محمود الوردانى
محمود الوردانى


محمود الوردانى ..هكذا تكلمتْ جُلبيرى (1)

أخبار الأدب

الإثنين، 12 فبراير 2024 - 04:22 م

لا أدرى كيف مرّ هذا الكتاب - المجلد - دون أن ينتبه القارئون والكاتبون، ودون أن يحظى بما يستحقه من انتباه، ودون أن يأخذ مكانه كأحد أهم كتب السيرة الذاتية المشتبكة مع تاريخنا السياسى والاجتماعى، فى لحظات مفصلية ونادرة منذ أربعينيات القرن الماضى وحتى ما بعد اغتيال السادات.

الكتاب هو«ثلاثية جُلبيرى» - الصادر عن المركز القومى للترجمة عام 2015 فى 819 صفحة من القطع الكبير، ويضم ثلاثة أجزاء لسيرة ذاتية كتبتها بالفرنسية «جُلبيرى أفلاطون» وترجمت الأجزاء الثلاثة التى يضمها كل من سهير فهمى ونجاة بلحاتم وماجدة الريدى وقدّمت له أمينة رشيد.

اقرأ أيضاً |  محمود الوردانى ..على هامش رواية «الطنطورية»

أظن أن جزءا لابأس به من عدم الاهتمام بالكتاب وعدم اعتماده كواحد من أهم الوثائق وأكثرها كشفا، يعود للغفلة والجهل الفاضح، لكن جزءا آخر من عدم الاهتمام المُشار إليه يعود للترجمة غير الموفقة أبدا، خصوصا فى الجزء الأول «حدائق الزمن الماضى».

وأظن أيضا أنه كان لازما وواجبا أن يعهد المركز لمحرر، يقرأ النص ويضبطه ليس من زاوية الصياغة بالغة الارتباك والأخطاء غير المقبولة إطلاقا، أو من زاوية التدقيق اللغوى والإملائى للأسف، أو من زاوية أسماء الأعلام والأماكن والأهم أسماء المنظمات السياسية التى لايمكن التعرف على مقصودها أبدا. أكاد أقول إن الكتاب/المجلد تم إهداره بصدوره على هذا النحو المهمل المفتقر لأبسط مايحتاجه، وهو على الأقل محرر يعرف اللغة والإملاء وموضوع الكتاب.

 لهذا ربما يكون أول ما ألفت النظر إليه هنا هو أن أطالب المركز القومى للترجمة بإصدار طبعة جديدة، بعد مرور تسع سنوات على الطبعة الأولى، على أن يعيد تحريرها من يملك المعرفة والقدرة، وهم كثيرون!!

 على أى حال، من المهم أن نتعرف أولا على الكاتبة المجهولة حتى بالنسبة للمهتمين بتاريخ اليسار فى مصر، وهو موضوع الكتاب وفضاؤه وعالمه الداخلى المضفور بتاريخ منظماته السرية والعلنية. وحسبما أشارت الراحلة الكبيرة أمينة رشيد فى تقديمها، فإن جُلبيرى هى أخت الفنانة التشكيلية الراحلة إنجى إفلاطون، وزوجة المناضل والمفكر الاقتصادى د. إسماعيل صبرى عبد الله. وإذا كانت غير معروفة لنا ككاتبة، فإن السبب فى ذلك هو أنها تكتب بالفرنسية ونُشر لها بالفعل نصان فى فرنسا: قصة قصيرة بعنوان 21 فبراير فى مجلة الآداب الفرنسية، وديوان شعر «أحجار على الطريق» عام 1955 تحت اسم صفية، الصادر عن  أهم دار نشر للشعر الحديث فى فرنسا.

 طبعا اسمها غريب كما يبدو للقارئ، وتكشف جُلبيرى فى الصفحات الأولى عن أن المسئول عن اسم عائلتها ذاك هو الباشا الكبير شخصيا ولا أقل!! ولى النعم و مؤسس الدولة العلوية محمد على باشا، عندما كان يتفقد أسماء المبعوثين المتفوقين الذين أرسلهم الباشا فى بعثة إلى فرنسا، وكان من بينهم جدّ جُلبيرى الأكبر حسن إسماعيل عبد الله الكاشف الملّقب بأفلاطون بسبب نبوغه خصوصا فى الفلسفة حتى أن زملاءه وأساتذته أطلقوا عليه ذلك اللقب. سأل الباشا عن اللقب الغريب، فقيل له السبب، فاستحسن أن يكون عندنا أفلاطون آخر، وأمر بإبقاء الاسم الذى أصبح اسم الأسرة فيما بعد!!

 أما اسمها الشخصى والغريب أيضاجُلبيرى فهو إسم جدتها لأمها ذات الأصل التركى/ الشركسى.

 لايمكن تخيل المتعة والمعرفة التى يوفرها كتاب/ مجلد يضم قرابة التسعمائة صفحة من القطع الكبير، يروى على مهَلَ تاريخا شخصيا ليس لبنت الأكابر وحدها بل لبلادنا ..
 فى الأسبوع القادم إذا امتد الأجل أواصل قراءة السيرة النادرة..


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة