يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

أرصفة وذكريات

أخبار اليوم

الجمعة، 07 يوليه 2023 - 09:03 م

 ممتن للأرصفة التى تحتفظ بذكرياتنا والتى تحملنا لها وتحمى هذه الذكريات بتفاصيلها الصغيرة من الزوال تحت وطئة الأيام المزدحمة بتفاصيل أكثر خشونة.

أظن أننى فى طفولتى مشيت إسكندرية رصيف رصيف، كنت أذهب من أرصفة العطارين مشيا إلى أرصفة محرم بك لمدرستى، ومن أرصفة النبى دانيال إلى أرصفة محطة الرمل والأنفوشى والمنشية والأرصفة الضيقة لحوارى بحرى، وعشقت أرصفة رأس التين والإبراهيمية وكليوباترا وستانلى وسيدى بشر.
عشت ألف عُمر وألف فكرة وألف حلم فوق هذه الأرصفة التى كانت تأخذنى إلى أمنيات جميلة ملونة .

عدت بعد سنوات طالت أبحث عن أرصفتى، أبحث عن ذكريات مثل ندى الفجر رَوت نَبتة هَشة حتى كَبرت واستقرت قوية وعَفية لا تهتز ولا تَسقط ولا تُنسى .
هنا مررت فى يد أبى فى فُسح يوم الأحد، أُتبت على كَفه لكى يحمينى وأنا أتسلى بالفرجة على فاترينات شارع صفية زغلول وسينما مترو وريالتو وستراند، وفِى اليد الأخرى أحمل مجلة ميكى وسمير . وهنا مشيت إلى الجامعة فى الشاطبى وأكلت ساندوتشات الفول من محمد أحمد واشتريت الكتب من الحاج الرملى فى محطة الرمل، هنا جلست على البحر فى مقهى والى ومقهى فاروق والبورصة وتريانون.

وهنا التقيت فى مقهى ديليس كثيرا بالأساتذة نجيب محفوظ وصالح مرسى ويوسف إدريس.

نافذة ديليس تلك التى تُطل على ثلاثية البحر وفندق سيسيل وتمثال سعد زغلول، مُبهرة كما أجمل الأماكن فى الدنيا، وطعم القهوة كان هناك شهيا دسما مصنوعا بمحبة طاغية وإحترام.

رصيف ديليس ظل لى دائما مفعما بدفء إستثنائى لأنه خليط من البحر والمدينة وروح الماضى والحاضر وجزء أصيل من المتعة والثقافة والبقاء والوداع.
وهو من الأماكن القليلة التى احتفظت حتى اليوم بتفاصيلها كأننى لم أغادر طاولة ولا طعم قهوتى منذ زمن بعيد.

جميل أن نحتفظ بذكرياتنا البعيدة والأجمل أن نصنع ذكريات جديدة حتى مع نفس الأماكن التى منحتنا أوقاتا مرحة ودافئة ومبهجة فى حياتنا .

جميل أيضا أن نسير على نفس الأرصفة التى يوما مشيناها مع من نحب وإلى من نحب.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة