محمود الوردانى
محمود الوردانى


محمود الوردانى ..8 سنوات فى المنفى (2) لماذا أغفل العرابى ماضيه السياسى؟!

أخبار الأدب

السبت، 13 أبريل 2024 - 02:48 م

 أبادر أولا بالاعتذار للقارئ بسبب خطأ تقع علىَّ وحدى مسئوليته، فقد كتبتُ أن صاحب السيرة هو محمود طاهر العربى، والاسم الصحيح هو محمود حسنى العرابى. الأول هو المتهم باغتيال الخديو ورئيس الوزراء والمعتمد الإنجليزى عام 1912، وأمضى بسبب ذلك 12 عاماً فى السجون، وتعد قضيته هى أول قضية اغتيال سياسى تم تقديمها للمحاكم المصرية، وأنا وحدى، كما ذكرت، المسئول عن الخلط الفاضح.

من جانب آخر، تلقيتُ بعد نشر العمود على صفحتى بالفيسبوك عدداً من الرسائل أثبتت لى أن هناك أكثر من طبعة للمذكِّرات، من بينها طبعة دار الكتب، مما قد يفسِّر الاضطرابات الواردة فى تعليقات بعض المؤرخين على المذكرات. شكرى الجزيل للأصدقاء الذين أفادونى بهذا الخصوص، ومع ذلك تستوجب الاختلافات بين الطبعات دراستها، وتبقى أيضاً هناك ضرورة للمقارنة بين تواريخ الطبعات، وهى أمور ليست من قبيل المعاظلة والمماحكة الأكاديمية، بل لوضع المذكرات فى سياقها.

اقرأ أيضاً | محمود الوردانى ..8 سنوات فى المنفى (1) أين الطبعة التائهة؟!

من جانب ثالث أريد أن أشير إلى مسألتين مثيرتين للاهتمام بشدة. الأولى أن صاحب المذكرات أغفل على نحو يكاد يكون كاملاً الكتابة عن ماضيه السياسى، والدور الذى لعبه فى مصر، قبل هروبه إلى ألمانيا. وفكَّرت أن السبب قد يعود لاعتبارات تخص قضيته السياسية، وحرصه على تجنب ذكر ما قد يدينه، لكننى استبعدت هذا، لأن الرجل كتب مذكراته ونشرها، بعد أن استردَّ بالفعل جنسيته التى كانت قد سُحِبتْ منه بأمر ملكى، وقد ورد ذكر مبتسر ومجهَّل وعابر وخالٍ من التفاصيل لبعض ما أتحدث عنه فى موضعين أو ثلاثة فقط.

وهو لم يذكر مطلقاً انتماءه للحزب الذى كان أحد أربعة قاموا بتأسيسه، كما لم يذكر سفره إلى موسكو واشتراكه فى مؤتمر الكومنترن، قبل الإعلان عن تغيير اسم الحزب إلى الحزب الشيوعى، واشتراكه بقوة فى إضرابات عمال النسيج بالإسكندرية، وتدخُّل حكومة سعد باشا الفظ بقمع وتجريم الحزب، وتقديم أعضائه للمحاكمة، والحكم عليهم بعقوبات غليظة، وقد مات واحد منهم فى السجن أثناء إضرابهم عن الطعام.

 كل ذلك وغيره أغفله صاحبنا، وهو يكتب عن هروبه الذى تحول إلى منفى وتجريد من الجنسية امتد لثمانى سنوات. لا أعلم السبب وأشعر بالحيرة لأنه لم ينكر أفكاره كما لم يتاجر بها، وذكر بوضوح أنه هرب بعد أن شعر بقرب القبض عليه، كما اشتغل بالعمل العام فى ألمانيا ونظَّم من خلال النادى المصرى هناك دفاعاً مؤثراً وصل إلى تنظيم المظاهرات انتصاراً للقضية الفلسطينية، وضد العدوان الذى تشنه العصابات الصهيونية (كان ذلك فى ثلاثينيات القرن الماضى، وقبل تأسيس الدولة العبرية).

أما المسألة الثانية التى أود الإشارة لها، فهى تتعلق بعلاقاته بالحزب النازى وزعيمه هتلر. أظن أنه من الطبيعى لرجل فى مثل ظروفه وتجريده من الجنسية أن يتم استدعاؤه والتنبيه عليه، ومن الطبيعى أيضاً أن يتقدم بشكاوى بسبب وضعه، ومن الطبيعى كذلك أن يرسل لهتلر نفسه طالباً منه التدخل لتسوية أموره، لكن ذلك لا يعنى مطلقاً أن له علاقات خاصة بالنازية، حسبما ذكر بعض المؤرخين.

الرجل كان عاطلاً عن العمل وليس مسموحاً له إلا بأعمال هامشية غير مستقرة، وعندما أُتيح له أن يعمل بالتدريس فى معهد حكومى، تم فصله دون إبداء الأسباب، كما تم التضييق الأمنى عليه وهو لا يحمل أى جنسية، فمن الطبيعى إذن أن يطرق كل الأبواب.
أستكمل فى الأسبوع القادم إذا امتد الأجل..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة