مشهد من ثورة البراق
مشهد من ثورة البراق


حوار نادر لـ«جبران» عن الاشتباك الدموى بين العرب واليهود

الأخبار

الأربعاء، 08 نوفمبر 2023 - 09:12 م

عرفنا أديبنا وشاعرنا جبران خليل جبران بما تركه لنا من روائع فى الأدب والفن والأخلاق، لكننا لم نلمس فى مؤلفاته اتجاهاتٍ أو آراء سياسية تتعلق بأحوال العرب مع اليهود والصهيونية فى المنطقة التى هاجر منها إلى أمريكا ولم ينقطع عن أخبارها، ولحسن الحظ تم العثور على حوار نادر أجرته معه صحيفة «اليوم» الناطقة بلغة الإيديش عام 1929 فى نيويورك، ونقلت عنها الحوار صحيفة «دافار» بما يظهر أن كاتبنا وشاعرنا المهجرى الشهير كان ملماً بما يدور من أحداثٍ فى المشرق الذى هاجر منه، وكان على علمٍ بمخططات القوى العظمى للمنطقة فى ذلك الوقت، فقال للصحيفة: «بريطانيا لا تهتم بالدماء المسفوكة، ولا تهتمّ إذا قُتل المئات من اليهود والعرب، هؤلاء مجرّد خيوط ضئيلة العدد فى عقيدتها السياسية الكبرى، همّ بريطانيا ينصبّ على تأمين منطقة قناة السويس، صحيح بريطانيا وعدت وتوافقت على منح فلسطين لليهود، لكنها بذات الوقت كان بالإمكان أن تمنح البلاد أيضاً للصينيين واليابانيين، وإنجلترا لا تعير اهتماماً لمَن يمكث فى فلسطين، ما دامت المنطقة المحيطة بقناة السويس تقع تحت سيطرتها وممرّها البحرى المؤدى لمستعمراتها فى الهند سالكاً بأمان». 


وعن ثورة البراق التى انطلقت شرارتها فى أغسطس 1929 وما واكبها من أحداثٍ دامية بين العرب واليهود.. يقول جبران: «لو أنّ هذا حصل فى منطقة السويس، لكانت إنجلترا غيّرت تعاملها، فى حال كهذه لم تكن لترسل إلى فلسطين جنودها بأعداد قليلة بالطائرات، كانت ستتّخذ طريقاً أخرى بإرسال آلاف الجنود والكثير من السفن الحربية، نعم إنجلترا جادة فى إقامة وطن قومى يهودى فى فلسطين، يكون سلطة خاضعة لها، على غرار السلطة الفرنسية فى لبنان، وبريطانيا لم تفعل ذلك، تركت العرب واليهود يبحثون بأنفسهم عن حلٍ للقضية الدينية الملحّة وعن قضية السلام فى فلسطين، ونتيجة لهذا الوضع حصلت الكارثة».


ويبدو جبران متشائماً من إمكانية حلول السلام بين العرب واليهود فيقول: «لا يمكن الحديث عن إحلال سلام بين العرب واليهود الآن، الوضع يستدعى فرض النظام والهدوء بالقوّة، القضية المطروحة الآن هى قضيّة فرض وليست سلاماً. لهذه الغاية هنالك حاجة على الأقلّ إلى مائة ألف جندى لكبح جماح العرب، ويوجد فى العالم أكثر من 200 مليون مسلم، الأواصر الدينية بينهم وثيقة جدّاً، ومن الواضح تعاطفهم مع العرب، غير أنّهم بالمعنى السياسى لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً من دون إنجلترا، ولهذا يجب الإعلان عن فلسطين سلطةً تابعة لبريطانيا مؤسسة على إخضاع عسكرى شديد وحازم، لأنّ السلام النابع من رغبة حرّة غير ممكن بين العرب واليهود».


ويشير جبران إلى أنّ أعمال العنف العربية فى فلسطين تنطوى على بذرة تمرّد ضدّ بريطانيا. إذ إنّ العرب يشعرون بأنّ بريطانيا تتحايل عليهم وتضطهدهم قوميّاً وسياسيّاً، فقد وعدتهم بشيء، وأضافت عليه وعداً آخر، لقد قالوا للعرب: إنّ الصهيونية تطمح إلى تحويل الصحراء إلى بلد حضارى يليق بأبناء القرن العشرين، وفرح العربُ بذلك لأن الخيرات التى انهالت على البلاد مع النشاط الصهيونى شعر بها العربُ فوراً، ويشير جبران إلى أنّ علاقات العرب ببريطانيا ليست من شأن اليهود، فالصهيونية من وجهة نظره فكرة يهودية أعلنوا عنها قبل 35 عاماً عن فكرتهم الصهيونية التى ترى اختيارهم لفلسطين كوطن قومى خياراً طبيعيّاً، لأن فلسطين فى هذا التوقيت بلد بريطانى، ويقول جبران: إن فلسطين على مدى 5000 عام كانت تُحتَلّ بالسيف من جانب دول كثيرة، وبصفته سورياً وابناً للمجتمع اللبنانى، فإنّ طموحه هو ألا يحتلّ اليهود فلسطين بالسيف، ويعبّر عن أسفه لعدم نجاح تجربة الاندماج سلمياً بين العرب واليهود قائلاً: «وإذا أردتم معرفة السبب من وراء عدم النجاح، اذهبوا إلى داونينغ ستريت وستعرفونه».
نقلاً عن «جريدة الحياة»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة