الأديب سيف المرواني
الأديب سيف المرواني


«أمواجُ الحياةِ».. قصة قصيرة للأديب سيف المرواني

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 21 يونيو 2023 - 06:10 م

تحاصرُ الصمتَ بإيقاعٍ بطيءٍ، وتشعلُ قناديلَ بعضُها مضيءٌ والآخرُ عانَىْ مِنْ الإهمالِ، تشعرُ بوجعِ السنينَ وخيبةُ اللحظاتِ وبانكسارِ الرحلةِ 

تحاولُ عبثًا أنْ تعيدَ رسمَ أحلامِها – ولكنَّها تُؤَدُ فِي دائرةِ النسيانِ – تعيشُ صراعًا يلهِبُ أعمَاقَهَا  بينَ عٌتمةٍ وضياعٍ وبينَ أملٍ وتداعٍ تصارعُ أمواجَ الحياةِ العاتيةِ

فقدَتْ والدَهَا وهِيَ لمْ تتجاوزْ سنَّ العاشرةِ ، فرافقَتْهَا العُتمةُ مُنذُ البدايةِ  وأصبحَتْ الدموعُ لَا تُفَارقُهَا حزنًا علَى فقدانِ والدِهَا ، رُغمِ أنَّهَا طفلةٌ صغيرةٌ لَاْ تَعِيْ كثيرًا ولكنَّ حبَهُ لهَا وتدليلَها  جعلَ مشاعرَها النديةَ تعزفُ لحنَ الحزنِ وتعرفُ الدموعُ خدَيْهَا لتجرحَ وجهَهَا  الذِيْ يشعُ بالنورِ 0

والدتٌها  كانَتْ تبثُ فِيْهَا روحَ الأملِ  وتدفعُها للتحليقِ مجددًا ولكنَّ انكسارَها الداخلِي لمْ تستطعْ أنْ تجلوَهُ ،

واصلَتْ رحلتَهَا في التعليمِ بتميزٍ حتَى تخرجَتْ مِنْ الجامعةِ ، تقدمَ لَهَا الكثيرُ يطلبُ يدَهَا في  أثنَاءِ الدراسةِ ولكنَّها ترفُضُ بإصرارٍ وتشيحُ عنْهُم  ، وأمُهَا تركَتْ لَهَا حريةَ  مَا تقومُ بِه انتظرَتْ ستَ سنواتٍ حتَى جَاءَ تعيينُهَا كمعلمةٍ في الخرخيرِ  وكانَتْ بالنسبةِ لهَا صدمةً أُخرَى كانَتْ تحلُمُ أنْ تكونَ علَىْ الأقلِ بقربِ مدينةِ جدةَ أوْ المدنِ الساحليةِ القريبةِ منْهَا ولكنْ كانَتْ الصدمَةُ عاتيةً وموجعةً جدًا أفقدَتْها كلَّ أتزانٍ  وهُنَا تزللَّ بركانُ انكسارِهَا مِنْ جديدٍ وبُعِثَ بعدَ انْ كادَ يخمدُ صرخَتْ صرخةً اسقطَتْهَا صريعةً ولمْ تستطعْ النهوضَ  ،حُمِلَتْ للمستشفَىْ وتَمَّ أجراءُ الفحوصاتِ لَها وكانَتْ المفاجأةُ الأخُرَى  بوجودِ ورمٍ سرطانِيّ استشرَى فِيْ كبدِهَا 0

وقعَتْ الأمُ عاجزةً فقدَتْ النطقَ قرابةَ خمسِ الدقائقِ وهِيَ التِيْ كانَتْ تَبثُ الأملَ فِي أعماقِ أولادِها  وتسهرُ علَىْ راحتِهمْ  حاولَتْ أنْ تتماسكَ حتَى لَاْ تشعرُ ابنتُها بشِيٍء

وأصَرَّ الطبيبُ أنْ تبقَىْ ابنتُهَا أسبوعينِ آخرينِ فِي المستشفَى لمزيدٍ مِنْ التأكدِ وإجراءِ المزيدِ مِنْ الأشعةِ الدقيقةِ والفحوصاتِ اللازمةِ

بدأَتْ مُنَى تسألُ مَا بِيَ يا أُمِي ، أمُهَا تُفيقُ مِنْ سرحَانِها  لا شيَء  سِوَى إجراءِ المزيدِ مِنْ الفحوصاتِ ، أرجُوكِ يا أمِيْ أخبريْنِيْ مَاْ بِي أنتِ  تُخَبِئينَ عَنِيْ أمرًا 0 لَا بسيطةً  بدأَتْ مُنَىْ تشعرُ بداخلِهَا بصراعٍ ووهنٍ أحاطَ جسدَهَا

وأمُهَا تسرقُ لحظاتٍ مِن نومِ ابنتِها لتذرفَ دموعًا حارقةً علَى ابنتِهَا التِيْ تذوِي وتنهارُ أمامها والسرطانُ ينهشُ أوصالَهَا وتلتجِئُ إلَى اللهِ وتدعُوهُ بأنْ يمُنَ علَي ابنتِهَا بالشفاءِ  0

وكانَتْ النتيجةُ  بعدَ الفحوصاتِ  أنَّ السرطانَ قَدْ استشْرَىْ فيِ الكبدِ ولا بُدَ مِنْ استئصالهِ ، ساءَتْ حالةُ مُنَىْ جدًا وعجزَ الأطباءُ عَنْ علاجِهَا

وبعدَ شهرٍ مِنْ بقائِهَا فِيْ المُسْتَشْفَىْ  فاضَتْ روحُهَا إلى بارِئِهَا وماتَتْ وماتَتْ كلُّ أحلامِهَا

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة