علاء عبد الكريم
بداية
أهمية أن نختار الآن
الجمعة، 09 يونيو 2023 - 12:35 م
..متآمرون.. سارقون.. مراوغون.. مخادعون.. مخنثون.. حكموا مصر عامًا واحدًا سفاحًا واغتصابًا قبل أن تنتفض البلاد على قلب رجل واحد ضد هذه الفاشية الدينية..؛
هذه هي أخلاق العصابة الفاشيستية الإخوانية الذين رفعوا معبودهم «البنا» إلى عنان السماء أكثر من عبادتهم لربهم؛ جعلوه «تميمة» تعلو رؤوسهم فـ قدسوه على أنه السيد، والأعظم، والأهم على الأرض، أو رقية شرعية يتباركون به يوم مولد طفل لديهم يقيمون الصلاة في أذنه يحثونه أن يجعل سيده البنا الساعاتي حيًا في نفسه حتى الممات، ومع ترديد اسمه في أذن الطفل يأخذ أحدهم تمرة ويمضغها حتى يجعلها كالعجين ومن ثم وضعها في فم المولود حتى ينزل جوفه التمر الممضوغ مقرونًا باسم سيدهم المعبود؛ ومن ضلالهم ولأنهم أرادوا دينًا موازيًا رفعوا مرشدهم الذي يسكن الشر جسده مقام الأنبياء والرسل، من مروقهم اعتقدوا أن القدر انتقى لهم هذا «العجل» المسمى البنا، فاعتبروه ربهم على الأرض.
بلا شك أكثر ما كان يهدد الدولة المصرية قبل 11 عامًا، ونحن نستعيد بعد أيام قليلة قادمة ذكرى ثورة المصريين المجيدة في 30 يونيو؛ نستلهم من عظمتها روح التحدي في مواجهة جماعة تنجست أياديهم بالدم وأصابعهم بالإثم وشفاههم تكلمت بالكذب ولسانهم يلهج بالشر؛ أقول أكثر ما كان يهددها هو التعصب الأعمى، الذي هو مظهر من مظاهر التخلف الحضاري؛ حين يتعصب الإنسان لصوت وأفكار جماعته، ويظن أنه وحده وجماعته الذي يمتلك الحقيقة المطلقة ومفاتيح الجنة، وأن العقيدة تعني اسمه وهذا ما رأيناه حين حكم المعزول البلاد في 8 يوليو سنة 2012؛ فكان من وقت لآخر يطل علينا برأسه البغيض وصوته المقيت مهددًا ومتوعدًا الشعب كله ممثلاً في قضائه، وأزهره، ومثقفيه، وصحفيه، وكتابه، وإعلاميه، وفنانيه، وكادت البلاد أن تتحول في ظل حكمه إن استمر قليلاً من التعصب الفكري لجماعة اعتنقت أفكار سيد قطب التكفيرية، الهدامة التي قسمت المجتمع وقت ظهوره إلى مسلم وآخر كافر، ومن قبله أفكار مؤسس شجرة الإرهاب في العالم حسن البنا الذي حرض في رسائله الشباب ودعاهم إلى التعصب العنصري، ووضع الشعب في حالة احتراب أهلي، ومرحلة اختيار إما بين الانتماء الى جماعة من ضمن سماتها، أن يغلق المنتمي إليها باب التفكير وإعمال العقل أو الانضمام إلى النصف الثاني من المجتمع واصفًا إياهم بجاهلية الكفار ويجب محاربتهم وإن دعا الأمر إلى قتلهم.
إذا أردت أن تُشعل حربًا في مكان ما بالعالم، ليس عليك سوى أن تجعل الدين هو الأساس الذي تعتمد عليه لنشر ثقافة التعصب والتطرف والإرهاب، التي هي من وجهة نظري المتواضعة أعظم الأخطار، ربما تتجاوز التعصب العنصري؛ ذلك أن المتعصب هنا يعتمد على ليّ عنق النص الديني لتبرير شرعية القتال والاغتيال؛ بزعم أن علوم الدين وحدها هي الدليل على الإيمان، وما عداها هو الكفر والضلال رغم أن العلم لا يهدد أحدًا، وإنما هو الأساس الذي تُبنى وتنهض به الأمم، ومثلما انطلقت الصهيونية من دعوة توراتية كاذبة كانت السبب في تعبئة وحشد اليهود في الشتات وربطه زعمًا «بأرض الميعاد» والعودة إلى فلسطين لقيام الدولة الصهيونية، نشأت جماعة الإخوان الإرهابية، وغيرها من جماعات الإسلام السياسي في مصر بشعار رفعه أمير شجرة الإرهاب في العالم حسن البنا حين قال: «الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف»، وتحت هذا الشعار أجاز: اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصّر على العداء والتحريض على حرب المسلمين، كما يجوز التجسس على أهل الحرب، وأن يتعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين، ويقترح مُنظر الإرهاب والسلفية الجهادية سيد قطب للقضاء على الجاهلية لابد من إعادة عملية بعث للإسلام، الإسلام الصافي، إسلام البعثة وإسلام الصحابة، يقول هنا نصًا في كتابه معالم في الطريق: «لابد من طليعة تعزم هذه العزمة، وتمضي في خضم الجاهلية الضاربة الأطناب في أرجاء الأرض جميعًا، تمضي وهي تزاول نوعًا من العزلة من جانب، ونوعًا من الاتصال من الجانب الآخر بالجاهلية المحيطة»، هي نفس أفكار الكاتب الباكستاني أبو الأعلى المودودي الذي تأثر به، وكان يوصي أتباعه داخل جماعة الشيطان بقراءة ودراسة وفهم كتبه.
لقد عادت تونس تتنفس وتنهض بعد سنوات من اختراق القضاء وكل أجهزة الدولة؛ فالتحقيقات التي اجرتها أجهزة أمنية متخصصة في جرائم المال العام أكدت بما لا يدع مجالًا للشك؛ أن الأصل في عمل جماعات الإخوان الإرهابية هو وجود شبكة دولية تيسّر عمليات التدفق المالي لتمويل نشاطات الحركات الإخوانية في مختلف الدول ومنها تونس، وذلك عن طريق «الجمعيات الخيرية» أو بعض الشخصيات، ولعلها المرة الأولى التي يفتح فيها ملف تمويل حركة «الإخوان» أمنيًا وقضائيًا على هذا النطاق الواسع، وقد كشف هذا الملف الخطير تعقيدات هذه العملية ومدى ارتباطاتها بشبكات دولية تشتغل بطرق ووسائل المافيا والجريمة المنظمة، وذلك خدمة للأهداف السياسية لحركة التنظيم الدولي وفروعها في مختلف البلدان بأوروبا.
الآن وبعد أن سارت الأمور على مايرام؛ سار مهمًا أن نختار الآن؛ إما بين فكر ابن رشد الذي هو رمزًا للعقل، أو بين فكر أبوحامد الغزالي وابن تيمية الذي يمثل الجمود والرجعية، بين التنوير أوتغييب العقل.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة