الكاتب محمد نبيل
الكاتب محمد نبيل


«سيناء .. عتبات الجنة 101 » 2 قصة قصيرة للكاتب محمد نبيل

صفوت ناصف

الأربعاء، 01 نوفمبر 2023 - 10:34 م

إهــــــــداء

إلى المصريات..

الأم التي تدعوا لفلذة كبدها بالحياة الأبدية وهي تعلم الحقيقة!

.. الزوجة التي تحمل جنينا لن ير والده أبدا وتتحور رجلا(!)

الابنة التي ترفع رأسها فخرا لذكرى والدها

من أجل الوطن ...


 

 

بداية المشوار

 

تعج بيوت الشارع بالنعاس بعد ليلة ليلاء، احتفلوا فيها بعرسهم كما كانوا ينادونهما طوال الليلة ولم تنعس العروسة، وظل النوم يجافيها وهي تجلس خلف شباكها حتى داعبتها أشعة الشمس وأثارت نصف جبينها لترسم الطبيعة جمالا على جمال لما أبدعه الخالق حسنا في وجه بطه الوضاء والمواري لظلال تخفي ما تخشاه بطه من القادم.

تتلفت على صوت يسأل عن بيت حضرة الضابط يوسف تلقى برأسها خارج النافذة لتلصص عليه تتفحصه قائلة لنفسها: " يبدوا أنه من زملاء يوسف مشكلة ضابط صغير" وتتزامن نظراتها مع إصبع عم جمال البقال الذي يفتح مبكرا جداً ويشير إلى منزل الضابط يوسف للسائل: " أيوه طبعاً الضابط يوسف.. أمال ايه!

لترسل بنظراتها سريعاً إلى باب المنزل منتظره مع السائل حتى ينزل لهما المنتظر!

لحظات طويلة تكاد تساوي ساعات باردة ويشرق بدرها من البوابة المواجهة لشباكها وما كاد أن يخرج بكامل جسده من بوابته إلا واعتدتها رعشة أبعدتها عن الشباك لتسترق السمع وتشم رائحة عطره الذي مازال يداوم عليها منذ أن كان طالبا.

وما أن تبدد صوت زميله العالي مشيراً إلى اتجاههم للخروج مبتعدين عن مدخل المنزل.. إلا وعادت بطه لتشاهد عريسها مختالا في نفسه.. يمشى ملكا.. فائق الحسن..

تبتسم عيناها اللامعتين مبرقة إليه دعوات بالرجوع مسرعاً فهي لا تحتمل بعاد معشوقها عن الشارع .

فتخلوا بطه إلى أوراقها تعبث بصديقها المعهود كاتبة شكاويها.. فتكتب.. فارق الحبيب.. وتشرع في شطب كلمة فارق وتستمر في الكتابة.. معاتبة لقلمها.. كيف هان عليك أن تكتب يا صديقي كلمة فارق" .. لو أحببته كما أحبه لما كتبت فارق بل سكبت دمعاً لوداع حبيب قادم لا محال فمتى تفارق الروح جسدها لم يحدث إلا في.. ولن يحدث سنظل نتقابل.. سنظل معا حتى ... وتشطب كلمة "حتى" وتستبدلها بكلمة "للأبد".. أنتظرك حبيبي .. إن كنت تحرس الوطن فأنا حارسك الأمين.. المضحى بحياته من أجلك.. لا لا لن أضحى بحياتي فكيف لحياتي أن تذهب وأنت هنا.. سأبقى خالدة أستمتع بحبك.. القاهرة 2014 .

وقبل أن تنزل أوراقها تناديها عزيزة: " بطه مش  تساعدينى في المطبخ شوية وتسيبى اللى فى إيدك ده ؟! " وكأنها تعلم ما تفعله بطه مع نفسها .

فترد مبتهجة برأسها إلى خارج الغرفة وتأبى يدها أن تفارق حوارها مع محبوبها :" حاضر حاضر .. يوووه" .

عزيزة: أهو المحروس اتخرج وبقى أد الدنيا .

بطه : قصدك ايه ؟! وتتلفت لتوارى خجلها عن عزيزة .

عزيزة : قصدي إنه خلاص لازم نفرح بقى .

بطه : آه .. ماشى باين بعد ما حورية هانم دبحت له العجل .

عزيزة : عجل ايه يا.... يا ام مخ ضلم ..انت وبس وبكرة تقولى عزيزه قالت .

تضحك بطه وتمتلئ حيوية وتنهض لتقبل جبين عزيزة تنظر إليها بعين تأج بفيض المشاعر المحبة ..

بطه : انت فعلا زى ماما يا عزيزة  ربنا ما يحرمنيش منك أبدا .

ويسمعا معا صوت مناع أبو خليل يضطرب فى الباب معلنا حاله الودودة النسائية الصاخبة .. مقتحما عرين المطبخ .. يزأر : " أين الغداء يا ستات البيت الشطار " .

بطه : حالا وتقبله .

إبراهيم: يا ترى ايه سبب الفرحة دية والبوسة ديه .

عزيزة : هى النهاردة عاملة ندر وتوزع فيه بوس .

إبراهيم : طب الغدا ده لأهل البيت بس طبعاً .. ويضحك الجميع.

بعد انتهاء الأسرة من تناول غذائها تتقدم عزيزة وهى تنقل الأطباق الفارغة إلى حوض المطبخ ذهابا وإيابا وتقترب من إبراهيم هامسة ..

عزيزة: إبراهيم ما نعزم .. أبو يوسف ومراته ونورا على العشا الليلة ديه .

إبراهيم: وكأنه يكتشف الفتح مغمضاً إحدى عينيه: " اشمعنى الليلة ديه .. قبل ما حد تانى يعزمهم يعنى وبعدين ما قولتليش الأهم .. الضابط يوسف .. العريس " .. ويمسك بكتفها ويضغط عليه .. أنا فاهم كل حاجة .. بس بالأصول يا أم بطه .

عزيزة : الله .. ربنا يكرمك يا رب .. أم بطه أول مرة تنادينى  أم بطه .

إبراهيم : عشان بطه اتخرجت م الجامعة الأسبوع ده وبقييت عروسة وعريسها اتخرج وبقى جاهز يا أم بطه .

عزيزة : يا رب .. كمل فرحتنا واكرمنا نكمل مشوار أم بطه الحقيقية وتطمن روحها على بنتها .

إبراهيم : للدرجة ديه بتحبي أختي يا عزيزة .

عزيزة : أمال انتوا أهلى وعزوتى وناسى .. أنا فعلا ما خلفتش إنما بطه ديه كبدي وقلبي .. يا رب .. وتتنهد عزيزة وتفرغ عينها بالدموع المتدفقة على درب عهدته منذ زمن .. عندما كانت تدعى ربها ليلا بعد أن ينام إبراهيم وتحلو بنفسها أمام شباك غرفتها الواسع المطل على حديقة رحبة في إحدى قرى المنصورة .

تلعب في خيالها مع أولادها الستة بينهما ابنتان توأم وأربعة ذكور كلهم مفعمين بالشقاوة والشيطنة إلى أن يهدئوا ويناموا في عينها ثم تبدأ هي في زرف الدمع على فرات هذا الحلم وابتعاده عن واقعها كل ليلة.. هي لا تنسى بعض الوريقات المهمورة بـ لوجو مركز التحاليل التخصصي بالمنصورة المثبت بالعلم أنها لن تنجب .. وإن زوجها رجل من طراز فريد، تتبنى زوجته، وأبى أن يكون أبا إلا لها .. تتنهد عزيزة بحسرة .. ويفاجئها إبراهيم : " عزيزة .. عزيزة .. انت فين هوو .. روحتى فين " .

عزيزة : أنا هنا معالك .. دايما يا خويا .. ربنا .. وتشرع فى البكاء على كتف إبراهيم متمته ..   : " كان نفسى أجبلك عروسة زى بطه .. سامحنى يا خويا مش بإيدى " .

إبراهيم: يربت على كتفها قائلا: " والله لو ما سكتي عن الكلام العبيط ده لا تجوز واغيظك " .

عزيزة: طب اعملها كده.. محذرة بدلع لا يخلو من إغواء وتعود الضحكة الباكية إلى وجهيهما وتقاطعهما بطه : الله .. الله .. أغيب عنكوا أغسل الأطباق .. وانتوا هنا .. طب اجروا لما افضي لكم الجو .. أنا الأول يا عزيزة .. ويضحك الجميع .

يلتقط إبراهيم التليفون ويتحدث إلى الحاج أبو يوسف ليدعوه للزيارة مع أسرته احتفالا بالضابط ابن الحتة ويبادر بقبول الدعوة الحاج أبو يوسف ذلك الرجل الودود جدا لجيرانه والمقرب لأسرة بطه لتعاطفه مع ظروفها ويسرع لزوجته أم يوسف .

أبو يوسف: يا حاجة جهزى نفسك نزور الأستاذ إبراهيم جارنا .

أم يوسف : شكلك كده يا حاج عايز تفرحنا مرتين .

أبو يوسف : بس قولى يارب .. هما لبعض من زمان ونفس حضرة الضابط يوافق هواه اللى أنا باتمناه .

أم يوسف : ما تقلقش يا أبو يوسف .. سره مع أخته وسر نورا معايا .. اتكل على الله .

أبو يوسف ياما انت كريم يا رب .. يعنى ابنك عايزها ..

أم يوسف: رافعة كفها للسماء.. يارب اسعده بيها واسعدها بيه ديه بنت حلال وصبان عليا ظروفها .. أمها كانت زى أختى يا أبو يوسف وعارفة تربيتها كويس .

أبو يوسف : طب بالله جهز نفسك ويلا نصلى العشاء ونروح نزور ونطلب .. يا كريم ..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة