خريطة لموقع ناختشيفان
خريطة لموقع ناختشيفان


«ناختشيفان».. منطقة صراع جديد تعقد جهود السلام بين أرمينيا وأذربيجان

الأخبار

السبت، 30 سبتمبر 2023 - 05:51 م

سميحة شتا
 

بعد أن نجح الهجوم العسكرى الأذربيجانى فى استعادة السيطرة الكاملة على منطقة ناجورنو كاراباخ الانفصالية، يلوح فى الأفق نزاع آخر مع أرمينيا، وهى الأزمة المتعلقة بإقليم ناختشيفان الاذربيجانى.

منطقة ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتى فى أذربيجان، وهى عبارة عن شريط من الأراضى يقع بين أرمينيا وإيران وتركيا، وتريد أنقرة وباكو ربطها مع ما تبقى من أذربيجان، من خلال إنشاء ممر برى يمر عبر جنوب أرمينيا.

ويمثل الإقليم حوالى 6٪ من أراضى أذربيجان، يفصل هذا الإقليم مساحة من أرمينيا يبلغ عرضها حوالى 40 كيلومترًا تقع بين الجيب وأذربيجان ويبلغ عدد سكانه حوالى 460 ألف نسمة، غالبيتهم العظمى من الأذربيجانيين ولكن يقطنها أيضًا بعض الروس. 

خلال الحقبة السوفييتية، أنشأت موسكو خطين للسكك الحديدية لربط ناختشيفان بالأراضى الأذربيجانية الرئيسية فى منطقة تشير إليها ارمينيا الآن باسم ممر زانجيزور،  نسبة الى المنطقة الارمنية التى يقع بها ويُطلق عليه ممر ناختشيفان من قبل وسائل الإعلام الأذربيجانية. لكن هذه السكك الحديدية أصبحت غير قابلة للاستخدام خلال حرب قره باخ الأولى، التى بدأت فى عام 1992، وأدت لاحتلال أرمينيا لنحو 20% من أراضى أذربيجان بما فيها كل إقليم قره باخ ذى الأغلبية العرقية الأرمينية ومناطق ذات أغلبية أذربيجانية تم طرد الأذربيجانيين فيها من قِبل الأرمن.

وفى عام 2020، بعد الهدنة التى أنهت حربًا استمرت ستة أسابيع بين أرمينيا وأذربيجان استعادت خلالها أذربيجان أجزاء من ناجورنو كاراباخ من الأرمن الانفصاليين، واستعادت أيضا خطوط النقل إلى ناختشيفان. ونص اتفاق  مابعد الهدنة على أن أمن تلك الطرق البرية والروابط سيكون بواسطة أرمينيا. ومع ذلك، ضعفت عملية الاستعادة مع استمرار التوترات بشأن ناجورنو كاراباخ.

وبعد انتهاء العملية العسكرية الخاطفة التى نفذتها القوات الأذربيجانية مؤخراً بموافقة القوات الأرمينية العرقية فى ناجورنو قره باخ على تسليم أسلحتها والانسحاب من مواقعها. تريد أذربيجان أن تتضمن أى تسوية دائمة بينها وبين أرمينيا إقامة ممر يربط بين أراضيها الرئيسية وبين منطقة ناختشيفان وإنهاء الوضع الحالي، فى ظل غياب أى اتصالات برية مباشرة بين باكو وبين ناختشيفان وبين أذربيجان وتركيا.

لكن أرمينيا اعترضت على فكرة «الممر» الذى تريده أذربيجان، قائلة إن ممر ناختشيفان  أو ممر زنجزور، فى حال تسميته على اسم المنطقة الأرمينية المحلية، سيكون بدون نقاط تفتيش أرمينية يمكن أن  يقوض سيادة البلاد.

بعد الحرب على أوكرانيا، بات لروسيا مصلحة أكبر فى فتح هذا الممر، بعد أن تم قطع خطوط إمدادها نحو أوروبا، وأصبحت روسيا مهتمة بشدة بفتح خطوط النقل عبر أرمينيا للحصول على طرق نقل إضافية مع تركيا.

لذلك، تضغط  روسيا على أرمينيا من أجل إتمام هذا الممر، وربما تجدها أرمينيا فرصة لتعزيز أهميتها فى نظر روسيا، بحيث تستطيع الأخيرة مساعدتها فى التوصل إلى اتفاق مع أذربيجان.

لكن إيران، التى تتمتع بعلاقات قوية مع أرمينيا، لا تريد أن يعمل الممر حيث تشعر طهران بالقلق من التقارب المحتمل بين أرمينيا وأذربيجان وتركيا، والذى تعتقد إيران أنه سيضعف مواقفها السياسية ومصالحها ، كما أنه سيقوى صلات تركيا بمنطقة آسيا الوسطى وهى الدولة التى تتحدث لغات مشابهة للتركية والأذربيجانية.

كما أن طهران تنظر بتوجس دوماً لأذربيجان رغم أن الأخيرة دولة ذات غالبية شيعية مثل إيران، ويرجع ذلك إلى أن الأذربيجانيين يشكلون نحو 16% من سكان إيران، ويمثلون ثانى أهم قومية فى إيران بعد الفرس، (يمثلون نحو 55% من السكان). بالنسبة لطهران فإن  نجاح أذربيجان القريبة من الغرب وأنقرة التى تتبنى القومية الأذربيجانية ذات المضمون التركي، يمثل خطراً قد يؤدى لصعود المشاعر القومية لدى الأذربيجانيين لديها، ظهر ذلك واضحاً عندما نفت طهران دعمها لأرمينيا ضد أذربيجان فى حرب عام 2020، بعد أن تصاعد الاستياء من هذا الدعم لدى أذربيجانيى إيران، ووصل لخروج مظاهرات نادرة تدعم سيادة أذربيجان على إقليم ناجورنو قره باغ الذى كانت تحتله ارمينيا وقامت بسببه الحروب بين البلدين.

وقد يلعب موقف القوى الإقليمية ذات الثقل، تركيا وروسيا، دورًا أيضًا، حيث تؤيد تركيا إنشاء ممر برى يوفر لها صلة مع روسيا . وقالت روسيا، التى تنشر قوات حفظ سلام فى ناجورنو كاراباخ منذ عام 2020 وتفاوضت على اتفاقات سلام هناك، من حيث المبدأ أن مثل هذا الممر سيكون ممكنا.

وسيمتد على طول حدود أرمينيا وناختشيفان مع إيران، الأمر الذى أثار مخاوف فى طهران من أن أذربيجان قد تستخدمه لمنع وصول إيران إلى أرمينيا.

وقال وزير الخارجية الأرمينى أرارات ميرزويان فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع قبل الماضى «إن فرض ممر خارج الحدود الإقليمية على أرمينيا بالقوة، ممر سيمر عبر أراضى أرمينيا لكنه سيكون خارج سيطرتنا  أمر غير مقبول بالنسبة لنا ويجب أن يكون غير مقبول بالنسبة للمجتمع الدولي».

وكان رئيس أذربيجان إلهام علييف قد استضاف محادثات، الاثنين الماضي، مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان، ألمح خلالها إلى احتمال إنشاء ممر برى بين البلدين، يعبر أرمينيا التى تعارض الفكرة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة