ارتال من الدبابات والمدرعات فى انتظار عملية الاجتياح الشامل لغزة
ارتال من الدبابات والمدرعات فى انتظار عملية الاجتياح الشامل لغزة


بدايات إسرائيلية فاشلة.. غزة فى انتظار فتح «أبواب الجحيم»

أسامة عجاج

السبت، 28 أكتوبر 2023 - 07:13 م

يبدو التردد واضحا أمام رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو فى إعطاء الضوء الأخضر للمستوى العسكرى لبدء عملية الغزو البرى الشامل لقطاع غزة التى تتحدث عنه جهات عديدة بعد الصدمة والرعب الذى أصاب تل أبيب فى أعقاب زلزال السابع من أكتوبر الحالى والأيام الأولى الذى تلته مع اللحظات الاولى لبدء العملية اذا تمت عملية الغزو الشامل فهذا يعنى ان نتنياهو قد عبر عددا من الحواجز الرئيسية التى مثلت عوائق فى طريق اتخاذ القرار ونتوقف عند اثنين منهما: 


الأول: انتهاء الخلاف بينه وبين المؤسسة العسكرية فحقيقة الأمر انه رغم وحدة الهدف بين الطرفين فالواقع يقول ان هناك حالة عدم ثقة وتوتر فى العلاقة بينهما نتنياهو يحمل قادة الجيش مسئولية ما حدث فى السابع من اكتوبر واصبحت العلاقة بينه وبين وزير الدفاع يوآف جالانت متوترة وصعبة هناك اعتقاد واسع بان الحكومة هى الحلقة الاضعف فى المعادلة وصعوبة فى اتخاذ قرارات متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية المطروحة خاصة قرار الغزو البرى خاصة فى ضوء ما اعلنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلى انه ينتظر موافقة المستوى السياسى على العمل البرى وهذه هى طريقة القيادة العليا للجيش الإسرائيلى لنقل عبء وتحمل المسئولية إلى الحكومة خاصة رئيس الوزراء على الرغم من وجود توافق كما هو ظاهر فى التصريحات العلنية على ضرورتها.


فرئيس الحكومة الإسرائيلية تعهد برد سيتردد صداه لأجيال بينما توقع وزير الدفاع يوآف جالانت ان الحرب فى غزة قد تستغرق شهرا او ثلاثة ولكن فى النهاية لن يكون هناك حماس واكد رئيس الاركان هرتسى هاليفى وقادة آخرون على خوض مهمة عملياتية بهدف القضاء على العناصر التابعة لحماس ولكنه اعترف بان غزة معقدة ومكتظة والعدو يحضر الكثير من الاشياء فيها واضاف ولكن نحضر له ايضا وترافقنا فى المناورة البرية كافة القدرات.
مخاوف واشنطن
الثانى: إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتل أبيب لبدء العمليات فمنذ اللحظة الأولى لعملية طوفان الاقصى وامريكا شريك رئيسى فى المواجهات دعم سياسى ومساعدات عسكرية غير مسبوقة وعناصر من المارينز جاهزة للتدخل المباشر ومستشارون وخبراء عسكريون للمساعدة وهو ما اعترف به منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الامن القومى الامريكى جون كيرى عندما قال بان الولايات المتحدة ارسلت عددا قليلا من المستشارين العسكريين إلى اسرائيل لتقديم المشورة للقادة الاسرائيليين فى عمليات الجيش بقطاع غزة مشيرا إلى ان واشنطن لا تملى قرارات على الجانب الإسرائيلى ولكن ظل هناك قلق امريكى من افتقار اسرائيل إلى اهداف عسكرية قابلة للتحقق فى غزة مع اعتقاد لدى البنتاجون بان الجيش الإسرائيلى ليس مستعدا بعد لشن هجوم برى بخطة يمكن ان تنجح ودعا وزير الدفاع الامريكى نظيره الاسرائيلى إلى الحاجة إلى دراسة متأنية للكيفية التى قد تقوم بها القوات الاسرائيلية بالهجوم البرى حيث تحتفظ حماس بشبكة أنفاق معقدة.


مسرح العمليات
ودعونا نتحدث عن صورة ومجريات الأمور فى حال بدء الغزو الاسرائيلى البرى الشامل لقطاع غزة فنظرة على مسرح العمليات المتوقعة يمكن ان نشير إلى ان القطاع يتكون من خمس محافظات هى من الجنوب إلى الشمال رفح خان يونس الوسطى غزة شمال غزة وتبلغ مساحاتها الكلية نحو ٣٦٠ كيلو يعيش فيها اكثر من ٢ونص مليون نسمة بما يعادل اقل من ٢ بالمائة من فلسطين التاريخية بينما السكان يمثلون ٤٠ بالمائة من سكان فلسطين عامة والأراضى المحتلة.


وهى أرض ساحلية سهلية ورملية تخلو من التلال والعوائق الطبيعية باستثناء بسيط فى منطقة الوسط حيث يفصل وادى غزة المدينة عن محافظة الوسطى دير البلح وهو عموما منطقة حضارية متصلة تضم خمس مدن ونحو عشرين بلدة وقرية جميعها بلدات كبيرة وعشرة مخيمات وهذه المدن تعتبر غابات اسمنتية بعد انحسار الاراضى الزراعية بإقامة شريط عازل يتراوح عرضه بين ٣٠٠ إلى ٥٠٠ متر هذه الطبيعة سهلت حفر الانفاق وهى تمثل غزة أخرى تحت الارض وهى معقدة لا يعرف تصميمها الا عدد محدود من نخبة حركات المقاومة واصبحت وسيلة اتصال القطاع مع العالم حيث يتم عبرها ادخال البضائع والأشخاص وتم استثمارها بشكل ممتاز وعملت على تحديثها وتقويتها رغم الحصار وهناك تقارير تتحدث ان بها شبكة اتصالات مستقلة ومصادر للتزود بالمياه وفتحات تهوية غير مرئية وبعضها على عمق يصل إلى ٧٠ مترا وبعضها عريض ومرتفع لدرجة تجعله قادرا على استيعاب مركبات وبطاريات صواريخ وسبق لإسرائيل ان شنت هجمات على الانفاق دون ان تحقق اى اهداف سوى بشكل محدود.


 وقد حددت إسرائيل عبر اجتماعات مجلس الحرب عددا من الأهداف من خلال الغزو البرى القضاء على حماس والعمل على ان تجريد القطاع كله من السلاح ووضع ترتيبات وآليات لضمان ذلك والعمل على تشكيل حكومة مدنية وليس لها انتماءات سياسية او دينية وقضم الجزء الشمالى من القطاع وتحويله إلى منطقة عسكرية خالية من السكان وقد تضمها لاحقا إلى الاراضى المحتلة واستعادة الرهائن بغرض التعويض المعنوى عما لحق بالجيش الإسرائيلى.


شكل العمليات 
مازال الجيش الإسرائيلى فى مرحلة التحضير الاستعلامى لمناطق الاجتياح رغم ان القطاع كتاب مفتوح للجيش الإسرائيلى ويقوم بمراقبة تفاصيل التفاصيل بهذا الخصوص ودليل على ذلك عملية فجر الجمعة الماضية ودخول محدود لعدد من الفرقة ٣٦ لساعات فجر الجمعة الماضى والعمليات المحدودة بعدها فى محاولة لتجاوز السياج الامنى الفاصل بين القطاع واسرائيل ولكن على ضوء ما جرى فى طوفان الاقصى فهو فى حاجة لمعرفة حجم القوات ومناطق تمركزها وطبيعة الاسلحة المستخدمة وخرائط الانفاق وقد اتبعت إسرائيل استراتيجية الثأر المؤلم فى ردها على طوفان الاقصى وهو جزء رئيسى من العملية وهو استهداف المدنيين بغارات جوية دون النظر إلى النتائج او العواقب وقد سبق لها ان كررت ذلك مرات عديدة ولكنها تمت بوحشية ملحوظة هذه المرة وتشير العديد من التقارير إلى ان البداية ستكون بمناورة شمال غزة للسيطرة على المنطقة التى تمكنها من جمع المعلومات الاستخبارية والتعامل معها على الفور بهدف وقف عملية اطلاق الصواريخ على الداخل الاسرائيلى وتدمير القدرات القتالية لحماس وستعمل فى الجنوب على تحقيق نفس الاهداف ويحتاج الجيش إلى حشد عدد كبير من القوات المسلحة ولمدة زمنية قد تطول من اجل السيطرة على الارض وتحقيق نوع من الاستقرار فيها وبالفعل قامت اسرائيل باستدعاء ٣٠٠ الف جندى من الاحتياط وذكرت تقارير بانها قد تحتاج إلى ٥٠ الف جندى فى احتلال غزة الهجوم سيكون ثلاثى الابعاد من البر والبحر والجو بشكل متناسق عبر تقسيم القطاع والعملية إلى اهداف مرحلية وقد تكون البداية فى بيت حانون وبيت لاهيا وتطويق جباليا وحى الشجاعية وهو ما نشاهده خلال اليومين الماضيين.


وهناك بعض الصعوبات التى تواجه العملية ومنها الكمائن والخنادق التى حفرتها حماس فى قطاع غزة وكذلك التحصينات التى بنتها منذ ١٧ عاما مع وجود أعداد كبيرة من الرهائن لدى حركتى حماس والجهاد قد تلجأ اسرائيل إلى تنفيذ عمليات توغل نوعية بمجموعات خاصة وقد تتسع تدريجيًا وفقا للتطورات الميدانية مع عدم تحمل الجيش الإسرائيلى لاستمرار مواجهات لعدة اشهر وجود عشرات المسلحين فى الانفاق التى تمتد مئات الاميال مع توقع قيامهم بعرقلة التقدم من خلال تفجير بعض الانفاق او نصب كمائن للاسرائيليين من الخلف وكذلك وجود العشرات من الرهائن وحتى فى حالة استخدام اسرائيل للقنابل الامريكية الخارقة التى تتراوح زنتها ما بين ٢ ونص طن إلى اربعة وتحدث حفرة فى الارض عقمها ٣٠ إلى ٥٠ من اجل الوصول مراكز انفاق حماس السرية الدمار سيكون هائلا ومكلفا ولكن بعض مراكز حماس اعمق من المدى التدميرى لهذه القنابل بحوالى النصف.


وعلى القوات الاسرائيلية المهاجمة ان تتعامل مع القدرات العسكرية لحماس وبقية فصائل المقاومة والتى تمتلك مجموعة متنوعة من الصواريخ ارض أرض مثل القسام وصواريخ جراد وسجيل ومداها ٥٥ كيلو مترا وكذلك الانظمة الصاروخية وهى متعددة المدى والطائرات المسيرة وتقدر الوحدات العسكرية لحماس ما بين ٢٧ إلى ٣٠ كتيبة وحوالى ١٠٠ سرية وقد كشفت عملية طوفان الاقصى عن امتلاك حماس لصواريخ بعيدة المدى وآخرها عياش ٢٥٠ كيلو مترا وطائرات بدون طيار وغواصة الكترونية كما ان هناك عاملا آخر وهو عدم تحمل الجيش الإسرائيلى لاستمرار مواجهات لعدة اشهر وجود عشرات المسلحين فى الانفاق التى تمتد مئات الاميال مع توقع قيامهم بعرقلة التقدم من خلال تفجير بعض الانفاق او نصب كمائن للاسرائيليين من الخلف وكذلك وجود العشرات من الرهائن.


مخاوف ما بعد الاجتياح
حقيقة الأمر ان هناك وجهة نظر لها وجهاتها تتحدث عن ان حماس هى من تستدرج اسرائيل إلى الهجوم البرى ويعتبر ان العملية اكبر فخ يبدو ان اسرائيل سيتم استدراجها له خاصة ان اسرائيل تبدو مستعدة للقفز مباشرة إلى الفخ فى ظل تلهفها للقضاء على حماس وهو ما لم يمكن تحقيقه بالقوة وهو امر مستحيل طالما استمر الاحتلال ومن جهة أخرى هناك قاعدة رئيسية فى المعارك تقول انك قد تبدأ الحرب ولكنك لست صاحب قرار انهائها تل ابيب ستكون هى من ستحدد ساعة الصفر للمناورة البرية كما تطلق عليها ولكنها قد لا تملك قرار انهاء العملية فهناك مخاوف اسرائيلية من اليوم التالى للاحتلال والسيناريوهات عديدة منها صمود المقاومة مع ايقاع اكبر عدد من الخسائر بين صفوف افراد الجيش الإسرائيلى والذى يضطره إلى الانسحاب او اتخاذ قرار وقف العملية وفى هذه الحالة فسيضطر العالم إلى انتهاج مقاربة جديدة فى التعامل معها كسلطة امر واقع وحتى لو كان الامر غير ذلك فعلى اسرائيل ان تختار بين بدائل كلها خطرة منها الاحتلال الكامل حيث ستقع عليها مسئولية ادارة اكثر من مليونين من سكان القطاع وهو الامر الذى يمثل عبئا سياسيا وعسكريا واقتصاديا على تل ابيب مع مخاوف من تشتيت قواتها مع قرار زيادة الوجود العسكرى فى الضفة الغربية والقدس خوفا من اندلاع انتفاضة جديدة فاحتلال غزة بأعداد كبيرة ستحد من قدرة إسرائيل وحرية حركاتها وقدرتها على المناورة على اكثر من جبهة مما يمكن حزب الله من تملك زمام المبادرة او ترك غزة فى الفوضى مع فشل اسناد ادارتها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لها او نشر قوات متعددة الجنسيات واعترف مسئول امريكى بذلك وقال ليس هناك خطة تحدد من سيملأ الفراغ اذا سقطت حماس.


ولم يعد خافيا على احد ان هناك توابع على المستوى الاقليمى للغزو البرى واقربها للتحقق ومنها على الاقل دخول حزب الله على خط المواجهات ويكفى ان نشير إلى وجود ثلاث فرق من الجيش الإسرائيلى اى نصف الجيش على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان على امتداد ١٠٠ كيلو متر.
وبعد فالمنطقة مقبلة اما إلى تسوية شاملة او حرب كبرى وان كنت اميل إلى ما قاله الجنرال الإسرائيلى المتقاعد غسان عليان عندما حذر من القادم وقال «لقد أردتم الجحيم وستحصلون عليه».

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة