د. علي محمد جارالله
د. علي محمد جارالله


د. علي محمد جارالله يكتب: أكذوبة شعب الله المختار وأرض الميعاد هذه.. هي الصهيونية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 31 ديسمبر 2023 - 08:50 ص

يعرف المسلمون والمسيحيون أن اليهود يكذبون منذ أن عصوا نبي الله موسى، وحتى العام 1947م عندما منحتهم بريطانيا أرضا ليست لهم، فأصبح اليهود يتشدقون بأنهم أفضل شعب اختاره الله، ثم تطور تشدقهم بأن لهم جيشًا لا يُقهر، وأن هذا الجيش يتمتع بالأخلاق العالية، وأثبتت حرب 7 أكتوبر 2023م أن هذا الجيش انهزم من حركة مجاهدة وليس من جيش، وأن الصهاينة قطعوا عن مواطني غزة الماء، والكهرباء، والغذاء، والأدوية، والعلاج، والاتصالات، وكل هذا تحت شعار أن إسرائيل تدافع عن نفسها وتدعمهم بذلك أمريكا وأوروبا. 
 يدعي حوالي ثلثي الصهاينة بأن اليهود هم «شعب الله المختار»، لهذا هم يشكرون إلههم في كل صلواتهم، لاعتقادهم بأن الله اختارهم من بين باقي الشعوب، ويعتمدون في ذلك على سفر التثنية (2:14):
«لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ، وقَدِ اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِكَيْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».  
ونحن نقول هنا كمسلمين أن شعب الله المختار هو كل من يؤمن برب الناس، فلا يوجد شعبٌ معينٌ اختاره الله له، لقد أخبر الله بني إسرائيل الذين آمنوا حينها بموسى -عليه السلام- أن الله قد فضلهم على العالمين، ويقول تعالى في القرآن الكريم: «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ»، ويرى اليهود أن ما يقول القرآن هو دليل قاطع على أن الله فضلهم على العالمين! 
ولكن لم يخبرنا اليهود عن أي عالمين فضلهم؟ وما هي مظاهر هذا التفضيل؟ ومتى تم هذا التفضيل؟ وهل هذا التفضيل دائم حتى قيام الساعة؟ ولماذا لم يقل تعالى: «أفضلكم» بل قال: «فضلتكم»؛ أي سابقاً.
يجهل اليهود تعمدًا بأن تفضيل رب العالمين في الآية السابقة لم يعطها لهم باعتبار أنهم يهود، لأن الله لا يفضل الناس بسبب أصلهم، وإنما يُفضل الناس بأعمالهم وتقواهم، قال تعالى:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ»، و قال تعالى لسيدنا إبراهيم عليه السلام: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ ومِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»، فتفضيل الله لبني إسرائيل كان بسبب إيمانهم بالله واتباعهم لرسله في تلك الفترة، قال تعالى: «و َجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ). لهذا فضّل الله بني إسرائيل على العالمين في ذاك الزمان عندما كانوا فيه موحدين، وكانت الأقوام الأخرى كفرة ووثنيين، ولهذا نجَّاهم الله من فرعون، ونصرهم على الكافرين.
ولكن بعد ذلك كفر اليهود بالله، وعصوا الرُّسل، وقتلوا الأنبياء، وحرقوا كتبهم، ونقضوا عهدهم بالله، فبدّل الله تفضيله لهم إلى غضب عليهم؛ قال تعالى في سورة المائدة: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ والْخَنَازِيرَ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ»، والمقصود هنا: هل أخبركم بشر جزاء عند الله يوم القيامة مما تظنونه بنا؟ وهم أنتم الذين هم متصفون بهذه الصفات القصيرة، فقوله :«من لعنه الله» أي: أبعدهم من رحمته «وغضب عليهم» بمعنى غضبا لا يرضى بعده أبدًا.
يقول المسيحيون في كتبهم الأمر نفسه عن الشعب المختار، فبلسان بولس الرسول يشرح معنى المختارين بأنهم المؤمنون المخلصون، أيًّا كان جنسهم، وفي رسالة بولس الرسولية الثانية إلى أهل تسالونيكي: «وَأَمَّا نَحْنُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقّ» (2تس 13:2). وقال لأهل كولوسي: «فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، ولُطْفًا، وتَوَاضُعًا، ووَدَاعَةً، وطُولَ أَنَاةٍ» (كو 12:3) هذه كلها أدلة واضحة من كتب الله للمسلمين والمسيحيين تدحضان أقوال بعض اليهود الصهاينة بأنهم شعب الله المختار.
تذكر الحقائق أن اليهود مروا على مصر وشبه جزيرة سيناء وفلسطين، لهذا يبرز كُتّاب التاريخ بأن مصر كانت لهم أرض عبودية ذُلُّوا فيها بسبب خطاياهم، وسيناء كانت أرض متاهة وأرض عبور وأرض إفناء وأرض عقوبة، أما فلسطين فكانت مسكناً مؤقتاً كمعزل ديني.
لا يخجل فلاسفة الصهاينة من القول أن هناك علاقة خاصة بين الشعب والرب فقط، وهذا الأمر الذي جعل من الصهيونية شعورًا بالاستعلاء والتكبر على كل البشر، حتى إنهم يقولون في توراتهم المُحرّفة بأن لهم الحق في السيطرة على العالم ما داموا هم أبناء الله، وأن الله اختارهم. 
أما وعد الله لهم، فهنا هم كعادتهم يكذبون، فالقدس الشريف حكمها العرب سنة 642م ثلاثة عشر قرنا من الزمان، ثم جاء الصهاينة المغتصبون مدعومين من أمريكا وبريطانيا وتعاطف أوروبا إلى القدس، وكانوا يرفعون شعار أنها أرض الميعاد، أو أرض الموعد، ولكن الحقيقة تقول إنهم لم يأتوا إليها بوعد من الله، بل بوعد من بلفور وزير خارجية بريطانيا في الثاني من نوفمبر 1917م، وذلك بعد أن تقاسمت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى كعكة الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت مسيطرة على فلسطين التي كان يسكنها تقريبًا 3-5% من اليهود.
الخلاصة:
لهذا اتخذت الحركة الصهيونية من أسطورة أرض الميعاد الدعامة الأساسية، والرافعة الأيديولوجية لتحقيق أهدافها السياسية، واستطاعت أن تنقل هذه الأسطورة من المجال العاطفي إلى المجال السياسي، فدعت إلى عودة اليهود إلى أرض الآباء والأجداد، التي منحها لهم ربهم حسب ادعائهم، واتخذت من نصوص التوراة والتلمود وتعاليمها دستورًا لها.
عَقَدَ حكماء صهيون برئاسة هرتزل أول مؤتمر صهيوني في العام 1897م في سويسرا، وكان هدفهم من هذا المؤتمر تنفيذ خطة سياسية خفية جاءت لهم من أسلافهم شيوخ اليهود، وكانوا يناقشون فيه ما هي الوسائل التي تساعدهم على إنشاء وطن قومي لهم بفلسطين، والهدف الخفي كان هو استعباد كل العالم عن طريق العنف في كل صوره، وقد جاء النص التالي بتقرير المؤتمر الصهيوني:
«لقد ابتدعنا منذ زمن بعيد ألفاظ الحرية، والإخاء، والمساواة، وألقينا بها في أفواه الشعوب التي بهرهم بريقها، فراحوا يرددونها كالببغاء ترديدًا كريهًا مرذولًا، دون أن يفطنوا إلى ما استهدفناه من ابتداعها، وهو تقويض أركان المجتمع، والقضاء على النوازع الدينية ... لقد اتخذنا من هذه الألفاظ الثلاثة معاول لتقويض أركان السلام والتضامن الدولي ولزعزعة العالم من أساساته». 
هذه هي الصهيونية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة