قصة قصيرة للكاتبة منى حسن
قصة قصيرة للكاتبة منى حسن


«تضحية وأنانية».. قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

صفوت ناصف

الجمعة، 15 سبتمبر 2023 - 05:59 م

 لم تجد فاطمة سوى قلب ابنها يحنو عليها بعد وفاة زوجها في حادث أليم، مرور عشرة أعوام على وفاة والده.. وكفاح أمه لتربية أبنائها..  أخيرًا وبعد طولِ عناء.. دق الباب الفرج والفرح.. وبدأت تشعر الأم بشيء من الراحة.. فهذا أكبر أبنائها.. السند والعوض الذي ادخره الله لها عوضـا لها عن موت أبيه وعن سنوات الشقاء... عوضا عن السنوات العجاف.. بدأ الابن يصعد أول درجة من درجات التدرج الوظيفي وليست أي وظيفة.. بل وظيفة مرموقة ساعده فيها أهل الخير ممن رأف بحالهم ويعرف قدر أمهم..

 ثقل جيب الفتى ولأول مرة بمئات الجنيهات التي تجمعت في صورة راتبه الشهري.. وثب إلى أمه كي يلقى بحجرها راتبه كله ويستسمحها في مصروف جيب قليل للتنقل والقليل من مشروبات بوفيه مكتب عمله.. ولحق إخوته بوظائف أيضا وفرحوا بها فرحا شديدا وظل الابن الأكبر على حاله كل راتبه لأمه تفعل به ما تشاء..

وبعد فترة تعرف الفتى على زميلة له بالعمل من أصل طيب مثله وقد شغفها حبا وطار إلى أمه يشكو لها لوعة قلبه فبهتت الأم... ولم ترحب بكلامه ونهرته عليه... وبعد عدة أيام حاول مع أمه لتذهب تخطب له فتاته فذهبت معه على مضض.. وخرجت تحاول تحميل نفسه من الفتاة وأسرتها فلم يستجب وشاركها الحديث عن احتياجاته لتجهيز بيت زوجية مناسب وهذا يتطلب أن تعمل له جمعية ببعض من راتبه وهنا أخذت تبكي وتولول على حظها المائل، فكيف لها تجهيز بنتين لوحدها وسندها الوحيد يريد تركهم ويتزوج ويعطي خيره لغيره... كيف يفكر في نفسه دون إخوته ودون أن يحاول تعويض أمه بالحج وإذا مرضت من سيرعاها وقد أتعبها العمل وتريد أن ترتاح..

 فطالبته بمال أكثر لسد حاجة البيت وكيف أن الحال مائل ولا تستطيع تلبية طلبات زواجه..  وكلما حصل على مال أخذته وصرفته عليها وعلى بناتها... عجز الفتى عن الوفاء بوعد الزواج... وترك فتاته.. فرحت أمه فرحا شديدا.. وطلبت منه ألا يفكر في الزواج إلا بعد موتها وظل الابن بجوار أمه.. وتزوج جميع أخواته وفرح الجميع ببيوتهم وأبنائهم عداه هو.. لأنه كان فريسة لأنانية أمه..

 مرضت أمه مرض شديد أقعدها عن الحركة فجن جنون ابنها وأرسل في طلب طبيب ليسعفها ولبت المستشفى طلبه وأرسلت إليه طبيبه.... أسعفت أمه ووضعتها تحت الملاحظة وبقيت معها لتسترد عافيتها... فتعجب الرجل كيف لطبيبة تمكث كل هذا الوقت في عملها ولا تتلهف إلى العودة إلى بيتها.. واعتذر لها لأنه تسبب في تأخيرها عن بيتها وزوجها.

 فضحكت وردت لا عليك... خرج ليصنع لها فنجان شاي ويكمل حديثه معها.. وسألها ما سبب ضحكها فأفصحت أنها لم تتزوج لأن أمها كانت مريضة وفي حاجة ماسة لها ولم ترد أن يتشارك أحد معها في حياتها ولكن استرد الله أمانته وماتت العام الماضي.... فضحك ضحكة عالية حتى أدمعت عيناه.. فتعجبت الطبيب لضحكه وبادرها: تتجوزيني؟

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة