الكاتب متولي بصل
الكاتب متولي بصل


«صديقي».. قصة قصيرة للكاتب متولي بصل

صفوت ناصف

الثلاثاء، 18 يوليه 2023 - 01:43 ص

لن يغضب لو علم أنني ألقبه بالكلب! والحقيقة أنني ظلمت الكلاب إذ نسبته إليهم؛ فالكلاب تتصف بالوفاء وبالحب؛ أما صديقي هذا فلا يعرف من الحب إلا اسمه، ولا يدرك من الوفاء حتى رسمه!

كان يسير معي كظلي؛ ولم يكن يفارقني لحظة، وكنت أعتبره أخي الذي لم تلده أمي!

لكن اتضح لي اليوم أنه كان يخدعني، كان يجهزني لأكون الجسر الذي سيعبر عليه لتحقيق حلم حياته؛ صفقة العمر؛ الصفقة الصينية.

أصر َّ على أن يصحبني معه إلى الصين! العالم كله يفر من مسقط رأس كورونا، أما هو فيرى أن السفر إليها في هذا التوقيت فرصة ذهبية لن تتكرر!

 منذ شهور وهو يسعى خلف هذه الصفقة؛ وأخيرا أصبح على بعد ساعات من إتمامها؛ سيدفع عشرة ملايين في بضاعة سيبيعها - على أقل تقدير – بخمسمائة مليون! فقرار منع الاستيراد من الصين بسبب كورونا سيوفر له فرصة احتكار السوق؛ و هو يعرف جيدا كيف يدخل هذه البضاعة ويعبر بها من الميناء؛ لن يكلفه الأمر سوى مليونين يوزعهما على الكبار؛ وستدخل البضاعة وكأنها ترتدى طاقية الإخفاء؛ ثم يصبح من السهل أن يغرق بها البلد كله!

في غرفة الفندق كان كريما معي أكثر من ذي قبل؛ اهتمام كبير لدرجة أنني بدأت أتوجس منه شرا؛ إنني الوحيد الذي يعرف كل أسراره؛ وأعرف جيدا أنه أناني وعدواني وليس له أمان! ربما سيتخلص مني كما فعل مع زوجته المسكينة!

عندما استحكم الخلاف بينهما، وقرر تطليقها دون أن يخسر جنيها واحدا؛ لفق لها واقعة ارتكاب الزنا! وجند لهذا الأمر الفظيع شهود زور؛ ثم طلقها! ولم يشغل باله بالفضيحة التي ستلتصق بطفلته الرضيعة طول حياتها، إنه شيطان بكل معنى الكلمة!

كنت أعرف أن زوجته بريئة، وأنه هو المجرم، ولكن أحدا لم يطلب شهادتي، وحتى لو حدث هذا ما كنت لأشهد ضد صديقي؟! فلا أستطيع أن أخسره.

بدأت أنياب الخوف تنهش في قلبي، أخشى أن يغدر بي كما غدر بزوجته أم طفلته الرضيعة! يا لي من مغفل! ليتني لم أرافقه في سفره هذا؛ فشركاؤه الصينيون يعضونني بأبصارهم! إنهم لا يرفعون أنظارهم عني؛ لدرجة أن قلبي امتلأ رعبا عندما اقتربوا مني، وقيدوني بحبال ٍ بلاستيكية متينة، ووضعوا كمامة كبيرة على فمي وأنفي! كل هذا أمام عينيه، والعجيب أنه كان يساعدهم، ويربت على ظهري حتى أهدأ وأستسلم لهم!

شعرت بسن حقنة يخترق عنقي، وبالخدر يسري في عروقي، وقبل أن أغيب عن الوعي، سمعت المترجم يقول لصديقي الملعون:

-  السيد " لي " رئيس مجلس إدارة الشركة لن ينسى لك هذا المعروف أبدا ؛ فكبد هذا العربي الأصيل هو الذي سينقذ حياته كما قال الأطباء.

ابتسم الملعون، وسأله بينما كانت يده تمسح على رأسي الذي كان كصندوق أسراره الذي يوشك على التخلص منه:  ؟!  هل صحيح أنكم تسلقونها حية -

اقرأ أيضا |الشاعرة عبير زكي تكتب: ذِكْرَيَاتُ المَسَاءِ الحزين

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة