«اللص» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن
«اللص» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن


«اللص» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

صفوت ناصف

الثلاثاء، 03 أكتوبر 2023 - 08:07 م

تذكرت هناء زوجها والد ابنتيها.. أقصد طليقها وكيف أصبحت مطلقته بعد خمسة عشر عاما من الزواج.. كيف هان عليه هذا الحب والعشق كله.. حقيقي أنها من طالبته بالانفصال وأصرت عليه ولكنه يعرف السبب تماما.. هو الذي أصر أن تترك عملها الذي كرست من أجله كل الوقت والجهد والإنتماء وعلا صيتها واشتهرت بين أقرانها بالذكاء والنبوغ واحتلت مركزا مرموقا به..

وجاء هو في يوم وليلة يريدها أن تتفرغ له وللبنات.. فهي لم تقصر معهم ولم تتهاون منذ تزوجته في أي أمر من أمور البيت وتتابع بناتها وتتتبع خطواتهما على قدر استطاعتها ووقتها وإذا لم يتسع وقتها توفر البديل لذلك.. مثلها مثل أي إمرأة عاملة.. هي لم تأت بشئ جديد أو خارق للطبيعة.. ولكن شكواه منها فاقت الأصول فأصبح يشكوها علنا وأمام الأهل أو الأصدقاء.. حتى ظنت بوجود إمرأة أخرى بحياته... فثأرت لنفسها وكرامتها وقررت أن تبتعد وتترك المعركة وترحل...

هو يعلم حبها وشغفها بعملها ويعلم أيضا أنه حب حياتها الذي ضحت من أجله بمن هو أغنى منه وأكثر وجاهة اجتماعية ولكنها أحبته هو.. فهو المالك الحقيقي لقلبها.. ولكن هكذا هي الحياة تبخل علينا وتضن براحة البال... مرت صديقتي هناء بعد انفصالها عن زوجها بوقت عصيب ولكن بعد أشهر قلائل استعادت حيويتها ونشاطها ودبرت أمورها.. كإنسان مسؤول وحده عن نفسه وعن بناته..

كانت بحالها.. جمال الدنيا في عينيها بناتها وزهرات حديقتها.. تراعيها فتزدهر وتعشق رائحتها.. في الصباح مع الصياح تدبر حاجتها.. ويأتي المساء تنعم بحريتها مع عزف الموسيقى وكتاب تقرأه حتى زارها زائر الليل الجرئ.. الذي اخترق جدار البيت وحتى غرفتها وتسلل داخل خزانتها المغلقة و المخبأه بين الحشايا.. تسلل داخل أعماق أعماقها بكلام حلو معسول..

 

يحاول أن يسرق قلبها وعرف السبيل.. حلو الكلام تزينه الزهور ولكن متى كان الكلام وحده كاف ومنذ متى ينال اللص ما يناله المالك الحقيقي لقلبها فذكرياتها كلها معه هو وكيف يسكن قلبها آخر دون من أحبت منذ كانا معا في الجامعة وفي العمل ثم معا في بيت واحد .. وهو صاحب أجمل زهرتين في الدنيا.. كيف تعطي ثمرته لغيره ومن غيره ذلك الشخص الذي يخيرها بينه وبين أن تعطي البنات لأبيهم هل هي هكذا دائما أمامها خيار صعب لا تحتمله... نعم تأثرت هنيهة ولكن سرعان ما استفاقت لنفسها فأبت وانتفضت ورفضت محاولات اللص العتيه فأمسكت باللص وأخرجته من حياتها وعادت تزرع زهور حديقتها وأغلقت عليها أبواب غرفتها واستمتعت بموسيقي (مونامور) مع سلات الزهر وكتاب في يدها.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة