أحمد الإمام
أحمد الإمام


عصير القلم

انت ما تعرفش أنا مين؟

أخبار الحوادث

الأحد، 16 يوليه 2023 - 12:34 م

‭..‬من‭ ‬أسخف‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬نسمعها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬عبارة‭ "‬انت‭ ‬ما‭ ‬تعرفش‭ ‬أنا‭ ‬مين؟‭ ".‬

عبارة‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬معاني‭ ‬الكبر‭ ‬والاستفزاز‭ ‬يرددها‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬مغرور‭ ‬وفارغ‭ ‬الرأس‭ ‬يظن‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬سائر‭ ‬البشر‭.‬

هذه‭ ‬النماذج‭ ‬السلبية‭ ‬نصادفها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ .. ‬في‭ ‬الشارع‭ .. ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬الحكومية‭ .. ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬الشواطئ‭ ‬أثناء‭ ‬المصايف‭!‬

أصبح‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭ ‬أن‭ ‬تشاهد‭ ‬رجل‭ ‬شرطة‭ ‬يؤدي‭ ‬واجبه‭ ‬ويستوقف‭ ‬إحدى‭ ‬السيارات‭ ‬بسبب‭ ‬تجاوز‭ ‬قائدها‭ ‬للسرعة‭ ‬المحددة‭ ‬معرضًا‭ ‬حياته‭ ‬وحياة‭ ‬الآخرين‭ ‬للخطر‭.‬

وبدلا‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬قائد‭ ‬السيارة‭ ‬بالخطأ‭ ‬واعتذاره‭ ‬عنه‭ ‬وسداد‭ ‬الغرامة‭ ‬المقررة‭ ‬قانونًا‭ ‬تجده‭ ‬يتطاول‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬الشرطة‭ ‬وكأنه‭ ‬صاحب‭ ‬حق‭ ‬ويتحدث‭ ‬بكل‭ ‬جليطة‭ ‬وقلة‭ ‬ذوق‭ ‬مرددًا‭ ‬نفس‭ ‬العبارة‭ ‬التقليدية‭ ‬السخيفة‭ "‬انت‭ ‬مش‭ ‬عارف‭ ‬أنا‭ ‬مين؟‭".‬

ونفس‭ ‬المشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬بنك‭ ‬عندما‭ ‬يتجاوز‭ ‬أحدهم‭ ‬الدور‭ ‬المحدد‭ ‬له‭ ‬وكأن‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬ريشه‭ ‬،‭ ‬وعندما‭ ‬يطالبه‭ ‬أحد‭ ‬الموظفين‭ ‬بالتزام‭ ‬الدور‭ ‬المحدد‭ ‬له‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭ ‬كتلة‭ ‬من‭ ‬الغرور‭ ‬ويردد‭ ‬العبارة‭ ‬إياها‭ " ‬انت‭ ‬ما‭ ‬تعرفش‭ ‬بتكلم‭ ‬مين؟‭".‬

للأسف‭ ‬بعض‭ ‬الاشخاص‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬نسبهم‭ ‬لإحدى‭ ‬العائلات‭ ‬الكبرى‭ ‬أو‭ ‬أموالهم‭ ‬العريضة‭ ‬أو‭ ‬مناصبهم‭ ‬العالية‭  ‬تمنحهم‭ ‬أفضلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تخطو‭ ‬فيه‭ ‬أقدامهم‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬حثت‭ ‬على‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬والدساتير‭ ‬لم‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬مواطن‭ ‬وآخر‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭.‬

السلطات‭ ‬والصلاحيات‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬القانون‭ ‬لبعض‭ ‬الوظائف‭ ‬بهدف‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬وتنفيذ‭ ‬العدالة‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعالي‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬واستغلال‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬منافع‭ ‬خاصة‭.‬

أيها‭ ‬السادة‭ ‬ألا‭ ‬يكفيكم‭ ‬قول‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وصلواته‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ " ‬ألا‭ ‬لا‭ ‬فضل‭ ‬لعربي‭ ‬على‭ ‬عجمي‭ ‬ولا‭ ‬لعجمي‭ ‬على‭ ‬عربي‭ ‬ولا‭ ‬لأحمر‭ ‬على‭ ‬أسود‭ ‬ولا‭ ‬لأسود‭ ‬على‭ ‬أحمر‭ ‬إلا‭ ‬بالتقوى،‭ ‬إن‭ ‬أكرمكم‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬أتقاكم‭".‬

ولنا‭ ‬في‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬المثل‭ ‬الأعلى‭ ‬والقدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يرقع‭ ‬ثوبه‭ ‬بيده‭ ‬الشريفة‭ ‬وكان‭ ‬ينزل‭ ‬الأسواق‭ ‬ويحمل‭ ‬حاجته‭ ‬رافضًا‭ ‬أن‭ ‬يحملها‭ ‬أحد‭ ‬عنه‭.‬

ويروى‭ ‬أنَّ‭ ‬امْرَأَةً‭ ‬سَرَقَتْ‭ ‬في‭ ‬عَهْدِ‭ ‬رَسولِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صلَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ‭ ‬في‭ ‬غَزْوَةِ‭ ‬الفَتْحِ،‭ ‬فَفَزِعَ‭ ‬قَوْمُها‭ ‬إلى‭ ‬أُسامَةَ‭ ‬بنِ‭ ‬زَيْدٍ‭ ‬يَسْتَشْفِعُونَهُ،‭ ‬قالَ‭ ‬عُرْوَةُ‭: ‬فَلَمَّا‭ ‬كَلَّمَهُ‭ ‬أُسامَةُ‭ ‬فيها،‭ ‬تَلَوَّنَ‭ ‬وجْهُ‭ ‬رَسولِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صلَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ،‭ ‬فقالَ‭: ‬أتُكَلِّمُنِي‭ ‬في‭ ‬حَدٍّ‭ ‬مِن‭ ‬حُدُودِ‭ ‬اللَّهِ؟‭! ‬قالَ‭ ‬أُسامَةُ‭: ‬اسْتَغْفِرْ‭ ‬لي‭ ‬يا‭ ‬رَسولَ‭ ‬اللَّهِ،‭ ‬فَلَمَّا‭ ‬كانَ‭ ‬العَشِيُّ‭ ‬قامَ‭ ‬رَسولُ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬خَطِيبًا،‭ ‬فأثْنَى‭ ‬علَى‭ ‬اللَّهِ‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أهْلُهُ،‭ ‬ثُمَّ‭ ‬قالَ‭: ‬أمَّا‭ ‬بَعْدُ؛‭ ‬فإنَّما‭ ‬أهْلَكَ‭ ‬النَّاسَ‭ ‬قَبْلَكُمْ‭: ‬أنَّهُمْ‭ ‬كانُوا‭ ‬إذا‭ ‬سَرَقَ‭ ‬فِيهِمُ‭ ‬الشَّرِيفُ‭ ‬تَرَكُوهُ،‭ ‬وإذا‭ ‬سَرَقَ‭ ‬فِيهِمُ‭ ‬الضَّعِيفُ‭ ‬أقامُوا‭ ‬عليه‭ ‬الحَدَّ،‭ ‬والذي‭ ‬نَفْسُ‭ ‬مُحَمَّدٍ‭ ‬بيَدِهِ،‭ ‬لو‭ ‬أنَّ‭ ‬فاطِمَةَ‭ ‬بنْتَ‭ ‬مُحَمَّدٍ‭ ‬سَرَقَتْ،‭ ‬لَقَطَعْتُ‭ ‬يَدَها‭. ‬ثُمَّ‭ ‬أمَرَ‭ ‬رَسولُ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صلَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ‭ ‬بتِلْكَ‭ ‬المَرْأَةِ،‭ ‬فَقُطِعَتْ‭ ‬يَدُها،‭ ‬فَحَسُنَتْ‭ ‬تَوْبَتُها‭ ‬بَعْدَ‭ ‬ذلكَ‭ ‬وتَزَوَّجَتْ‭. ‬قالَتْ‭ ‬عائِشَةُ‭: ‬فَكانَتْ‭ ‬تَأْتي‭ ‬بَعْدَ‭ ‬ذلكَ‭ ‬فأرْفَعُ‭ ‬حاجَتَها‭ ‬إلى‭ ‬رَسولِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صلَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ‭.‬

الخلاصة‭ ‬اننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬المرفوضة‭ ‬فورا‭ ‬ونتعلم‭ ‬احترام‭ ‬النظام‭ ‬والقانون‭ ‬الذي‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ .. ‬الكبير‭ ‬قبل‭ ‬الصغير‭ .. ‬والغني‭ ‬قبل‭ ‬الفقير‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نحذف‭ ‬من‭ ‬قاموس‭ ‬حياتنا‭ ‬وللأبد‭ ‬عبارة‭ " ‬انت‭ ‬ما‭ ‬تعرفش‭ ‬أنا‭ ‬مين‭".‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة