أحمد الإمام
أحمد الإمام


عصير القلم

إذا غلا شىء علي تركته

أخبار الحوادث

الخميس، 05 أكتوبر 2023 - 02:07 م

‭..‬في‭ ‬ظل‭ ‬موجة‭ ‬الغلاء‭ ‬الجنونية‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬ولم‭ ‬تنج‭ ‬منها‭ ‬أي‭ ‬سلعة‭ ‬أساسية‭ ‬أو‭ ‬كمالية‭ ‬،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬المتزايدة‭ ‬على‭ ‬ميزانيات‭ ‬الأسر‭ ‬المصرية‭.‬

وهنا‭ ‬نستلهم‭ ‬مقولة‭ ‬تاريخية‭ ‬لأحد‭ ‬المتصوفة‭ ‬الكبار‭ ‬وهو‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬أدهم‭ (‬المُتوفّى‭ ‬سنة‭ ‬162‭ ‬هجرية‭)‬عندما‭ ‬قالوا‭ ‬له‭ ‬إنّ‭ ‬اللّحم‭ ‬قد‭ ‬غَلاَ‭ ‬فقال‭: ‬أرخِصوه‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬تشتروه‭ ‬وأنشد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭: ‬وإذا‭ ‬غلا‭ ‬شيء‭ ‬عليّ‭ ‬تركته‭ ‬فيكون‭ ‬أرخص‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إذا‭ ‬غلا‭ .‬

هذه‭ ‬المقولة‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬قالها‭ ‬رجل‭ ‬زاهد‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬ومتاعها‭ ‬تصلح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حلا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬عبقريًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الارتفاع‭ ‬الممنهج‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الابرة‭ ‬للصاروخ‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭.‬

وتطبيق‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬السحرية‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬شقين‭ .‬

الشق‭ ‬الاول‭ ‬يتطلب‭ ‬تعاونا‭ ‬مجتمعيا‭ ‬شاملا‭ ‬بمقاطعة‭ ‬أي‭ ‬سلعة‭ ‬يرتفع‭ ‬سعرها‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مبرر،‭ ‬وهذه‭ ‬المقاطعة‭ ‬لن‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المقاطعة‭ ‬جماعية‭ ‬لتأديب‭ ‬التجار‭ ‬الجشعين‭ ‬وإجبارهم‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬الاسعار‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬وإعادة‭ ‬السلعة‭ ‬إلى‭ ‬سعرها‭ ‬العادل‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬هامش‭ ‬ربح‭ ‬معقول‭ ‬للتاجر‭ ‬ولا‭ ‬يلهب‭ ‬جيوب‭ ‬المستهلكين‭.‬

والشق‭ ‬الثاني‭ ‬يتطلب‭ ‬مراجعة‭ ‬بنود‭ ‬الإنفاق‭ ‬الشهرية‭ ‬لكل‭ ‬اسرة‭ ‬والتخلص‭ ‬فورًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬ثانوي‭ ‬وغير‭ ‬ضروري‭ ‬،‭ ‬فالظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬يشكو‭ ‬منها‭ ‬الجميع‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬أي‭ ‬رفاهية‭ ‬أو‭ ‬كماليات‭.‬

فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يمكن‭ ‬تخفيضها‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬لو‭ ‬راعينا‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬مثل‭ ‬تقنين‭ ‬تشغيل‭ ‬الاجهزة‭ ‬الكهربائية‭ ‬وخاصة‭ ‬الاجهزة‭ ‬التي‭ ‬تستهلك‭ ‬كهرباء‭ ‬بصورة‭ ‬متزايدة‭ ‬مثل‭ ‬السخانات‭ ‬واجهزة‭ ‬التكييف‭ ‬والمكاوي‭ ‬الكهربائية‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬استبدال‭ ‬الاضاءة‭ ‬المبهرة‭ ‬بلمبات‭ ‬موفرة‭ ‬للطاقة‭ ‬تمنح‭ ‬نفس‭ ‬الاضاءة‭ ‬ولكنها‭ ‬تقلل‭ ‬الاستهلاك‭.‬

أدوات‭ ‬العناية‭ ‬الشخصية‭ ‬مثل‭ ‬الشامبوهات‭ ‬والكريمات‭ ‬والبرفانات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬توفير‭ ‬فاتورتها‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬لو‭ ‬استبعدنا‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬طلباتنا‭ ‬الانواع‭ ‬المستوردة‭ ‬المبالغ‭ ‬في‭ ‬أسعارها‭ ‬واستبدالها‭ ‬ببدائل‭ ‬مصرية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬نسبيًا‭ ‬في‭ ‬الجودة‭ ‬ولكنها‭ ‬ستحقق‭ ‬نفس‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭ .‬

فواتير‭ ‬الملابس‭ ‬والأحذية‭ ‬يمكن‭ ‬تخفيضها‭ ‬ايضا‭ ‬إذا‭ ‬تخلصنا‭ ‬من‭ ‬عقدة‭ ‬التباهي‭ ‬بالماركات‭ ‬الشهيرة‭ ‬وما‭ ‬يسمى‭ "‬البراند‭" ‬،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نشتري‭ ‬ملابسنا‭ ‬واحذيتنا‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬عادية‭ ‬وغير‭ ‬مشهورة‭ ‬وبأسعار‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬اليد‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬المغالاة‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬في‭ ‬المولات‭ ‬الكبرى‭ ‬والسلاسل‭ ‬التجارية‭ ‬الشهيرة‭.‬

فواتير‭ ‬الوجبات‭ ‬الجاهزة‭ ‬التي‭ ‬اصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬عبئًا‭ ‬ثقيلا‭ ‬على‭ ‬ميزانيات‭ ‬الاسر‭ ‬المصرية‭ ‬بسبب‭ ‬استسهال‭ ‬بعض‭ ‬الامهات‭ ‬واعتمادهن‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الطعام‭ ‬الجاهز‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬المطبخ‭ ‬لساعات‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اعداد‭ ‬وجبة‭ ‬لاولادهن‭.‬

الطعام‭ ‬الجاهز‭ ‬يرهق‭ ‬الميزانية‭ ‬بسبب‭ ‬تكلفته‭ ‬العالية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أضراره‭ ‬الصحية‭ ‬لعدم‭ ‬مراعاة‭ ‬معظم‭ ‬المطاعم‭ ‬للشروط‭ ‬الصحية‭ ‬الواجب‭ ‬توافرها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الخامات‭ ‬المستخدمة‭ ‬أو‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬اعداد‭ ‬الطعام‭.‬

والحل‭ ‬سهل‭ ‬وبسيط‭ ‬للغاية‭ ‬بالعودة‭ ‬الى‭ ‬سياسات‭ ‬أمهاتنا‭ ‬قديما‭ ‬وعدم‭ ‬تناول‭ ‬أي‭ ‬وجبات‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬توفيرًا‭ ‬للمال‭ ‬وحفاظًا‭ ‬على‭ ‬الصحة‭.‬

ما‭ ‬ذكرته‭ ‬مجرد‭ ‬حلول‭ ‬مقترحة‭ ‬قد‭ ‬تروق‭ ‬للبعض‭ ‬وقد‭ ‬يجدها‭ ‬الآخرون‭ ‬هدمًا‭ ‬لبعض‭ ‬ثوابت‭ ‬حياتهم‭ ‬وحرمانًا‭ ‬من‭ ‬اسلوب‭ ‬حياة‭ ‬اعتادوا‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكنني‭ ‬أقولها‭ ‬بكل‭ ‬صدق‭ ‬لهؤلاء‭ ‬وهؤلاء‭ ‬اننا‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬رفاهية‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بنمط‭ ‬حياتنا‭ ‬المعتاد‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التقشف‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬اختياريًا‭ ‬الآن‭ ‬ولكنه‭ ‬سيصبح‭ ‬اجراءً‭ ‬اجباريًا‭ ‬غدا‭.‬

وانا‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ .. ‬اذا‭ ‬غلا‭ ‬علي‭ ‬شيء‭ ‬سأتركه‭ ‬فورا‭. ‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة