الكاتبة رانية المهدي
الكاتبة رانية المهدي


«العجوز» قصة قصيرة للكاتبة رانية المهدي

صفوت ناصف

الجمعة، 22 سبتمبر 2023 - 02:57 م

عجوز عبوس محني الظهر هبط قريتنا فجأة واستقر.. أنا لا أحب الغرباء وخصوصا العواجيز.. فكثير من الحكايات التي تحكيها جدتي العمياء عنهم مخيفة وترعبني.

 لكنه كان عجوز ودود يقدم العون للجميع ويساعد الصغار على تحصيل العلوم المعقدة دون مقابل.. مر الوقت وأصبح الجميع لا يشعر معه بالغربة أو القلق.. حتى اختفاؤه لعدة أيام كل فترة أصبح معتادا وغير مثير للقلق.

 المقلق حقا هو اختفاء صديقي الذي لم يظهر منذ أسبوع.. واستسلم أهل القرية لفكرة هروبه لحياة جديدة بعيدة عن قريتنا.. لكني لم أصدق تلك الفكرة الحمقاء.. فهو متفائل ومبتسم دائما ومحب للقرية وأهلها.. فلماذا يهرب؟!

في ليلة مقمرة وأنا أبحث بين أفكاري عن صديقي الغائب.. رأيت العجوز وهو يتخفى وكأنه يستعد للمغادرة خلسة.. تعجبت عندما وجدته يمشي منتصبا مشدود الظهر.. أخذت أسأل.. أين ذهبت الخطوط المكسورة على جبينه والبقع البنية المستديرة التي لم يصبح لها أثر.. لكن العجب الأكبر هو تلك الابتسامة التي أصبحت لا تغادره وهو العبوس الذي لا يبتسم أبدا..

أشار لي بيده من بعيد في محاولة منه لتمرير الموقف.. بهت وجهي واتسعت عيني عندما وجدت يده زائدة إصبع.. إنها ليست يده.. إنها يد صديقي الغائب.

 الآن تأكدت أنه هو العجوز الأسطوري من حكايات جدتي الذي يعود من الماضي ليسرق جلود الصغار ليحيا بها أزمان جديدة.. حاولت أن أصرخ لكنه سبقني وسرق عيني وهرب.

  

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة