أحمد جلال
أحمد جلال


صباح جديد| طريق الخير يبدأ من رأس الحكمة

أحمد جلال

السبت، 24 فبراير 2024 - 08:09 م

لكل حكاية أصل، ولكل نجاح قصة، وكل نهاية سعيدة بدأت بالكفاح والمشقة، تلك العبر لم تكن أبدًا مجرد جمل مكتوبة على أوراق يومًا ما، لكنها دروس تعلمناها من الحياة ونتناقلها جيلاً بعد جيل .. ليستفيد منها أبناؤنا وأحفادنا .

واليوم أود أن أقص عليكم إحدى قصص النجاح الساحق والتي سوف يتناقلها الأبناء فيما بينهم لسنوات عديدة، قصة نجاح من دفتر إنجازات الدولة المصرية الخالدة، إنها قصة تشييد وبناء وتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة، فطريق تصحيح المسار الاقتصادي يبدأ من هنا من رأس الحكمة وكأن الله جعل لتلك البقعة نصيبًا من اسمها ولتكن الحكمة في تصحيح الأوضاع الدقيقة التى يمر بها وطني من رأس الحكمة.

 المشروعات القومية مهدت الطريق للاتفاق.. ومن جديد تُثبت دولة 30 يونيو أنها قوية وقادرة 

السوق السوداء للدولار تقترب من محطة النهاية .. وسيولة كافية لتغطية فجوة التمويل

صفقة القرن
صباح الخميس الماضى علمت أن دولة رئيس مجلس الوزراء سوف يلقى نبأ عاجلًا يخص صفقة استثمارية كبرى.. انفرجت أساريرى واستبشرت خيرًا وقلت على الجميع التمهل حتى يخرج علينا الدكتور مصطفى مدبولى ليعلن النبأ السار، لكن جاء بيان مجلس الوزراء مقتضبًا فى ذلك اليوم مفاده أن هناك صفقة كبرى تتم بالشراكة مع أحد الكيانات العالمية دون ذكر أى تفاصيل، ولم يشأ رئيس الوزراء أن يتركنا لشغفنا كى نفكر كثيرًا أو لأصحاب الشائعات المغرضة أن ينالوا من ذلك الإنجاز كما يفعلون فى كل مرة وفى كل وقت، وعاد للظهور من جديد أول أمس الجمعة فى مؤتمر صحفى عالمى ومعه أطراف المشروع العملاق وبدأ فى الشرح المستفيض لجوانب المشروع.

وفى أرقام بسيطة ذكر رئيس الوزراء أن الدولة المصرية سوف تحصل على ٣٥ مليار دولار هى قيمة الصفقة، وحدد ٦٠ يومًا كجدول زمنى لإدخال قيمة المشروع للبنك المركزي، منها ١٥ مليار دولار مقدم الصفقة يتم ضخها خلال ٧ أيام والـ 20 مليارًا المتبقية بعد ٦٠ يومًا، وذكر أن هناك ١٥٠ مليار دولار عائدًا استثماريًا متوقعًا للمشروع، ومستهدف استقبال ٨ ملايين سائح سنويًا لزيارة المدينة التى ستوفر ملايين فرص العمل خلال مرحلة التنفيذ والتشغيل.

بداية الحكاية
ودعونى أبدأ معكم الحكاية من البداية، لأن هذا المشروع هو نتاج جهد سنوات تخطت العشر، وعرق أناس أخلصوا لربهم ووطنهم، وانتصروا لشعبهم وأبنائهم، لقد هبت رياح 30 يونيو ٢٠١٣ تصافح أبواب مصر تهزها هزًا.. تقرع الأجراس بقوة الشعب الغاضب، فتساقط فشل الجماعة من علياء الوهم تسحقه الأقدام وتفتح النوافذ الموصدة وتنشر النور فى ربوع أظلمت، وتصنع الأمل والأحلام على أعين العالم لعلهم يشهدون، ما أعظم إرادة المصريين وما أروع- صنع- صنعته الإرادة فى الوجود، تطهر جسد مصر من دنس الجماعة واستردت الدولة عافيتها والتأمت الجراح الغائرة، وشفيت الصدور الموغرة، وتماسك بنيان المجتمع يشد بعضه بعضًا، ودخلت الدولة عصر البناء الشامخ وطويت صفحة الماضى البغيض. 

بناء الدولة
مضت مسيرة دولة يونيو تنطلق على درب طويل وأرض وعرة تصلح ما أفسده الدهر وليس ما أفسدته الجماعة وحدها، فأراد زعيمها وقائد مسيرتها الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يصنع لها بناءً راسخًا يضرب بجذوره فى عمق الزمن، وتحصد خيره الوفير أجيال عديدة قادمة. لم يعمل الرئيس من أجل لحظة الحاضر وحده وكفى، إنجازاته تعبِّر عن القادم فى المستقبل البعيد فأقام للدولة بنيانًا عظيمًا وأكسب مؤسساتها صلابة وقدرة تحمُّل قوية إذا ما هبت العواصف العاتية تصمد وتقاوم. عملت دولة يونيو بفكر متفرد لغرس بناء شامخ وصُنع رؤية مستنيرة وملكت إرادة صلدة تتصدى لكل المشكلات وتعالج الأزمات جميعها، لم تلجأ مرة واحدة لعلاج المسكنات وقادت أكبر وأطول رحلة فى تاريخ مصر تحقيقًا لإصلاح شامل حتى تكون الدولة قوية وقادرة على مواجهة رياح تأتى بما لا تشتهى السفن.. تعبر فوق جسر قوى إلى مرفأ آمن ويصعب أن تنال منها أزمة أو تهدد استقرارها شائعة. 

وطبّبت دولة يونيو جراح كل المشكلات، لم يرجئ الرئيس عبدالفتاح السيسى صانع مسيرة بناء الجمهورية الجديدة قضايا الوطن المصيرية ويتوارى خلف ستار يلتمس الأعذار تأجيلًا، جاسر إيمانًا بالوطن أن ينهض من كبوته ويصلح ما لم يستطع رئيس آخر إصلاحه، أراد أن تكون مصر هناك بين الدول المتقدمة حاضرة بمشروعات ضخمة ومتطورة وبناء قوى ومتماسك الأوصال، قادرة على تحمل الأنواء وصُنع ما أراد، باتت الدولة قوية وعفية يحاط بها سياج منيع، ما أقوى بنيان دولة يونيو بقدرته على احتواء الأنواء وامتصاص الصدمات والذود عن خطر العواصف، فما تعرضت له على مدى عشر سنوات من محاولات تشكيك بشائعات تطلق فى الفضاء الفسيح غايتها ضرب استقرار الدولة لم يتعرض له نظام من قبل، ولم ينالوا منها شيئًا، فقوة بنيانها جعلها صامدة وقادرة على مواصلة المسيرة.

ظن الكارهون والمتآمرون أن بإمكانهم هدم بنيان الدولة وتقويض معجزات صارت ملء السمع والبصر، وأن ممارسات الكذب والتضليل التى تبثها منابر جماعة الإخوان بدأب قادرة على اختطاف المصريين إلى عالم آخر يسود فيه الإحباط وانسداد المستقبل، تبوء دائمًا كل المحاولات بالفشل، وتتحطم على صخرة صلدة شيّدتها دولة يونيو بأبنية شامخة أصلها ثابت وفرعها فى السماء.

البنية التحتية
كانت تلك هى البداية، وعندما اعتلى الرئيس سدة الحكم قبل ١٠ سنوات بالضبط بدأ ينظر إلى خريطة مصر، ليضع الخطط الاستثمارية لها سريعًا بمعاونة الصادقين والمخلصين من أبناء مصر - وهم كثيرون- ظن البعض فى بداية الأمر أن الرئيس يملك مفاتيح خزائن الأرض، وأن الأموال سوف تغدق علينا من كل حدب وصوب ودون كلل أو مجهود يُذكر، لكن القائد الواعى فقط هو من كان يعلم أن العمل وبالعمل فقط نستطيع أن نشيد جمهوريتنا الجديدة، وأمر بتنفيذ مشروعات البنية التحتية الضخمة ليصل الاستثمار كل شبر من أرض مصر، وعلى سبيل المثال الساحل الشمالى ومنطقة الغرب حتى مطروح كانت قبل عهد السيسى لا تتعدى مجموعة من القرى السياحية تحيطها المشاكل والأزمات.

وأول ما قام به الرئيس إعادة رفع كفاءة الطريق الساحلى الدولى وتوسعته إلى ١٠ حارات، والبدء فى مشروع القطار الكهربائى الذى يمتد من العين السخنة وحتى مرسى مطروح، كل ذلك كلَّف الدولة المليارات حتى تستطيع جذب الاستثمار الأجنبى إلى هذه البقعة التى طالها النسيان منذ سنوات طويلة وتركوها صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، وتلفها تداعيات أحداث الحرب العالمية الثانية وذكراها المؤلمة، وحقول الألغام تحيطها فى مساحة تبلغ 95 ألف فدان، وغابت الإرادة ووهنت القدرة لتحويلها إلى منطقة سياحية وعمرانية جاذبة، وانعزلت عن الدولة فى منأى تُناجى ليالى الظلام الحالكة ليسكنها سكون الليل المظلم ولم تضأ فيها المصابيح تكسر عتمة الليالى الموحشة، تحركت الدولة المصرية وقطعت شوطًا طويلاً فى رحلة طرق الأبواب وسعت سعيًا حثيثًا.. أبرمت العديد من الاتفاقيات ووقّعت مذكرات التفاهم مع دول ومؤسسات عالمية للمساعدة فى استثمار تلك الأرض.

قبل ١٠ سنوات أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى منطقة الساحل الغربى إلى أحضان الدولة، يعيد تخطيطها وتنميتها لتكون مدنًا عالمية حتى أضاء نور مرحلتها الأولى -وهى مدينة العلمين- يتلألأ ويخطف الأبصار كإبهار بعمران شامل على أرض تحيا، ظن كثيرون أن الخير مات فوق ثراها، فى اتجاه الساحل الشمالى أصبح هناك وجود تراه العيون المبصرة حقيقة، ونحن اليوم مع موعد جديد فى مدينة جديدة اسمها رأس الحكمة سوف تتلألأ فى أبهى صورها هى الأخرى، مدينة ذكية تصور مشهدًا عقاريًا عصريًا وتعكس قوة الإصلاحات المصرية، مدينة تمتلك كل مقومات التنمية السياحية والعمرانية والصناعية والترفيهية، النظرة إليها تجسد مستقبل السياحة الواعد والعمران المتطور وسوف تكون نموذجًا لمدن الجيل الرابع التى يسعى الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأب لبنائها ليحسّن جودة حياة المصريين. 

رأس الحكمة وتدفق الخير 
بزغت مدينة رأس الحكمة إلى الوجود، أهم المدن الجديدة التى سوف تشيّدها الدولة على مدى سنوات بأحدث وسائل التكنولوجيا المتطورة لتكون من المدن الصديقة للبيئة وبسواعد مصرية وصممتها وفقًا لمعايير عالمية وتُعد الأولى من نوعها فى المنطقة وتتخطى كونها مدينة سياحية لتقدم مزايا للعيش بداخلها طوال العام على غرار مدينة الإسكندرية فتغير بتشييدها خريطة الساحل الشمالى بأكمله والمفهوم الذى أنشئ على أساسه حرص على أن تكون المدينة متكاملة وجامعة لمعانى الحياة، فتحتضن فوق أرضها ميناء مركزيًا متعدد الأغراض ومناطق صناعية متطورة للصناعات الصغيرة والمتوسطة ومعارض مفتوحة وأخرى صناعية ولوجستية ومركزًا للحرف والصناعات اليدوية ومدينة أوليمبية ومدنًا سكنية كاملة المرافق والخدمات.

لن أبالغ إذا قلت إن ردود الفعل لم تنتظر طويلاً، فها هى السوق السوداء للدولار تتهاوى بسرعة كبيرة، حتى أنه تراجع إلى ما دون الخمسين جنيهًا خلال أقل من 24 ساعة فقط، بعد أن كان يلامس الـ 65 جنيهًا، والذهب أيضًا كان له نصيب من التراجع بما يصل إلى 200 جنيه، كما أن السندات المصرية الدولارية تواصل الارتفاع بعد الإعلان عن الصفقة الكبرى.. وأعلن بنك جولد مان ساكس أن حجم الاستثمارات جاء أكبر بكثير من التوقعات وهو ما يوفر سيولة كافية لتغطية فجوة التمويل فى مصر على مدى السنوات الأربع القادمة.. كما أن شهادات إيداع البنك التجارى الدولي مصر قفزت بنسبة 5% خلال تعاملات بورصة لندن لتسجل 1.28 دولار لكل شهادة.

بطبيعة الحال تلك الأمور رغم أنها لا تُعد مقياسًا، إلا أنها مؤشر حقيقي لما ستؤول إليه الأوضاع خلال الفترة المقبلة.. لننتظر ونرى، فالخير من رأس الحكمة سيصل بلا شك إلى كل الأرجاء المصرية من أقصاها إلى أقصاها، وسيكون سببًا مباشرًا فيما سيحياه المصريون من خير قريبًا.. فقط ليقل الجميع «يا رب».

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة