الأديبة مروى جوهر
الأديبة مروى جوهر


«مروى» صاحبة نبوءة القصر المملوكي: تشغلني وتحيرني مسألة «الزمكان»!

سيد علي

الأحد، 01 أكتوبر 2023 - 07:37 م

عملت الأديبة الشابة «مروى جوهر» كمضيفة طيران لعدة سنوات، درست الإخراج السينمائي، وشاركت فى العديد من الأفلام القصيرة والوثائقية، وصدر لها عدد من الروايات منها: «يحدث ليلاً فى الغرف المغلقة»، «منزل التعويذة»، «النوم الأسود»، «عمارة آل داوود»، وأحدث رواياتها «نبوءة قصر السلطان» التى دار حولها لقائى معها:

فى روايتك الأحدث « نبوءة قصر السلطان»، رحلة فى الزمان والمكان بين الماضى والحاضر، ما مدى انشغالك وإلى أى حد تأثرت بهذا فى كتابة روايتك؟ 


- مع رحيل كل عزيز أفكر فى مكانه، كيف ذهب وإلى أين؟ هل يشعر بنا أو يرانا؟ هل يتملكه نفس الاهتمام مثلنا ليعرف أخبارنا؟ أم أن الأمور كلها اختلفت الآن؟ «الزمكان» بصفة عامة شىء مثير ومحير، بصفة شخصية أحياناً أريد أن أنفصل عن الزمان والمكان لأعيش أدوارا ومشاهد أخرى، وأهيئ عقلى لذلك فى القراءة والكتابة لأشعر الإحساس بسلاسة، أحياناً أنجح فى القراءة، ولا أكتب إلا عندما أكون فى هذه المنطقة من دمج الأزمنة فى الأمكنة.

 

شخصيات أبطالك، قمارى وحكيم، ووباء الطاعون و«كورونا»، بين الماضي والحاضر صور متكررة متشابهة إلى حد كبير، أحداث وتجارب حياة متكررة، هل يتكرر التاريخ أم نعيش فى دوائر؟


- هذا سؤال وُضع لنفكر فيه معاً بعد قراءة الرواية، وكُل سيكون له وجهة نظر مغايرة عن الآخر، ربما ليكمل كل منا الآخر، ويتعرف على زاوية أخرى لم تكن فى الحسبان، لكنى بوجهة نظر متواضعة وعن طريق قراءة التاريخ عبر مراجع المقريزى وابن إياس، أرى أن الأحداث تتشابه بشكل كبير ليتعلم الناس، لكن وكما كتبت فى أول صفحة فى نبوءة قصر السلطان على لسان «قمارى» أو «السلطان حسن» « لا أحد يتعلم الدرس»، هذه سنة إنسانية ستستمر.

إلى أى مدى اقترب الواقع من الخيال فى «نبوءة قصر السلطان»؟


- اقترب الواقع فى أحداث العهد المملوكى إلى حد كبير خاصة فى الوقائع، قصة حياة السلطان بنسبة كبيرة جدا، أحداث الطاعون وما تعرضت له البلاد، خيانة «يلبُغا العمرى»، موت الست «مِسكة»، موت الأمير «شيخون» بطعنة غادرة أثناء عمله، الزلزال الذى ضرب القاهرة فى مشهد صغير، وغيرها الكثير من الأحداث، الدخول فى عمق الشخصية جعلنى أرتدى حذاءه، وأستطيع أن أتخيل إحساس وتطور الشخصية من طفل على العرش، مرورا بالسجن، ثم تولى العرش مرة أخرى، وهذا جعل للخيال مكانا محتوما وشخصيات خيالية بالتأكيد، تمنيت أن أعرف هل مات السلطان غرقاً؟، أم ذبحاً؟ أم دفن حياً؟، لكن هذا ما لم يسجله التاريخ لنا، وترك موت السلطان الشاب الباحث عن الحب لغزاً بعد حوالى سبعمائة وخمسين سنة، بالنسبة لحكيم وزيزو فهما شخصيتان حقيقيتان، وأستطيع  القول إن الخطوط العريضة حقيقية، وهناك الكثير من الخيال نسجته حولهما بالطبع.

لا شىء يبقى، لا شىء يفنى، الأرواح متصلة والهوية ممتدة، وما تركه الأقدمون وصل إلينا، وما سنتركه سيصل إلى الأجيال المقبلة، كيف يقاوم البشر الفناء؟  
- مقاومة الفناء غريزة متأصلة بداخل البشر، هذا يقاوم فناءه بإنجاب أطفال، وهذا بنشر كتاب، وهذا باختراع علمى، الكل يريد أن يترك أثراً، فى رأيى كلما كنت صادقاً، كان الأثر ممتداً إلى ما شاء الله، لأننا فى آخر المشوار حتى بعد ترك آثارنا سنُصبح في طي النسيان كما الملايين من قبلنا.

شعرت فى روايتك بتأثرك البالغ بكتابات الأديب الكبير جمال الغيطاني، روحه حاضرة بين السطور، حدثينى عن ذلك؟
- بالطبع تأثرت بالتجليات للقامة الكبيرة الروائى الكبير «جمال الغيطانى»، كنت أتمنى لقاءه كثيراً، ولم يحدث، لكنى أؤمن أننا سنتقابل لاحقاً إن شاء الله، وتأثرى، بالتجليات كان ملموساً فى زياراتى لمساجد مصر المملوكية وباقى المنشآت الهامة كالخانقاوات وغيرها فى ذلك الزمن، وأردد مثل «الغيطانى»: «أقف فوق موضع من الأرض، فأسأل نفسى عمن مر فوقه، ومن عبره؟»

حملت الرواية كثيرا من المعانى والقيم الإنسانية، الموالاة والخيانة، الحب والكراهية، الموت والمرض، الخداع والقتل، ماذا تمثل هذه المعانى فى حياتك؟
- كل هذه المعانى، والقيم الإنسانية مختلطة، تمثل الحياة، لم يكن السلطان بريئاً طوال الوقت، ولم يكن «يلبُغا» شريراً طوال الوقت، وهذا ما قيل صراحة على لسان حكيم فى آخر الرواية «قمارى لم يكن ملاكا ولا شيطانا، وإنما كان إنسانا يبحث عن الحب، ويرتكب الكثير من الأخطاء فى طريقه» وهذا ما شعرت به عندما قرأت عنه، لأن تجربتى الشخصية فى الحياة استغرقت سنوات كثيرة لأصل إلى هذه الحقيقة، الحياة ليست أبيض وأسود، هى درجات كثيرة من الرمادى من أغمق درجة شبيهة بالأسود إلى أفتح درجة شبيهة بالأبيض، لا يوجد أبيض صريح، أو أسود صريح إلا تمثيلاً فى الملائكة والشياطين، أما نحن فبشر.. «غلابة» علينا أن نخطئ لنفهم، ثم نعيد الكرة من جديد بطرق مختلفة حتى الممات.

 ماذا تقرأ وكيف تقرأ مروى جوهر؟ 
- أقرأ كل شىء، يلفت انتباهى، ويقع تحت يدى، أحياناً أنجذب إلى عمل ما ولا أشعر به فأتركه، وأحياناً كثيرة يجعلني العمل أتفرغ لقراءته في وقت قصير، ليست هناك قاعدة.

وما مشروعك الإبداعى القادم؟
- سيكون مشروعا مختلفا عن كل ما سبق إن شاء الله، لن أفصح عنه الآن، فليكن مفاجأة،  وأتمنى له النجاح لأننى كتبته في ظروف شخصية صعبة للغاية.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة