مصطفى كامل
مصطفى كامل


مصطفى كامل: لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً

الأخبار

الأربعاء، 14 فبراير 2024 - 08:21 م

34 عاماً فقط عاشها الزعيم مصطفى كامل رئيس الحزب الوطنى منذ مولده فى 14 أغسطس 1874 وحتى رحيله وهو فى عز الشباب فى 10 فبراير 1908، برحيله الصادم ساد الحزن الأوساط الشعبية والرسمية، وخرج مئات الآلاف لتشييعه إلى مثواه الأخير تقديراً لزعيمهم الذى حفظوا عنه عبارته الشهيرة «لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً»، وعبارته التى أشاع بها الأمل فى نفوسهم «لا حياة مع اليأس.. ولا يأس مع الحياة»، وقد تحول ضريحه الذى شيدته له الدولة بالقرب من قلعة صلاح الدين بعد 45 عاماً من رحيله إلى متحفٍ مفتوحٍ للناس يحتوى فى غرفٍ جانبية تذكاراته ومقتنياته وخطبه ومقالاته التى كان ينشرها فى جريدة «اللواء» التى كان يهاجم فيها الاحتلال، ويدعو إلى نشر التعليم وإنشاء الجامعة الوطنية، وأدت مقالاته وخطبه السياسية بالعربية والفرنسية إلى فضح جرائم الاحتلال فى المحافل الدولية بعد مذبحة دنشواى، كان يبعث بمقالاته للصحف الفرنسية دفاعاً عن قضية مصر، كان يستنهض الهمم بالخطب الحماسية ومنها خطبته بالإسكندرية عام 1897 ونقدمها فى الذكرى 116 لرحيله لنبين كيف كان يلهب المشاعر ويفضح عملاء الاحتلال التى قال فيها : 
- «سادتى وأبناء وطنى الأعزاء إنى بفؤاد ملأه الفرح والسرور أقف أمامكم متكلماً عن شئون الوطن المحبوب ومصالحه، فكل اجتماع وطنى تُذكر فيه مصر ويُطالب بحقوقها ويعلن أبناؤها إخلاصهم لها هو فى الحقيقة مرهم لجراحها ودواء لدائها، فاذكروها ما استطعتم، فإن فى ذكراها ذكرى آلامها وذكرى الآلام يجر حتماً إلى ذكر عوامل الشفاء، اذكروها كما يذكر الولد الحنون أمه الشفيقة وهى على سرير المرض والعناء، اذكروها بآلامها وإن كان غيركم يذكر بلاده بمجدها ورفعة شأنها، اذكروها فإنكم ما دمتم مقدرين لمصائبها عارفين بحقيقة آلامها دام الأمل وطيداً فى سلامتها ودام الرجاء، اذكروها فمن المستحيل كذلك أن يكون الوطن فى خطرٍ ونحن نيام، وأن يعمل الأجنبى لامتلاك بلادنا وسلب حياتنا بل لاستعبادنا واسترقاقنا ونحن جامدون لا عمل ولا حراك، ألقوا أيها السادة بأنظاركم قليلاً إلى الأمم الحرة تجدون كل فردٍ فيها يدافع عن وطنه ويذود عن حوض بلاده أكثر من دفاعه عن أبيه وأمه بل هو يرضاهما ضحية للوطن ويرضى نفسه قبلهما قرباناً يقدمهما لإعلاء شأن بلاده، ويعدُ الموت لأجل الوطن حياة دونها الحياة البشرية ووجوداً دونه كل وجود. فلم لا يكون المصرى على هذا الطراز ووطنه أجمل الأوطان وأحقها بمثل هذه المحبة الشريفة الطاهرة».
ويضيف فى خطبته : «اسألوا التاريخ أيها السادة ما واجب أمةٍ دخل الإنجليز ديارها خدعة وعملوا لامتلاكها وسلبها كل سلطةٍ وكل قوةٍ، يجيبكم التاريخ إن واجب أمة هذا شأنها أن تعمل بكل ما فى استطاعتها ضد مغتصبها وأن تبذل فى سبيل خلاص وطنها كل ما تمتلك من مالٍ ورجال، كل احتلال أجنبى هو عار على الوطن وبنيه. العار واجب أن يزول. ولست أقصدُ بهذا الكلام أن أسألكم باسم الوطن إعلان ثورة دموية ضد محتل البلاد، كلا ثم كلا، إن أقل الناس إدراكاً لمصلحة مصر يعلم علم اليقين أنها منافية لكل ثورة وكل هيجان، وإنما أسألكم أن تعملوا بكل الوسائل السلمية على استرداد الحقوق المسلوبة منكم وأن تعملوا لأن تُحكم البلادُ بأبناء البلاد، نعم إنى أعلم أن الاحتلال قوى السلطة عظيم الرهبة شديد العقاب، وأن العمل ضده مُوجب للعذاب مُسبب للفقر والفاقة، ولكن فى الرضى بالاحتلال الخيانة والعار، وفى العمل ضد الاحتلال الشرف والفخار، فيا ذوو النفوس الأبية ويا ذوو الضمائر الحية، اطلبوا الشرف ولو مع الفقر، اخدموا الوطن ولو أسُقطت على رءوسكم الصواعق، كونوا مع مصر إن سعيدة فسعداء وإن تعيسة فتعساء، قولوا لعدوها فى وجهه «أنت عدو لنا»، ولصديقها «أنت صديق لنا»، لا تحبوا من يرميها بنبال الموت بل امنعوه عنها إن قدرتم، ثم ردوها فى صدر راميها إن استطعتم، وإن لم تستطيعوا فكونوا معها لا مع المعتدين، وإن لمصر غير المحتلين أعداء آخرين هم آلات الاحتلال، آلات الفساد، فإن ذكرتم الأعداء فاذكروا الخونة فهم ألد الأعداء، وأى الأعداء هم، أولئك الذين أنكروا الوطن والوطنية. وائتمُنوا على مصالح الأمة فعرضوا بها للدمار. أولئك الذين أبرتهم مصر فقابلوا برها بالسوء وصاروا اليوم فى أيدى المحتلين ضد الوطن العزيز».
مصطفى كامل 
الإسكندرية - 1897

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة