حسن عبد الرحمن
حسن عبد الرحمن


«عفاريت الأنفاق».. قصة قصيرة للكاتب حسن عبد الرحمن

صفوت ناصف

الجمعة، 01 مارس 2024 - 06:53 م

بالقرب من قطعة من الأرض منبسطة بقطاع غزة يقف جون، الذي نزل منذ وقت قصير من المروحية التي أقلته من المطار وهو يرتدي بدلته العسكرية كاملة الشدة..انضم إلى طاقمه الذي راح ينظم الجنود في صفوف ومن أمامهم الضباط الذين يلتفون حول جون بمجرد أن هل عليهم.

وقف وسطهم وبمنتهي الفخر راح يشرح لهم خُطَّة الهجوم البري.. ولكن قاطعه يودا بصوت مرتجف مرتعش ااااتقصد أنكم قادة أمريكية قررتم إننا نقتحمهم بري؟

أمعن جون النظر إلى يودا لحظات وبصوت جَهْوَري وبحماس قال: وهل عندك اعتراض يودا؟ نظر يودا إلى جون وتصبب عرقا وقال وكانت يده ترتعش: أهذا اقتراحك أم اقتراح قيادتنا الذين يعرفون طبيعة المكان جون؟

اندهش جون وبصوت ملئه الكبر، ماذا تريد أن تقول يودا افصح.. تشجع يودا وقال لأنكم لا تعرفون مع من نقاتل، الإنفاق هنا كثيرة ولو تقدمنا خطوة واحدة لقُتلنا هنا جميعاَ واا، بتر جون عبارة يودا ساخرا ها وماذا تقترح يودا كيف نقاتل هؤلاء الإرهابيين؟ لم يعر يودا اهتمام لسخرية جون ونظر إلى الضباط حوله فوجدهم منكسي الرؤوس وقال اقترح أن نضربهم بالصواريخ من بعيد كما اعتدنا وااا، قاطعه جون مرة أخرى جباااان أنت ضابط إسرائيلي جبان يودا لابد من مواجهتم وقتلهم من نقطة قريبة حتى نمحوهم من الوجود، لابد أن نرى أشلاءهم أمام عيوننا يودا..الموضوع سهل حبيبي إحنا نقف فوق النفق نرمي قنبلة وكل شيء ينتهي.. نفذ أوامر يودا.

****

السلام عليكم يا أحباب كان هذا صوت الملثم الذي دخل من فوره برشاقة من فَتْحَة بباطن الأرض ليغلقها خلفه ببراعة.. ليسمع صوت جماعي يرد عليه السلام وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ها ما الأخبار يا حسام هل نحن جاهزون لعملية اليوم بإذن الله؟ ينظر حسام إليهم بعين المنتصر نعم نحن جاهزون ثم ينظر إلى مازن الذي أتى من عمق النفق، وقد تجهز بعدته وقال في صوته الواثق أنا جاهز يا حسام علي بركة الله. ها متى التحرك؟ ليرد عليه حسام وهو يربت على كتفه في منتصف الليل بإذن الله، فكن مستعد.

***

يتقلب يودا في فراشه الوثير ويقوم من نومه فزعاَ  يمسك عنقه، ويصرخ بصوت عالي مما استدعى والدته ووالده ليقتحموا عليه غرفة نومه ليجدوا على وجهه الرعب.

لتسرع أمه بالسؤال ماذا حدث يودا ما سبب كل هذا الرعب على وجهك حبيبي؟ وتجلس بجانبه وتربت على كتفه بحنان فينهمر الدمع من عيناه ويسأله والده نفس السؤال فيجهش في البكاء كالطفل ويقول مجرد كابوس بابا.

هل أنت خائف من الحرب يودا؟ قالها والده عفرايم بشجن أنا كمان خائف اليوم.. يودا أنا كمان استلمت من الكيان طلب استدعاء.. نهرب يودا نهرب قالتها أمه وهي ترتعش من الخوف.. قام يودا من فوق السرير غضبان جندي إسرائيلي مش ممكن إهرب من حرب مقدسة لقد وجدنا خطة لقتل الإرهابيين وستنفذ اليوم بعد منتصف الليل، ولم يبق إلا ساعة.. لكن قبل أن أنفذ خطتي عندي مهمة يجب أن أفعلها ليستريح صدري الملتهب..

**

تقدم يودا من خلف جدار وهو يتلفت يمينا ويسارا برعب شديد وقدماه تتخبط في بعضها فهو يظهر شجاعة من الخارج ولكنه من الداخل مختلف وجبان.. بعد أن اطمئن إنه لا يوجد مجاهدين اعتدل في مشيته وهو يقترب من المسجد الذي يُسمع فيه أصوات رجل يقرأ القرآن ويعيده من خلفه صوت جماعي لأطفال صغار.. تلصص واقترب بكل خسه من باب المسجد وانتزع فتيل قنبلة ثم ألقى بها في فتحة المسجد وفر هاربًا.

***

جاهز يا مازن المصادر عندي تقول إن اللواء جعفاتي سيهجم اليوم من اتجاه وإن جنود متطوعين من الكتيبة ٢٠٢ سيهاجمون من الناحية الشرقية.

اعتدل مازن في جلسته وقد أعد عدته، نعم يا حسام وما المناسب لإحباط مهمتهم؟ ضحك الإثنين معاَ وسمعوا صوت يتردد عبر النفق وكان صوت خالد المسافة صفر ستكون مناسبة ودواء للجميع ههههههه.

 

***

 

تجمع يودا والضباط حول جيمي في دائرة وراح جيمي يشرح لهم خطة الاقتحام البري ثم وزع الضباط على كل دبابة وانتظر هو وثلاثة ضباط أمريكان وتوغلوا راجلين إلى الاقتحام البري..

 

ذهبت الدبابات الأربعة في اتجاه المجاهدين وكانت الأرض منبسطة تمامًا وخلفهم جاك الذي كان يتمتم بعبارات الانتصار.. بعد أن توغل هو وضباطه الثلاثة وما زال الحديث الحميم دائر بينهم، فأخرج جاك من جيب سترته قنينة صغيرة من الخمر الذي يحبه وأشار إلى باقي الضباط وقال نخبكم يا رفاق.. لم يمهله مازن وحسام الوقت لابتلاع جرعة من الخمر إذ ظهروا فجأة من خلفهم وطوقوهم بأيديهم على أفواههم وذبحوهم في ثواني.. وفي نفس اللحظة يخرج خالد من فوهة النفق ليضع عبوة ناسفة ويلصقها بالدبابة وكذلك فعل حسام ومازن مع الثلاثة دبابات في أقل من دقيقة ثم اختفوا فجأة كما ظهروا.. تأتي رسالة عبر اللاسلكي بين يد جون.. جون جون هل تسمعني؟ جووون جووون!!

 

***

 

تقف سيرينا أم يودا في شرفة منزلها ساعة الفجر يبدو عليها القلق والتوتر، فذلك ميعاد عودة يودا من المهمة التي كان يؤديها، وبجانبها عفاريم وقد بدي عليه القلق هو الأخر وقال في صوت أشبه بالبكاء، سيرينا اطمئني يودا بطل يودا يدافع عن قضية ضد إرهاااا لتضع سيرينا يدها على فمه وتقول وقد انهارت من البكاء عفرايم إحنا مغتصبين، يودا راح عفرايم.. يودا ضاع خلاص.. وفي نفس الوقت تسمع صوت الرسالة المعهودة لهاتفها المحمول وترتعش يداها وهي تفتح الرسالة لتجد صور لجثة يودا وهي بجابب الدبابة، وقد أصبحت جثته أشلاء..لتسقط سيرينا بجانب قدم عفرايم الذي راح يطالع الصور وهو في ذهول، ووقع بجانب سيرينا مغشياَ عليه.

 

***

 

وفوق حُطَام منزل، يحرك طفل صغير مؤشر مذياع قد وجده من بقايا منزله، لينطلق عبر الأثير آيات من الذكر الحكيم.

 

﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾

 

صدق الله العظيم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة