الدكتورة إيمان سيد إسماعيل
الدكتورة إيمان سيد إسماعيل


«صاحب العمل».. قصة قصيرة للكاتبة الدكتورة إيمان سيد إسماعيل

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023 - 07:58 م

يا صاحب العمل هل لنا أمل، كنت أمر يوميا من إمام عملك.. أتطلع إلى رؤيتك منذ أن رأيت اسمك على تلك اللافتة وتعلق قلبي بها، أنظر إلى تلك البوابة الكبيرة التي تفصلني عنك، أشعر أنها سد منيع يحجب عنى ضوء شمسك، أنظر إليها تارة وحولي تارة لعلي أراك تصُف سيارتك..

أدعو ربى أن تجمعنا الصدفة، أتطلع إلى تلك اللافتة التي تحمل اسمك ومكان عملك، يدق قلبي هامسا باسمك .. همسات قلبي لا تتوقف عن الحديث …

يتوقف العالم من حولي إلا عن ذكريات تجمعنا، رغم مرور عشرة أعوام منذ آخر لقاء بيننا، أشعر أننا كنا سويا بالأمس القريب، كنت معي نقضي أوقاتنا بحب وسعادة، كنت أنت أول من كتب قلبي اسمه وحفره بماء الحياة، كنت أول كل شيء ..

 أذكر كيف كنت أذهب إليك بقلب عليل فتملأه حياة، كنت  صديقتك الوحيدة، مواقف كثيرة جمعتنا، ضحكاتنا، دموعنا، حبنا.

 وحينما يأخذني صوت سيارة قادم من حديث قلبي السري، أتطلع مرة أخرى إلى تلك اللافتة، أنظر إلى عقارب الساعة، مرت أعوام وأعوام، أظن أنك تغيرت كثيرا كما تغيرت أنا …

أعرف أن تلك الشعيرات البيضاء التي تخللت رأسي قد غيرت فىّ كثيرا، أحترق شوقا أن أراك أو أسمع صوتك الذي طالما كان سببا في هدوء قلبي وسكن روحي ..

أنظر مرة أخرى إلى هذه البناية الكبيرة، ثم إلى اللافتة، أعرف أني يوما ما سألقاك.

قلبي يحدثني أنك لازلت تذكرني كما أذكرك، أعرف أني كنت لك السكن كما كنت أنت لي، فالفراق لم يكن  يوما لنا، أعرف أننا سنلتقي.

لطالما أردت أن أخبرك أنك من علمني كيف أحارب العالم، وأتحدى نفسي وضعفي وكل شيء،

كنت دائما فارس الأحلام الذي طالما جال بخاطري، نعم، لم أخبرك تلك الحقيقة حينما كنت معي..ولكني أود أن أخبرك بها الآن، تستحق وبجدارة أن تكون ذلك الفارس المغوار، مالك قلبي وعالمي، ولكن لماذا دائما لا تأتي، أم أنني أخطأت المكان والزمان ..

لا أعتقد أن للحب زمان أو مكان محدد، فأنت تحيا بقلبي منذ أعوام، وقد حان الوقت لأخبرك بها مرة أخرى، نعم .. لم أنساك لدقيقة واحدة، فأنا أحياك كما أنت وكما كنت.

هل تذكرني، يا الله .. ماذا لو لم تعد تذكرني؟

قلبي يؤلمني  كثيرا لمجرد التفكير في هذا الأمر، ومازلت أنظر إلى اللافتة التي أصبحت صديقتي التي ألتقيها كل يوم، لا أدري إلى متى ولكني أود أن أراك، أود أن أصارحك، سئمت من لوم قلبي منذ اختفيت من حياتي،  وأحلم أن أراك، تراودني نفس الأحلام كل ليلة، تعاتبني وتبكي، فأبكي بلا توقف منذ أن عرفت مكان عملك وأنا  آتي كل يوم لأراك ..

أتعجب أن تلك الصدفة لم تأت حتى الآن، لكني حسمت أمري، سأهدم ذلك السد المنيع، سأعبر البوابة لأراك، أو لن أعود أبدا.

عبرت جسر خوفي، سألت عنك بالداخل، تعجب الجميع، ماذا حدث، هل أبحث في المكان الخطأ؟

أرى اسمك أمامي، مرت الدقائق ثقيلة، لكني وجدت الباب العملاق يُفتح، هل هذه اللحظة هي الحاسمة؟

أغمضت عيناى، أحث قلبي أن يتمهل وقدماي كي تقوى على الاستمرار في السير.

سمعت صوتا يقول أنك بانتظاري بالداخل، هل حقا كنت بانتظاري طوال تلك الأعوام، أم أنك لا تذكرني ونسيت اسمي؟

ثوان معدودة أحسم فيها أمري، اللحظات عمر، يا الله .. كن معي، عبرت أخر باب يفصلني عنك، تنهمر دموعي رغما عني، فتمنعني من رؤيتك، أريد أن أرى وجهك، غابت شمس عمري كثيرا.. هو صوتك، إنه أنت، أخيرا أنت، هل حقا تناديني أم أنه حلم آخر، هل تنطق اسمي؟

انتظرت كثيرا هذه اللحظة، هل ما أسمعه من شوق في صوتك حقيقة أم أنها مجرد خيالات كاذبة؟

اشتقت إليك يا عمري، اااااه.. عيناك.. هذا البريق.. نهر الدفء .. الأمان.. الحياة ..شاطئي ومرساى، توقف الزمن .. توقف العالم .. نظرت في عينيك، دون أن أشعر وجدتني أبوح بها لأول مرة، أحبك

أتقولها معي، أحقا تحبني؟ لازلت تذكرني، لازلت تحياني كما أحياك، هذه دموع الفرح، الحب، الحياة، مولدنا معا …

الآن فقط قد بدأت الحياة (يا صاحب العمل … تحقق الأمل)

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة