يوسف القعيد
يوسف القعيد


يوميات الاخبار

غزة محاصرة بالمجازر الإسرائيلية

يوسف القعيد

الإثنين، 20 نوفمبر 2023 - 07:30 م

مصر تقدمت الصفوف وأقامت المستشفيات فى صحراء سيناء. وأرسلت الشاحنات التى لا يمكننى ذِكر عددها لأن الأرقام تتضاعف كل لحظة.

ما يجرى فى غزة من قصف طائرات الاحتلال للقطاع دون توقف، واستهداف الضربات الإسرائيلية الغادرة للنازحين الذين يحملون ما تبقى من مكونات حياتهم وهو أقل من القليل. وحجم الشهداء الذين يُعدون بالآلاف وشعوب العالم التى تظاهرت فى كل مكان من الدنيا ضد البربرية والهمجية الإسرائيلية والوطن العربى الذى هبَّ لنجدة الفلسطينيين.
ومصر تقدمت الصفوف وأقامت المستشفيات فى صحراء سيناء. وأرسلت الشاحنات التى لا يمكننى ذِكر عددها لأن الأرقام تتضاعف كل لحظة. ثم إن هذه المظاهرات التى تأتى من الدنيا بدأت فى مصر. وشعر المصريون جميعاً مثلما يشعرون على مدى 70 عاماً مضت بأن القضية قضيتهم والهم همُّهم، والوجع هو وجع كل مصرى.


توجيهات السيسى
الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية قال إن الرئيس عبد الفتاح السيسى وجَّه بتقديم كل ما يحتاجه قطاع غزة من خدمات وإمكانيات صحية. وأن مصر استقبلت أطفالاً فلسطينيين مصابين بالأورام. وجميعهم يحصلون على علاجهم بشكل طبيعى فى مصر حفاظاً على أرواحهم.


وقال الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان خلال اجتماعه بمجلس الوزراء إن جهوداً تُبذل لنقل 35 طفلاً مبتسرين من مستشفيات غزة إلى المستشفيات المصرية. وأنه قد تم تجهيز سيارات إسعاف موجودة الآن على معبر رفح من أجل استقبال هؤلاء الأطفال فى إطار سعى مصر لنجاح عملية وجهود نقلهم من فلسطين إلى مصر. وهذا يجرى كل يومٍ تقريباً.


فمعبر رفح الحدودى يستقبل عدداً كبيراً من الجرحى الفلسطينيين. ومعظمهم من الأطفال حديثى الولادة والنساء وكبار السن. وحالاتهم ما بعد الحرجة. وأكَّد تاج الدين أنه يتم فحص الحالة وتشخيصها لتقديم العلاج اللازم لها والخدمات الكاملة لكل حالة داخل مركز الأورام فى مصر. مع تقديم الرعاية الصحية التى تتطلبها الحالة.
أيضاً فإن طوابير الشاحنات التى تحمل المساعدات وتقف فى انتظار الإذن من المُحتل الإسرائيلى بأن تُفتح المعابر حتى تدخل السيارات بما تحمله من مواد غذائية وعلاجات طبية وكل ما يتطلبه الأمر داخل فلسطين المحتلة. والغريب أن العدو الإسرائيلى الذى يُعلن للدنيا كلها أنه يسمح بدخول المساعدات فإنه فى الواقع يتلكأ كثيراً جداً. ويستهلك أوقاتاً بلا نهاية حتى يسمح لهم بالعبور إلى أرضهم. وهكذا انقلب الحال وتبدلت الأوضاع وأصبح المحتل هو صاحب الحق فى أن يمنح وأن يمنع.
التهجير الكبير
المُفوَّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والتى تسمى الأونوروا. وإسمه فيليب لازالينى قال لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام المختلفة إن ما حدث فى القطاع خلال الأسابيع الماضية يُعد أكبر تهجير للفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى الآن. إنها هجرة جماعية تجرى أمام أعيننا حيث نكتشف أن الآلاف من الفلسطينيين تُفرض عليهم هجرة كلية تجرى عياناً بياناً أمام أعيننا. وتليفزيونات الدنيا كلها تجعلنا نُشاهد الآلاف من الفلسطينيين يُجبرون على النزوح من ديارهم.
وهكذا وحسب ما يقوله المسئول الأممى فإن سُكَّان غزة جميعاً عاشوا على مدار أكثر من سبعة أسابيع منذ بدء الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى وهم فى حالة رحيلٍ دائم من مكانٍ إلى آخر. ما إن تستقر بهم الأحوال فى أى بقعة من أرضهم وبلادهم حتى تصل قوات الإحتلال وتُهجِّرهم من مكانهم إلى مكان آخر.
وها هو وزير دفاع العدو، ولاحظ معى التلاعب بالكلمات. فهو وزير هجوم يُدافِع ضد من؟، إنهم يُهاجمون كل ما هو إنسانى فى فلسطين فى أى وقت من الليل أو النهار. بل إنهم ببجاحة تفوق حتى الخيال البشرى يُعلنون أنهم استولوا على الجزء الغربى من مدينة غزة، وأنه بعد هذا الاستيلاء فإن الهجوم البرى سيبدأ.


أمريكا.. أمريكا
والذاكرة التاريخية فى الدنيا كلها تعرف أن التجربة الأمريكية قامت بعد إبادة الهنود الحُمر السكان الأصليين للمكان. وبعد قتل آخر هندى أحمر بدأت الهجرة إلى هناك من كل مكانٍ فى العالم. لذلك فهم آخر من يشعر بقيمة الوطن ودلالاته وشرف الدفاع عنه. وهم لا يكتفون بأساطيلهم المكدسة فى البحرين الأبيض والأحمر. ولا الأسلحة والذخائر التى يُقدمونها للعدو الإسرائيلى حتى قبل أن يطلبها. وهذا الكلام لا يتم سراً. ولكنه مُعلنٌ وعلى رؤوس الأشهاد. وهم لا يكتفون بالدفاع عما يقومون به. بل ينتقلون إلى الهجوم.


المتحدث باسم البيت الأبيض قال إن الولايات المتحدة واثقة لتقييم مخابراتها أن حركة حماس استخدمت مستشفى الشفاء كمركز قيادة ومكان لتخزين الأسلحة. ولأن التناغم والتنسيق بين العدو الإسرائيلى وحليفه الأمريكى على أعلى درجة ممكنة. فقد قامت إسرائيل بالإعلان أنها عثرت على جُثَّة رهينة فى مبنى مجاور لمستشفى الشفاء. والجُثة لامرأة إسرائيلية جرى التعرف عليها.
وهكذا تُدار الحرب فى أرض الواقع تُصاحبها حرب إعلامية أخرى تُبرر ما يقومون به. وتوجه الاتهامات إلى الجانب الفلسطينى الذى هاجر من دياره بعد أن هُدِمت منازله وتشوهت حياته. وكانت الهجرة مباغتة مفاجئة. لدرجة أن أحداً منهم لم يتمكن من أن يقول وداعاً للمكان الذى كان يعيش فيه من قبل ولمدة سنوات. والآن لم يبق منه سوى الأطلال.
تاريخٌ من الدماء
وهكذا فإن التاريخ الإسرائيلى الصهيونى - إن كان لهم تاريخ أصلاً - تدون أحرف كلماته دماء الضحايا والصحافة الغربية التى تصدُر من دول هى الحليف الأول والأخير للعدو تقول إن الحكومة الإسرائيلية تلجأ دائماً وأبداً إلى معلومات مُضلِّلة مُنافية للعقل والضمير والوجدان. ويبدو أنهم فقدوا القُدرة على أن يُغطَّوا على جرائمهم التى تتم فى كل لحظة تمر.


لدرجة أن الإعلام الغربى الذى يتصورون أنه حليفهم الأول يقول إن ما تُعلنه إسرائيل أكاذيب إقتنع من يقولونها أنها مكتوبة بشكل مثالى. مع أن الكذب واضحٌ ومُعلن. ولكن من يقولونه يُصدِّقون أنفسهم. فانظر إلى إعلامهم وهو يؤكد إن مُجمَّع مستشفى الشفاء مُترامى الأطراف فى مدينة غزة يُخفى قاعدة عسكرية تحت الأرض. وأنهم قاموا بالإستيلاء على أسلحة منها. يقولون فقط دون أن يُصوروا هذه الأسلحة. فى حين أن الإعلام العالمى كله فى جميع أنحاء العالم ملىء بصور الفلسطينيين الذين يبحثون عن بقايا حياتهم التى تناثرت تحت العدوان البربرى الغاشم.. ومن يقرأ الأدب الفلسطينى المُقاوم للعدو سيكتشف حجم الجريمة الإسرائيلية الصهيونية التى بدأت حتى قبل 1948، ومازالت مستمرة حتى الآن. ومن المؤكد أنه سيُكتب عن المحنة التى تجرى هذه الأيام للفلسطينيين بهدف إما قتلهم أو تهجيرهم إلى أماكن أخرى رغم أنوفهم ستدخل التاريخ باعتبارها مجزرة وحشية تتفوق على المجازر التى حدثت من قبل.


انفراجة زائفة
فى الوقت الذى يُعلن رئيس وزراء العدو الإسرائيلى أن هناك صفقة لتبادُل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس باتت أقرب من ذى قبل لأن تتحقق على أرض الواقع. فى حين أن المصادر الفلسطينية قللت من أهمية ما قاله نيتانياهو. وقالت إن أوضاع الأسرى والجرحى الفلسطينيين أكثر من مأساوية.
وفى الوقت الذى تقوم فيه طائرات العدو بضرب كل مكانٍ يُمكن أن تصل إليه نيرانهم فإن نيتانياهو يواصل قدرته الفريدة على الكذب ويقول أنه من المتوقع أن يكون وقفا مؤقتا لإطلاق النار إذا تمكننا من استعادة الرهائن. فى حين أن المصادر الفلسطينية قللت كثيراً من مثل هذا الكلام.
كل هذا يجرى من جانب العدو وفى مواجهته تتمكن المقاومة الفلسطينية البطلة من استدراج قوات عسكرية إسرائيلية إلى أنفاقٍ مُفخَّخة. مما يؤدى إلى مقتل أعداد كبيرة من الإسرائيليين المُعتدين. وهى الأرقام التى يُكِّذبها العدو الإسرائيلى رغم أنها صادقة تماماً.
الدولة الفلسطينية
لكل مأساة جانبها لا أقول المُشرِق. ولكن الإيجابى. فقد تبنى برلمان النرويج مُقترحاً يطلب من الحكومة الاستعداد للاعتراف بدولة فلسطينية مُستقلة. على أساس أن يكون لهذا القرار أثر إيجابى على عملية السلام فى الشرق الأوسط كله.
وذكر نص المُقترح أن البرلمان النرويجى يطلب من الحكومة أن تكون مستعدة للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة عندما يكون لهذا الاعتراف أثر إيجابى على عملية السلام. لكن من دون أن يكون مشروطاً بالتوصل لاتفاق سلام نهائى. وقد جرى تبنِّى النص بأغلبية واسعة بعد أن صدر عن حزبى العُمَّال والوسط المُشكلين لحكومة أقلية. لكنه استفاد من تأييد برلمان المحافظين أهم حزب مُعارض وأحزاب سياسية أخرى. مع أنه لم ينفذ لأنه يُشترط للاعتراف بدولة فلسطين الإعلان عن استئناف المفاوضات.
أيضاً فإن من بُلدان أوروبا الشمالية أيسلندا والسويد، وقد اعترفتا بدولة فلسطين. وهناك بُلدانٌ أخرى أعلنت ذلك مثل بولندا وجمهورية التشيك ورومانيا. وأيضاً فإن رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز الذى نال ثقة البرلمان الخميس الماضى لولاية حكومية ثانية قد تعهد بالالتزام بالعمل فى أوروبا كلها من أجل الاعتراف بدولة فلسطين. وهو ما يُعد نجاحاً غير عادى لم يكن يتوقعه أحد حققته الحرب الفلسطينية بعد أن جرى لها ما جرى فى الأيام الأخيرة.


الموقف المصرى ثابت
من يسافر إلى معبر رفح سيكتشف استمرار تدفق المساعدات. وأخطر من هذا الوقود المُقدَّم من المصريين للشعب الفلسطينى البطل. وقد طالبت مصر بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الذى يدعو لهدنة عاجلة وممتدة فى قطاع غزة وممرات إنسانية. ورحَّبت القاهرة بقرار مجلس الأمن بالتعامل مع الأوضاع الإنسانية المتردية فى قطاع غزة باعتباره خطوة أولى وهامة نحو تحقيق هدف الوصول إلى وقفٍ شامل لإطلاق النار.


ما من مكانٍ أذهب إليه فى مصر سواء كان قرية أو مدينة صغيرة أو مدينة كُبرى بصرف النظر إن كُنا فى شمال مصر أو وسطها أو جنوبها، شرقها أو غربها. سنكتشف أن لموضوع غزة مساحة اهتمام كبيرة فى عقول ووجدان المصريين. وفى الاجتماع الذى دعانى لحضوره المستشار محمود فوزى المسئول عن الحملة الرئاسية للرئيس السيسى قال محمد سلماوى إن موضوع غزة أخذ كثيراً من اهتمام الرأى العام المصرى ويُتابعه لحظة بلحظة. وأن ما قام به الرئيس السيسى كانت له ردود أفعال شعبية وجماهيرية غير عادية من كل مكان فى بر مصر.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة