كاتب سيد جعيتم
كاتب سيد جعيتم


«القرار» قصة قصيرة للكاتب سيد جعيتم

صفوت ناصف

الأحد، 02 يوليه 2023 - 10:46 ص

مستلقٍ على سطح يخته الفاخر يستمتع بشمس شهر مارس الدافئة، وبجمال البحر الصافي، من سنوات كف بصره ووهنت عظامه ولم تعد تتحمل حركته.

يربض بجواره كلبه الذكي الأمين، أهداه له وهو جرو صديق كندي، يشبه كلاب الرعي القوقازية، يجيد السباحة، ضخم، يعتمد عليه في كل تحركاته، وجوده بجواره يشعره بالأمان يداعب الكلب خادمه الشاب الذي رباه منذ صغره، لا يعتبره خادمًا، يجلس معه على مائدة الطعام، خصص له غرفة بجوار غرفته، وضع له في البنك مبلغًا كبيرًا.

مالت الشمس للمغيب، رجاه قائد اليخت بالنزول لقمرته فقد تلقى إشارة بعدم استقرار الطقس، وأخبره أن أقرب ميناء على بعد حوالي ١٠٠ ميل بحري، وسيتوجه إليها.

صوت الموج يصل لأذنه، يشعر بتلاطمه على جدران اليخت.

سرح بخياله، ترحم على زوجته تذكرها وهي تبكي يوم فقد بصره، كمْ اشتاق إليها وإلي ابنه وريثه الوحيد الذي هاجر خلف من رق لها قلبه.

بدأ يشعر ببرودة الجو تدثر ببطانية ثقيلة، مد يده، مسح بها على رأس كلبه.

صوت ارتطام الموج بجدران اليخت تزداد، بدأ اليخت يتمايل، غضبت الطبيعة وهاج البحر وزمجر الجو مكفهرًا وانقلب الطقس رأسا على عقب، ارتفع الموج حتى وصلت مياهه لسطح اليخت.

دخل خادمه يطمئن عليه ويطمئنه، أخبره أن الإنارة أتلفت ويعم الظلام اليخت.

شعر الكلب بما يحدث بدأ يصدر صوت خفيف يعلن به خوفه، نادى عليه وأخذ يمسح على رأسه يطمئنه.

يصل لأذنه أصوات أقدام بحارة اليخت، وصوت القبطان غاضبًا يطلب منهم التخلص من الماء الذي بدأ يتسرب لليخت، خرج خادمه يستطلع الأمر وعاد مسرعًا، أخبره أن العاملين يتخلون عن اليخت ويهربون بقوارب النجاة.

  دخل القبطان وحاول أن يتظاهر بالهدوء ولكن نبرات صوته دلت على اضطرابه.

ـ سيدي اليخت أشرف على الغرق، أرسلت إشارة استغاثة، يوجد قارب نجاة صغير سنستقله نحن الثلاثة.

ـ رفض التخلي عن كلبه الذي صار ينبح، اصطحبه معهم.

 بدأ القبطان والخادم في التجديف.

ـ سيدي الموج عالٍ يعيق حركة القارب، الحمولة ثقيلة، لابد من التخلص من الكلب.

رفض بشدة.

نجاتنا في تخفيف الحمولة قدر المستطاع، بدأ القارب يتمايل بشدة، علا النقاش ومعه نباح الكلب، صاح القبطان بغضب وراح ينظر للكلب ويشير بيده للماء، زمجر الكلب وشب على قدميه خشي القبطان أن يهاجمه، فوجئ الجميع بالكلب يقفز بين الأمواج المتلاطمة.

رفع الخادم رأسه لعله يرى ما يطمئنه في هذا السواد الحالك، موجات من رذاذ الماء المحمول فوق الرياح تلطم وجهه، راقب وجه سيده، وجده صامتّ يتمسك بحافة القارب.

، صاح القبطان، نحن لا نتقدم الحمولة ما زالت ثقيلة، لا بد من تخفيفها، نظر الخادم إليه فقال:

ـ أنا القادر على إيصالكم لبر الأمان، واحتاجك لتساعدني في التجديف.

نظرات حائرة متبادلة بين القبطان وبين الخادم ثم نظر الاثنين تجاه الرجل الذي ما زال ملتزمًا الصمت، يصله صوت نباح كلبه الذي ظل يسبح ويتبع القارب.

 

اخترقته نظراتهم، شعر بها سهاما مسمومة تصيب قلبه، ارتفع الماء بالقارب حتى وصل لركبتيه، زخات الموج المرتفع تصدم وجهه ويتسرب الماء المالح لفمه وأنفه، ثقلت اللحظات، يقترب منه، انتظر قرار الخادم بتقرير مصيره.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة