لا أرغبُه !

وُلِدتُ هكذا .. على غير رغبتي ..

حاولتُ أن أتعلمَ الغوصَ !

لم لا أعيشُ في البحر ؛ موطنِ غذائي ؟

تُحيطُني وجبتي المُفضلة ، لأجلبَها وقتما شئت !

غافلتُ والدتي ليلاً ، لأتفقدَ وطني الجديد ، والذي اخترتُه برغبتي ..

حاولتُ التَّمرُّسَ ليلةً بعد ليلة ..

قد أعتادُ الحياةَ في الأعماق ..

لن أَشكُ الجوعَ بعدها ..

ليلاً ونهاراً لَديَّ ما أشتهي من الأصناف .. !

تلك الحياةُ الهيِّنة الهنيَّة، هي كل ما أتمناه ..

غلبَني النُّعاسُ مرةً على الشاطئ من الإجهاد .. استيقظتُ على صوتِ جمعٍ غفيرٍ من الأهلِ والأقاربِ يُنادون اسمي، خائفين أن تكونَ قد ابتلعَتني الأمواجُ العاتية ، في هذا الشتاءِ القارص !

سأغلِبهم اليومَ بذكاء !

فأنا أريدُ مفاجأتِهِم بتحقيقِ هدفي المُغايِر للطبيعة .. !

زحفتُ مُتخفِّيةً لأصلَ إلى البيتِ، وهم يبحثون خارجاً ..

عادَ الجميعُ ، وَسطَ نحيبٍ حقيقيٍ من أمي فقط ..

ارتجفَ قلبي لحُزنِها، أردتُ أن أُطَمئنَها، فأرسلتُ صوتاً كأنني نائمة ..

انتبهَ الجميع ..

وصَبُّوا لعناتِهم عليَّ وعلى جيلِ الشبابِ الحالي، الخالي من الإحساسِ بالمسئولية، وكان عمي أولَ مَن بادَرَني بصفعةٍ مُدوية لِما انتابَهم من قلق ..

ثم نهرَني قائلاً: إن تصرفاتِكِ صِبيانية .. متى ستعقَلين ؟

لم أرُدّ بكلمة .. فقط اسْتدَرتُ ، والتزمتُ غُرفتي .. منتظرةً قدومَ الليلِ من جديد ، وقد ازددتُ عزماً على إعادةِ الكَرَّة ..

وعند الغروب .. أَنصِتُ لهذا الصوتِ القادمِ من أغوارِ البحر ..

يَحثُّني على القدوم لتحقيقِ بُغيَتي ..

تساءلتُ ونفسي ، قلتُ : ماذا سيحدثُ لو فَعلْت ؟!

فأنا أصطادُ السمك مع السرب، ونتوغَّلُ بضعَةَ أقدامٍ تحتَ سطحِ المياه ..

فقط سأُضاعفُ عددَ الأقدام التي أغطسُها ..

كلُّ الأمورِ تبدو بسيطة ..

اصطحبْتُ آمالي التي لا يستوعبُها أحد ..

وبلا تردُّدٍ  أقدمتُ على الحياةِ الجديدة ..

يا ربِّي .. ما هذا ؟

أشعرُ بالاختناق .. يغورُ البصر .. لا ضوءٌ أستنيرُ به .. جسدي يرتعش !

أجاهدُ للصعودِ كما كنت ..

مُنادية: أين أحضانُكِ الدافئةُ يا أمي ؟

تلك أمنيتي الوحيدةُ الآن .. وأنا في سماء البين بين ..

وما أن اصطدمْتُ بالهواء العليل فوق سطحِ المياه ..

حتى علِمْتُ أنني على قيدِ الحياة ..

لكنني ..

مازلتُ حزينة ....

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة