نزوح اليهود عن ساحة حائط «البراق» بعد ثورة العرب فى عام ١٩٢٩
نزوح اليهود عن ساحة حائط «البراق» بعد ثورة العرب فى عام ١٩٢٩


ثورة حائط «البراق» تمنع اليهود من الاستيلاء عليه عام 1929

الأخبار

الأربعاء، 20 ديسمبر 2023 - 09:09 م

فى الرابع من أغسطس 1929 وُلد الطفل ياسر عرفات فى عهد الانتداب البريطانى، وتشاء الأقدار أن تنشب بعد ولادته بأحد عشر يوماً ثورة «حائط البراق» الذى يعتبره المسلمون وقفاً إسلامياً ويحتفظون بصكوك ملكيته التى تمنحهم حق إدارة المكان، ويطلق عليه اليهود «حائط المبكى» وهو أهم مصاليهم فى العالم وبلغ ذروة هذه الثورة فى 23 أغسطس باشتباكات سقط فيها قتلى وجرحى من العرب واليهود، ولهذه الثورة أسباب استشعر من خلالها المقدسيون أن سلطة الانتداب تقوم بمحاولات ممنهجة لتغيير معالم مدينة القدس عن طريق فتح باب الهجرة بدون ضوابط أمام اليهودية للمجيء من الشتات للقدس، بدعم من المنظمات الصهيونية التى سهلت لهم تملك المنازل والأراضى التى كانت فى حوزة لبنانيين باعوها وهاجروا إلى جنوب أفريقيا، وأحس المقدسيون أن سلطة الانتداب تغض البصر عن محاولات تهويد المناطق المقدسة التى تنامت بعد وعد «بلفور» !


وتحول الشك ليقين بالمظاهرة التى نظمها الصهاينة عند حائط البراق، مدّعين أنه ملكية خاصة لهم، فوضعوا بجوار الحائط يوم 23 سبتمبر 1928 أدواتٍ تتعلق بطقوس الصلاة لديهم فى مناسبة يوم الغفران، فتقدم وفد من وجهاء المسلمين بمذكرة للمندوب السامى «هارى شارلز لوك» فى الثالث من أكتوبر يطالبون فيها بالعودة للأوضاع التى كانت سائدة فى المدينة المقدسة منذ العهد العثمانى لأن ما يحدث عند حائط البراق مخالفة صريحة غير مقبولة من الصمت المُتعمد من سلطة الانتداب التى سمحت للصهاينة بالتوسع فى شراء الأبنية الملاصقة للأوقاف الإسلامية والمناطق المجاورة لحائط البراق بدعمٍ من الحركة الصهيونية فى فلسطين التى أصبحت تدعو لتغيير الوضع فى القدس للسيطرة على منطقة الحرم الشريف وبناء معبد بالقرب من حائط البراق !
وفى شهر نوفمبر تم عقد مؤتمر خاص بالقدس برئاسة محمد أمين الحسينى، رئيس المجلس الإسلامى الأعلى شارك فيه 800 شخصية من فلسطين

وسوريا ولبنان وشرق الأردن، ودعا المسلمين فى جميع أنحاء العالم لإرسال مذكرات احتجاج إلى بريطانيا وعصبة الأمم لحماية حائط البراق والأماكن المقدسة فى القدس، وشكل المؤتمر جمعية لحماية المسجد الأقصى والأماكن المقدسة، وبناء عليه أصدر وزير الدولة لشئون المستعمرات الكولونيل «ليوبولد أمرى» ما يُعرف بالكتاب الأبيض الذى أكد أن ما قام به اليهود بجوار حائط البراق كان انتهاكاً للوضع القائم منذ الحكم العثمانى، وأرسل رئيس المجلس الإسلامى الأعلى رسالة لحاكم القدس لتنفيذ ما جاء فى الكتاب الأبيض، لكن الصهاينة نظموا مظاهرة عند حائط البراق فى 14 أغسطس 1929 تحت شعار ذكرى «تدمير هيكل سليمان»، وساروا فى اليوم التالى بمظاهرة أخرى فى شوارع القدس حتى وصلوا إلى حائط البراق وهم يرددون النشيد القومى الصهيونى بحماية قوات من الانتداب، وحلت بعدها بيومين ذكرى المولد النبوى الشريف فتوافدت أعداد كبيرة من المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذى خطط اليهود للاستيلاء عليه فوقعت اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين من جهة واليهود وقوات الانتداب من جهة أخرى فى عددٍ من المدن الفلسطينية، أسفرت عن مقتل 133 يهودياً وإصابة 339، واستشهاد 116 فلسطينياً وإصابة 232، ونجحت قوات الانتداب فى السيطرة على الموقف بالقوة المفرطة، وقدمت ألف فلسطينى للمحكمة التى حكمت على 27 منهم بالإعدام، وتم تخفيف الأحكام إلى السجن المؤبد بحق 23 فلسطينياً، والحكم بإعدام 3 هم: «فؤاد حسن حجازى ومحمد خليل جمجوم وعطا أحمد الزير»، وسُميت بثورة الشهداء الثلاثة الذين أُعدموا فى 17 يونيو 1930 !


أصدرت سلطة الانتداب «قانون العقوبات»، وشكلت «عصبة الأمم» لجنة اقترحتها الحكومة البريطانية لتحديد حقوق ومطالب المسلمين واليهود فى حائط البراق، وخُلصت اللجنة إلى أن ملكية البراق تعود إلى المسلمين، والحائط الغربى جزء لا يتجزأ من ساحة حرم المسجد الأقصى، وقالت: إن من حق اليهود الصلاة عند الحائط الغربى وفقاً للوضع المعمول به فى عهد العثمانيين، وأشارت اللجنة إلى أن الهجرة الصهيونية والأنشطة المتعلقة بشراء الأراضى كانت السبب الرئيسى فى الثورة التى حدثت، وقام وزير المستعمرات اللورد باسفيلد بإرسال السير جون سمبسون إلى فلسطين للتشاور مع المندوب السامى لتهدئة احتجاجات الصهاينة الذين طالبوا بإعادة النظر فى مسألة تحديد الهجرة والحد من شراء الأراضى !، وبعد هزيمة 1967 أصبح حائط البراق أسيراً فى يد الاحتلال مثل كل المقدسات بالقدس. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة