نوال مهنى
نوال مهنى


«وجبة شهية» قصة قصيرة للأديبة نوال مهنى

صفوت ناصف

الثلاثاء، 13 فبراير 2024 - 03:53 م

في مطعم شهير للأسماك جلس فؤاد وزوجته هناء، في انتظار وجبة الغداء من الأسماك اللذيذة، يتأمل فؤاد المكان من حوله ويقول:

تصوري يا هناء أنا لا أصدق أننا في هذا البلد العجيب، ولم يخطر ببالي مطلقا أن أزور هذا البلد البعيد في أقصى الشرق، فالناس عادة يتجهون إلى الغرب، فدول أوروبا تجذب السياح والباحثين بما أحرزته من رقي وتقدم علمي واقتصادي .

فتعلق هناء: والصين أيضا أحرزت تقدما كبيرا وخاصة في مجال الاقتصاد، هذا الشعب الذي يمثل ربع سكان العالم لا يعاني فقرا، فقد غزت العالم بضائعه وصناعاته، بفضل نشاطه وعمله الدائب، الصين أمة ذات حضارة قديمة، لكن تأثيرها وانتشارها كان ضعيفا ـ بالقياس للحضارة الفرعونية واليونانية ـ بحكم بعدها عن مركز العالم القديم .

يضيف فؤاد مازحا: أنا شخصيا كنت أظنها بلاد واق الواق، ذات الملل والنحل الكثيرة التي يُحكى عنها في الأساطير، ولم أكن أعرف عنها سوى أنه كان بها سور الصين العظيم أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، آه دعيني أسترجع بعض الكلمات التي تعلمتها من لغة الصين منذ أن علمت بخبر البعثة، يخرج من جيبه ورقة وينشغل بقراءتها.

 تنظر هناء إلى المفرش الذي يغطي المائدة بإعجاب، يبهرها منظر الحروف الصينية المتداخلة بألوان مختلفة زاهية جذابة، يبدو أن الذي صممها خطاط ماهر وفنان، حتى إنها اتخذت تصميما فنيا رائعا، على الفور أخرجت من حقيبتها ورقة شفافة وقلم وشرعت في نقل الرسمة وقررت أن تقوم بتطريزها كي تزين بها أحد أثوابها، هناء تهوى التطريز وأشغال الإبرة عموما ولذا تحمل دائما في حقيبتها الخيوط والإبر والأقلام والأوراق الشفافة لنقل الرسومات التي يتصادف أن تراها وتروق لها .

اقرأ أيضاً| «فاتحة للعين» قصة قصيرة للكاتب محمد عبد الحافظ ناصف

 

بعد تناول وجبة الأسماك الشهية، عاد الزوجان إلى مسكنهما وشرعت هناء في نقل التصميم الزخرفي على صدر التيشرت الجديد وقامت بشغلها بخيوط حريرية ملونة، واتقنت تطريزها وزخرفتها بصورة أنيقة وهي سعيدة لأنها رسمة جديدة غير مكررة لم ترها على ملابس أحد من قبل، سوف تعجب صديقاتها ويثنين عليها وعلى ذوقها الرفيع، في يوم الإجازة، قرر الزوجان الخروج في جولة لمشاهدة معالم الصين، ارتدت هناء التيشرت الجديد وعلى الجانب الأيسر من الصدر ظهر الرسم الزخرفي الجميل المكون من الحروف الصينية الملونة، وما أن خرجا إلى الشارع إذا بالمارة يحدقون في الرسم وينفجرون في الضحك، أثار هذا التصرف الغريب استغراب هناء وزوجها، ترى ما الذي يضحك الناسمن هذا الشكل الزخرفي الجميل المشغول بدقة؟! عندما عادا إلى البيت ظلت هناء تنظر إلى التيشرت والرسم المشغول على صدره في تعجب شديد وتسأل نفسها ما الذي يجعل الناس يضحكون منه ؟

 في أحد الأيام جاء لزيارتهما صديق مصري يقيم في الصين من عدة سنوات، فحكت له هنا ما حدث وأحضرت التيشرت وعرضته أمامه، وما أن رآه الصديق حتى استغرق في الضحك بينما هناء وزوجها ينظران اليه باستغراب ودهشة، ثم توقف عن الضحك وسأل هناء، من أين أتيت بهذا الشكل؟

أجابت:كنا في مطعم للأسماك وكان الرسم منقوشا على مفرش المائدة فقمت بنقله لأنه أعجبني وزخرفت به بلوزتي كما ترى، ماذا في ذلك، وما الذي يثير الضحك ؟

أجاب الصديق: هل تعرفين ما معنى هذه الحروف؟

هزت رأسها قائلة : لا بالطبع أنا لا أعرف لغة الصين ،

فقال: يا سيدتي هذه جملة صينية معناها ـ وجبة شهية ـ نظر بعضهم إلى بعض وانفجر الجميع في الضحك.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة