چيهان جمال
چيهان جمال


«زوار الروح 2» قصة قصيرة للكاتبة چيهان جمال

صفوت ناصف

الجمعة، 29 ديسمبر 2023 - 07:48 م

 سبتمبر ٢٠٠١

بعد مرور عام من الانتظام بالكلية اختلفت المواد الدراسية التي كان يدرسها كليهما..

 

ليسبق ابن "رؤى "زميل عمره "رفيق" بفصل دراسي ، وهكذا اختلفت مواعيد دراسة المواد بينهما .

 

وبعد أن كانا يتشاركان مبيت الغرفة بالعام الماضي استأذنت "رؤى "صديقتهَا والدة" رفيق "انهما لابد ان يتفرقا ،وينضم كلاً منهما للمبيت مع طالب غريب عنه كي تضعهما في موقف حرج ، ويستطيعا القيام باكراً لحضور طوابير هامة تخص دراستهم ،وللأسف رسبا فيها معاً، وهي مواد لا تستحق الرسوب وبخاصة من ابنها المتفوق رياضياً، وقد وافقتها الأم لعلمها بمدى حبها لرفيق ،وحرصها على نجاحه كمثل حرصها على نجاح ابنها تماماً .

 

صباح ٦ يناير ٢٠٠٢

 

دقات الموبايل ..

تلك المكالمة التي كانت بينها، وبين ابنها سارت نحو طريق واحد لا ثاني له حين أصرت "رؤى"على بقاء ابنها بكليته في يوم واحد أجازة لا يستحق ابداً مشقة السفر !

كان ذلك اليوم هو السابع من يناير وهو أجازة أعياد الميلاد الرسمية

ليسير هذا اليوم عادي ظاهرياً لكنه في الحقيقة لم يخلو من قلق استطاعت مداراته !

 

وعلى غير العادة تخللته عدة مكالمات هاتفية بينها، وبين والدة "رفيق" لتحثها على ضرورة بقائه بالكلية لأن اختبارات التيرم بذات الأسبوع..

 

فأجابتها أنه لا يريد أن يسمع كلامها، وتريدها أن تقول له ذلك بنفسها علّه يخجل منها ويتراجع .

فاستجابت "رؤى" وبالفعل حادثت "رفيق"، وظلت تثنيه عن فكرة العودة لليلة واحدة فاستجاب لها .

ثم تبين أنه وافقها، وفي ذات الوقت أصر على ما يريده .

بقضاء ذلك اليوم والذي كان اجازة اعياد الميلاد الرسمية ....

ليلة ٧ يناير ٢٠٠١

محطة الركاب ..

ترى نفسها تتقابل مع سيدتان إحداهما تعرفهَا فهي صديقة العائلة والدة "رفيق"، والثانية لم ترها قبلاً ولا تعرفها لأن ابنها منضم حديثاً للدراسة بالكلية...

تقف صامتة بينهما قبلما تستقلا السيدتان الأتوبيس المغادر إلى الإسكندرية.

ثم تصحو من منامها على خبر الحادث المأساوى الذي تعرض له الشباب العائد لتمضية يوم الأجازة بمدينتهم ليلفها حُزن عميق خلع القلب من مكانه، وفي صمت معتاد لملمت شتاتها، وتبينت مع دقات الفجر أن تلك المرة من المرات القليلة التي استجاب ابنها لها، ومكث بالكلية

وهو الآن ومنذ أن اتصل به أحد أصدقائه الناجين من الحادث في حالة انهيار تام، ويحاول صديق طفولتهم ودراستهم الثالث، والماكث أيضاً بالكلية أن يلملم شتاتهما ليقدرا على العودة لمدينتهم ....

اتضح أن ابنها لم ينم بعد أن ودع أصدقاءه وزملاء العمر من بعد تناولهم جميعاً العشاء بأحد المطاعم؛ وظل جالساً بصالون مبيت الكلية حتى جاءه الخبر أن اثنين من الشباب ماتا بحادث السيارة التي كانت تحمل ثلاثة أصدقاء آخرين من كلية الشرطة و"رفيق "والطالب المنضم حديثاً معهم، والذي كانت" رؤى "رأت والدته بمنامها، وهكذا جمع القدر هؤلاء الشباب كي يعودوا لمدينتهم لكنه كان أسبق من وصول رفيق، وصديقه الآخر طالب الشرطة سالمين .

بالعزاء

انقلب حال المدينة رأساً على عقب حزناً واسى اما سرادق العزاء فكان مليء باللوعة على الشابان اللذان رحلا وغادرا الدنيا في غمضة عين .

تجلس رؤى لجوار صديقتهَا والدة "رفيق "التي ما إن رأتهَا حتى راحت تسألها ...

- انتي ليه يارؤى كنتي مُصرة بالشكل ده إن رفيق يقعد في كليته، وميسافرش ..مع إنك متأكدة أن ابنك مش جاي معاهم ؟!

فتنظر إليهَا رؤى دون جواب.. ثم تجد سيدة قادمة عليهما برفقة الشاب الثالث الذي نجا من الحادث والذي كان انضم حديثاً مع أولادهما للكلية.. فتعي أنها السيدة كانت معهم عند محطة الركاب بالمنام.

ديسمبر -٢٠٢٣

تشعر "رؤى" أن الوقت مناسب للاطمئنان على أخت "روح" من بعد مرور تلك الأيام القليلة على الوفاة..

ومن بعد المواساة، والدعوات الصادقة ...

تسألها روؤى عن والدتهَما التي كانت رأتهَا بالمنام، وإذ كانت رحلت أم أنها لازالت على قيد الحياة  .

فتجيبهَا الأخت أن والدتهَا متوفية، ووالدها كذلك وإن وصية روح أن تدفن لجوارهما .

تمر الساعات القليلة ، وقبل أن تنام تردد هذا الدعاء..

- اللهم احفظ لي أولادي، وذريتي من كل مكروه والعالمين أجمعين، واجعل قلبي كما تعلمه ثابتاً على بابك فأنت علام الغيوب، واجعل روحي كما تعلمها، ولا حول ولا قوة إلا بك يا كريم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة