نوره موسى مشرف منطقة وعظ كفر الشيخ
نوره موسى مشرف منطقة وعظ كفر الشيخ


بقلم واعظة

محنة ومنحة

الأخبار

الخميس، 21 ديسمبر 2023 - 06:05 م

محنة كبيرة يعانى منها إخواننا فى فلسطين.. يحاربون فى لقمة العيش.. فى نسمة الهواء.. يحاربون فى الدواء.. يحاربون فى عقيدتهم وحريتهم. فصبرًا آل غزة صبرًا ،ففى جوف كل محنة منحة وكرم إلهى كبير، فلابد للوضع من علاج، وللشدة من انبلاج، وللفتنة من انفراج، كما قال جلَّ وعلا فى كتابه الكريم: «فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ». يجعلنا هذا الحصار نرجع إلى الوراء قليلًا فى حياة النبى المختار -صلى الله عليه وسلم- ليُذكرنا بقصة تلك المقاطعة الباغية والحصار الظالم الذى تعرّض له خير البشر وأصحابه الكرام -رضى الله عنهم- فى شِعب أبى طالب، فقد سارع المشركون فى تطبيق هذا الحصار عمليًا، فلم يتركوا طعامًا يدخل مكة ولا بيعًا إلا بادروا فاشتروه بأضعاف ثمنه؛ حتى لا يشتريه بنو هاشم ولا يبيعونهم شيئًا مما عندهم أبدًا، وهكذا قَلَّ الطَّعام، ونقص الزاد، وجهد المسلمون وأقاربهم وحلفاؤهم من هذا الحصار والتضييق الاقتصادى، مضت الأيام والأشهر، وحال المسلمين المحاصرين يزداد من سوء إلى أسوأ، وعمّ الجوع بين أهل الشِّعب، ولعل موقفًا واحدًا يصوّر لنا شيئًا من حالة الجوع التى عانى منها النبى صلى الله عليه وسلم ومن معه من المحصورين؛ فها هو سعد بن أبى وقاص يذكر لنا موقفًا لا ينساه فى الشِّعب، فيقول: «خرجت ذات يوم ونحن فى الشعب لأقضى حاجتي، فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا هى قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها، ثم رضضتها وسففتها بالماء، فتقويت بها ثلاث ليال»، يحدث هذا فى الشِّعب، وأهل مكة مقيمون فى ديارهم مطمئنون منعّمون، وفى السنة العاشرة من بعثة النبى صلى الله عليه وسلم؛ بعد مُضى ثلاثة أعوام من الحصار  يخرج سيد البشر هو ومن معه من الشِّعب ومحنة الحصار، وهم أصلب إيمانًا وأشدّ ثباتًا على الدين، وهكذا الأحداث والابتلاءات تصنع للأمة الرجال، وتخرج للمستقبل الأبطال، فكان ذلك الحصارُ سببًا فى أن تخرج الدعوة المحمدية من إقليمية مكة إلى عالمية الجزيرة العربية آنذاك.

 إنَّ الاستضعاف والحصار والقتل والتشريد الذى يجرى من أعدائنا اليوم، يُوجب علينا نصرة إخواننا المظلومين المحاصرين فنصرتهم واجب شرعي، ولئن حاصر بنو صهيون الماء والغذاء والعلاج والدواء، فإنهم لن يحاصروا مدد السماء، فارفعوا -أيها المسلمون- أكفَّ الضراعة فى أوقات الإجابة، وألحّوا إلى الله أن يرفع المعاناة ويكشف الحصار، مع التعاون والتواصى على إيصال الإعانة والإغاثة لهم بأسرع وقت، وليساعد كلٌ منّا على قدر استطاعته، حتى يكشف الله الغمة ويُزيل المحنة كما قال جلّ وعلا فى كتابه الكريم (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة