المستشار بهاء المري
المستشار بهاء المري


«يوميات قاض 29» قصة قصيرة للكاتب المستشار بهاء المري

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 24 ديسمبر 2023 - 11:33 ص

ديشَة وشَلضَم

أزعَجَهُ ما تَناهَى إلى سَمْعِه، بل راح يَخبط كفًا بكفٍ غير مُصدق لما سمع، هل يُعقل أن يُقتَحمَ عرينهِ في غيبتهِ، وتُنتَهك حُرمته؟! 

استدعَى مُساعديه الثلاثة إلى اجتماع عاجل؛ اصطفوا أمامه بجوار الحائط يَرتعدون، يسألهم وهو يُلوِّح في وجوههم "بالسِّنجة" الطويلة التي اشتُهِرَ بحملها:

- هل صحيح، أنَّ الولد "شَلْضَم" جاء إلى هُنا ليَبيع البانجو في منطقتي؟

نظرَ بعضهم إلى بعض في صَمتٍ بقلوبٍ واجفةٍ ونظراتٍ مرتجفةٍ؛ ثم عادوا ليَنظروا إليه، ولم ينطق أحدهم بحرف.

ثائرًا كالثَّوْر يصيح بصوت مُرعب يسألهم:

- تكلموا يا كِلاب.

ارتعدَتْ فرائصهم، اهتزَّتْ سِيقانهم تَتخبطُ في بعضها وهُم على صمتهم، واستكمل الزعيم حديثه من دون انتظار إجابة:

- هذا الولد لابد من تربيته، ليعلم كيف يتجرَّأ علي المعلم "ديشة"، ائتوني به حالاً.

أجابوا في تمتمة وخوف، وبمَخارج ألفاظ اضطربت بين شِفاههم:

- حا.. حا.. حالا يا معلم.

استقلَّ كل اثنان منهم دراجة نارية؛ وأمسكَ الذي يركب خلف كل سائق بندقية آلية سريعة الطلقات مُعمَّرة بالذخيرة، قصدوا منزل "شَلضم"، هبطَ أربعتهم من فوق الدراجتين الناريتين، نادَى أحدهم على "شَلضم" بصوتٍ مُخيفٍ هزَّ أرجاء الشارع، هُرعت أمُّه إلى الشرفة لتُخبرهُ بعدم وجوده.

 نظر زعيمهم إلى حاملَي السلاحين الناريين نظرة يَفهمان معناها، أخذا وضع الاستعداد، أمْطرا البَيتَ من الخارج والبيوت المُجاورة له بوابل من الطلقات؛ التي تركت آثارها على الجدران والنوافذ، ثم استقلوا الدراجتين وانصرفوا.

أصدر الزعيم أوامره بموالاة البحث عن "شلضم" قال أحدهم: أنا أعرفُ الميدان الذي يمارس فيه نشاطه.

قصدوا الميدان، كان شَلضم يَستقل "توك توك" في طريقه إلى هناك، لمحَ مَوكبهم، استشعرَ ما يُمكن أن يَحدَث، أمَر سائق "التوك توك" بتغيير اتجاهه وأن يزيد من سرعته، استجاب السائق، أبصروه على هذه الصورة، فزادوا من سرعتهم ولحقوا بهما.

كان سائق التُّوك تُوك مُحترفًا، زاغَ منهم، استمرُّوا في مُطاردته، حاصروه من الأمام ومن الخلف، نزل أحدهم وأطلق عليه عدة أعيرة نارية، أصاب أحدها جِسم التوك توك، وأصاب عيارٌ آخر قائده، فسقط أرضا.

نزل شَضَلم وراح يجرى، لحقوا به، أطلقوا عليه النار، أصِيَب في قدَمِه، سقَط أرضًا، اقتربَ منه الزَّعيم، وضع رجله فوق صدره ليشل حركته، أخذ شلضم يتوسَّل، أطلق الزعيم على صدره عدة أعيرة نارية، فاضَت الروح إلى بارئها.

انتابَ الذُّعرُ والترويع المارة، لم يجرؤ أحد على الاقتراب، تُحال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية، الشرع يُجيز معاقبتهم بالإعدام. وهو ما قضت به المحكمة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة