«مراهق» قصة قصيرة للكاتبة نجوى عبد الجواد
«مراهق» قصة قصيرة للكاتبة نجوى عبد الجواد


«مراهق».. قصة قصيرة للكاتبة نجوى عبد الجواد

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 20 أغسطس 2023 - 03:00 م

أنفاسي متسارعة وصدري يضيق، رأسي ثقيل، وعيناي زائغتان، تدوران في المكان من حولي ثم تعودان لتحط عليها. قدماي تسرعان الخطا لا تنافسهما في السرعة إلا دقات قلبي.  أصوات الألم من حولي وترد عليها عاصفة الألم بداخلي تود لو تنطلق.

 

هنا مكان السرير يا أستاذ، لم أستجب لأني في واد آخر. يسحب أبي طرف السرير ويوجهه حيث أشار العامل. أسرع الطبيب بالكشف والسؤال المكرر ماذا حدث؟ اسمي يتردد على الألسنة، الكل يتهم وإن لم يصرِّحوا، حتى أنا أتهم نفسي.

: اقفل اللعبة دي، كفاية، حرام عليك انت في الثانوية .

: حاضر شوية كده.

: مش كفاية قاعد عليها طول الإجازة، قلت اقفل.

: لسه بدري السنة طويلة.

غضبتِ وقلتِ ورديت أنا . تقولي وأرد، تقولي وأرد ودي النتيجة!.

برشامة أسفل اللسان، أشعة فورا. إيدك معايا يا حسن.

حسن.

آه نعم.

ركزِّ معايا  مش وقت سرحان.

حاضر.آه لو تكشف الأشعة عن مشاعرنا كنتِ شفتِ مكانتك عندي، كنت لاحظتِ قلبي وهو بيبكي، آسف يا غالية مقصدتش أي حاجة تقلل من قيمتك عندي  .

مفيش حاجة، الأشعة سليمة، دول شوية زعل بس أثروا عليها

. دي مش بتنطق ولا بتمشي!

 هتتحسن مع الراحة والعلاج.

 

إلى سريرها نضعها، "خليها ترتاح وانت كمان روح ارتاح لك شوية" . أومأت برأسي. خرج أبي وتركني معها..

أنظر إليها وأردد داخلي، من أين تأتي الراحة وهي في عالم آخر؟! ألمس وجهها، أمرر يدي على عينيها، افتحيها وشوفي دموعي، جامد الكلمات، ضعيف العاطفة يبكيك الآن ويطلب رضاكِ. دائما تغفري وتعللي لنفسك تصرفاتي

ولد مراهق.

نعم أنا مراهق. آه لو تعلمي ما بداخل هذا المراهق يا أمي! مراجل تغلى، عواصف عاتية، عيون ناقدة، ولا أدري السبب! متعب أنا يا أمي، متعب من كل شىء . ضميني بين ذراعيك. أرفض! . نعم أرفض، فأنا صرت رجلا، لكن من داخلي طفل يريد حضنك يا حنونة.

 

تهطل الدموع ولا يقاومها، لا يهتم بمن يدخل أو يخرج، لا يبحث عن الرجولة الآن، لقد انكشف أمام نفسه، أنا طفلك الصغير. لم لا أبكيها، فلتخرج الحمم من داخلي ولتهدأ المراجل قليلا.

 يمسك بيدها ويمسح دموعه بأصابعها ربما تشعر بها وبندمه. يضع ذراعها حول عنقه ويسند رأسه عليه وينام بجوارسريرها، ربما تحتاجه في أي لحظة.

تنسل الذراع من حول عنقه لتمر على شعره بحنان، وتمسح بقايا دمعات مازالت عالقة كم هو حلم جميل ما أشعر به، يد تهز كتفي، اصحى حبيبي اسندني للحمام.

 الله بتتكلم في الحلم يارب يارب. هزات ضعيفة لكنها مستمرة، صوت يأتيني من بعيد. طول عمرك نومك تقيل. ولما أنت حسيس كده بتعلي صوتك الخشن ده ليه لغاية ما الجيران سمعوا. انفتحت عيناي فجأة! ياربي، ليس حلما، إنه أجمل عِلْم . نطقتي يا ماما، اتكلمتي حبيبتي، أقبِّل رأسها، وجهها، ويدها و قدميها . تضحك خلاص كفاية كده

سامحيني حبيبتي.

 مقدر ومكتوب خلاص أنا نسيت، اسندني للحمام.

أشيلك.

عمر الشقى بقى أنا حاسه برجلي همشي عليها. تضع قدميها على الأرض. يارب

خطواتها ثقيلة، لكنها تخطو،  مشت أمي الحمدلله. أحلى مشوار حمَّام لأحلى عروسة. اتمخطري يا حلوة يا زينة.. ياوردة من جوه جنينة. تتكلف الضحك من أجلي  أقرِّبها مني أحيطها بذراعي، أضع رأسها فوق صدري ونخطو سويا على مهل. لن تصدقوني لو قلت، ربما أبدو ساذجا.!

فيه إيه؟ احكي يا بابا إيه اللي حصل مع تيتة.

 أخذ ابنته وابنه إلى حضنه وقال :في اللحظة دي شعرت. شعور غريب.

إيه هو.

يصمت قليلا وكأنه يسترجع هذا الشعور ثم قال :

شعرت إنها بنتي مش أمي. مسح الصغيران عيني والدهما

وارتميا في حضنه.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة