هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

خطة «اتلانتس» ومفاجآت «غزة السفلية»

هالة العيسوي

الأربعاء، 31 يناير 2024 - 07:40 م

أذهل نطاق وعمق ونوعية الأنفاق التى بنتها حماس، مسئولى ومقاتلى الجيش الإسرائيلى. كما أذهلهم العدد الهائل من الأنفاق التى تمتلكها حماس. فى السابق كانوا يعرفون مدينة واحدة باسم غزة، الآن اكتشفوا أن غزة فى الواقع هى مدينتان؛ «العليا» تلك التى يعرفون تضاريسها وطبوغرافيتها فوق الأرض، والأخرى «غزة السفلية» تلك المدينة المبنية تحت الأرض الممتلئة بالأسرار والمفاجآت التى تثير جنون الاحتلال وتزيده ضراوة ووحشية. 

لقد فضحت الحرب على غزة تخبط وارتباك تقديرات العسكريين الإسرائيليين. قبل عام واحد قال مسئول كبير فى أحد الاجتماعات جيش الاحتلال، إن الأنفاق لن تكون عاملا فى حرب مستقبلية ضد حماس، بسبب قوة الجيش الإسرائيلى. الآن أدركوا ضخامة الكذبة التى عاشوا فيها. فى ديسمبر، قدروا أن طول جميع الأنفاق فى «غزة السفلية» يصل إلى 400 كيلومتر. الآن وبعد مرور أكثر من ثلاثة شهور اكتشفوا أن طول هذه الأنفاق أكبر بكثير، وأنه يتراوح بين 560 و720 كيلومترا. ويقدرون أن هناك نحو 5700 فتحة تؤدى إلى الأنفاق. وعند اقتحام تلك الأنفاق أذهلهم وجود بعض الآلات التى تم استخدامها فى بناء القنوات. 

تفننوا فى ابتكار طرق لتدمير هذه الأنفاق جميعًا، ولم يستطيعوا، ولعدم قدرتهم على تحييد البنية التحتية تحت الأرض فى قطاع غزة، لجأوا إلى وسيلة ضخ المياه لإغراق الأنفاق. بدأوا فى نهاية العام الماضى ما أطلقوا عليه اسم برنامج «أتلانتس»، بتركيب مضخات فى شمال قطاع غزة. لكن فى بعض الحالات، صدت الجدران والحواجز الأخرى تدفق المياه وأدت إلى توقفها. صحيح أن مياه البحر تسببت فى تآكل بعض الأنفاق، إنما تبين أن الخطة لم تكن فعالة كما توقعوا فى إسرائيل. أحرجتهم صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الموالية لهم، بالكشف عن أن الغالبية العظمى من أنفاق حماس فى قطاع غزة لا تزال سليمة، ولم تؤت خطوة إغراقها أو إتلافها بمياه البحر ثمارها حتى الآن.

إزاء هذه الحقيقة تواضعت أحلامهم، وصار نهج جيش الاحتلال هو التركيز على «تنظيف» التقاطعات داخل الأنفاق التى يختبئ فيها كبار مسئولى حماس وأفرادها، وليس تدمير النظام بأكمله. وردًا على الإحراج الأمريكى، والكشف عن أن خطة أتلانتس لم تحقق إلا نجاحًا جزئيًا، أعلنت إسرائيل يوم الثلاثاء أنها قامت فى وقت سابق من هذا الشهر بتركيب مضخة واحدة على الأقل فى خان يونس لتدمير شبكة الأنفاق هناك. وأن خطة «أتلانتس» جاهزة للعمل وأنهم طوروا أدوات لحقن المياه بمعدل مرتفع فى أنفاق حماس فى قطاع غزة، كجزء من مجموعة متنوعة من الأدوات التى يمتلكها الجيش الإسرائيلى للتعامل مع الأنفاق. ومرة أخرى، يكشف مسئول أمريكى، إن الاحتلال استخدم مياه البحر الأبيض المتوسط فى المضخات الأولى فى غزة،

بينما استخدم مياه إسرائيل فى المضخة الجديدة. مدلول هذا الكشف هو أنهم تخلوا عن استخدام المياه المالحة، برغم تأثيرها الجزئى على تآكل الجدران، وتحولوا إلى المياه المعالجة لتحسين قوة التدفق، وسرعة تأثيره، على الرغم من ندرتها وتكلفتها الباهظة. مع ذلك من غير المؤكد، أن تنجح «أتلانتس» فى تحقيق الهدف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة