منى حسن
منى حسن


«أنا خائفة» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

صفوت ناصف

الخميس، 06 يوليه 2023 - 11:33 ص

اتصلت علي صديقتي تريدني أن أزورها ضروري.. فقلقت عليها وذهبت إليها سريعا.. طرقت بابها واستقبلتني بلهفة وبعد السلامات المعتادة سألتها عن حالها فقالت إني متعبة نفسيا .. إني خائفه واستطردت: لطالما انتابني هذا الشعور بالخوف والاضطراب ليس بالضرورة لأني أعمل شئ خطأ ولكن أحيانا لأني أعمل شئ صح... لا أعرف مسمى لهذا الذي يضعفني ويضعف قراراتي حتى يؤثر على مشاعري تجاه الأشياء.

هو اضطراب نفسي ليس له مبرر ولكن أعتقد أنه نتيجة لأزمة ما أو موقف ما تعرضت له في صغري أو شبابي لا أكاد أتذكره ولكن أثره باق داخلي.. فهو يلاحقني إلى الآن وقد تجاوزت سن الشباب ومع ذلك لازلت أخاف.... وأعلم أنك تتساءلين صديقتي ما الذي ذكرني به الآن؟

 

اليوم أهداني أبنائي هدية غالية بمناسبة عيد الأم .. فرحت بها ليس لغلو ثمنها ولكن لاهتمامهم بي وتعبهم وتكلفتهم من أجل إسعادي .. أرى نظرة الاستغراب في عينيك ولكن ستعلمين سبب خوفي .. اعترض زوجي على شرائهم هدية ثمينة في وقت عصيب كهذا من ارتفاع أسعار وغلو فاحش غير مبرر .. ربما وجدته على حق .. أحسست بخوف داخلي ينهشني وتبدلت سعادتي وأخذت أحاسب نفسي أني تسببت في تكبد أبنائي ال هم أولى به... هو نفس الشعور الذي كنت أتعرض له في شبابي عندما أشتري شيئا لي أو أفعل شيئا لا يروق والدتي واتعرض لوابل من اللوم وربما الإهانة كنت أشعر بهذا الخوف ..

 

وأشعر به إذا طلبت إذن زوجي للخروج لأمر ما ويعترض أولا كعادته ثم يوافق فأشعر بهذا الخوف وأني غير مرتاحة, على الرغم من أني إذا طاوعته فلن أخرج من المنزل إلا لشراء ضروريات البيت من السوق فقط .. وهو نفس الشعور إذا خصصت كوب معين أو أي شئ قلت إنه لي فلا يروق زوجي أن يكون هناك خصوصية لي .. أحاول أن أسيطر على هذا الشعور وأن أتشبث برأيي ولا ألتفت لأهواء الآخرين ورغبتهم وقد أنجح ولكن لا أشعر بالسعاده.

  هنا صمتت صديقتي وأصابني الألم لأجلها ولأنها عشرة عمري وأعرفها منذ طفولتنا ومررنا بجميع المراحل معا ولكن دائما هناك سر مخبوء لا يعرفه عنا الكثير وأغلب ظني أن صديقتي أرهقت نفسيا وتريد تفسير مني لحالها نظرا لدراستي لعلم النفس..

فنظرت إليها: حبيبتي قد أرهقك تصرف الآخرين معك وأردت إلتقاط بعض الأنفاس .. نعم إنك تتعرضين منذ زمن لضغوط لا مبرر لها ولأنك مطيعة ومسالمة وحساسة فتتأثرين بهم.

 

 فأوقفتني قائلة حرت في نفسي وضن الفرح يدخل قلبي.. فبادرتها أنت مصابة برهاب الفرح (شيروفوبيا) ودائما تشعرين بأن السعادة يليها حدث سلبي يفسدها .. وكذلك عندما تتعرضين لـ اللوم تفقدي السيطرة على نفسك وتضطربي داخليا حتى لو حاولت التمرد على الآخرين وفرض رأيك عليهم..

 كما أن النقد والتوبيخ يؤثر بك تأثيرا قويا وتشعرين دائما أنك مخطئة و تفقدي ثقتك بنفسك فيعاودك الشعور بالخوف الذي أصبح متلازمة معك .. فتنهدت صديقتي وقالت الخوف لا أستطيع محاربته أنا فقط أوقفه عند حده حتى لا يسلبني حلاوة العيش أكثر .. فهونت عليها ونصحتها بأن تهتم بنفسها وتثق بها وألا تتخلى عن حياتها وخصوصياتها .. وتركتها ولكن كلي ألم فأصحاب النفوس الحساسة يتعبون كثيرا بمخالطة متحجري القلوب.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة