مارا أحمد
مارا أحمد


«حرف شفاف» قصة قصيرة للكاتبة مارا أحمد

صفوت ناصف

الأربعاء، 28 يونيو 2023 - 06:42 م

 

 

 

 

اعتدت أن أتحدث إليه فوق السطور؛ فأنا مكبلة بالخجل وكبرياء المرأة الشرقية التي تعتز بأنها لا يجب أن تتنازل لأجل عاطفة قد تشل كرامتها وتكبل احترامها لذاتها واحترام المجتمع لها، لذا أدمنت عادة الكتابة بحبر لا يقرؤه إلا من أمتلك الحدس وطريقة التواصل معي، فكانت كل حواراتي معه كلمات تتهادى في جنائن السطور والكتب؛ فأنا أعاني من اشتياقي ونقصي دونه، فبه أكتمل ومعه أتناصف السعادة، وبدأت أسجل رسائلي إليه.

 

أحسست أن فنجان قهوتي طعمه لا يتعرف عليه لساني، لا أدري: هل لرداءة البن أم لأنك لا تقاسمني السهرة؟ لا تشاركني الكافيين.

 

هل لديك تفسير؟

 

اعذرني فالإجابات كلها لديك، كلما استعصت عليَّ مقولة أو اختلط عليَّ الطريق، كنت أنت معلمي وخارطتي.

 

تائهة أنا منذ سحبت كفك من كفي، أتعثر عند كل سؤال، أترنح أمام أي درج لا يؤدي إليك.

 

قالوا: إن هناك اهتزازة ما ترفع كرسي حاكم قريتنا إلى السماء ثم تطرحه على الأرض.

 

ما تفسير ذلك فيما قرأته من نبوءات الممالك؟!

 

ربما أستحضر نقاشك معي، فأبتسم.

 

لعلها بشارة خير، إن الظلم يحتضر، يلفظ أنفاسه الأخيرة.

 

لا أدري؛ فكل التفاسير لديك، حتى مباراة كرة القدم اليوم كانت أحداثها مبهمة، كنت تعلق لي فلا أسمع سوى صوتك ولا أفقه إلا ما تنطق.

 

نفق ذلك السياسي البهلوان، قلت لي يوما إنهم سيلعنون في كل كتاب.

 

ما لي ثرثارة هكذا الليلة؟ ولماذا أسمع صوتك يجيب رغم غيابك الحاضر؟ رغم حضورك الساكت؟!

 

ما زلت كما الأطفال ممتلئة بالأسئلة، تتعلق عيناي وأذني بشفتيك؛ يتوسلون الرد، أتحجج بجهلي لأسمع صوتك الواثق بالأسباب، وأنت عالق هناك بالغيب، تائه في التيه بلا بوصلة، شارف قاربك على الانطفاء والانكفاء.

 

وأنا كما المشعوذة؛ تحلب النجمات، تستدعي الودع، تلخبط الحروف، تقلب الكلمات لتجلب الأقدار وتعيد صورتك المتيبسة بعد أن غادرتها الروح.

 

لا تمل من حديثي، لا تتأفف من تساؤلاتي، لا تجزع من جنوني؛ فأنا لم أنضج بعد رغم سنواتي المكدسة بأوراق ومستندات أجهزة الدولة.

 

ما زلت أراني بين يديك طفلة، ألقت بكامل رسالتها في تسجيلات قصيرة وأرسلت بها إليه على الواتساب وانتظرت تلك العلامات ذات اللون الأخضر، الإشعار بأنه تلقى الرسالة بل وقرأها. بعد عدة دقائق، سمعت نغمة الواتساب تعلن عن تلقي رسالة.

 

كانت كلمة واحدة، ولكنها تحمل معها رقصات عرس ولمسات لوّنت خديها بلون حمرة الشفق؛ كل ملامحها وشهقاتها التي تحررت من صدرها كانت تعلن عن فرحة، الكلمة تبتسم أمامها كما طفلة فاتنة: " أحبك".

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة