لؤى الخطيب
لؤى الخطيب


مسـاحة وعى

فى لندن.. إخوان بلسان إسرائيلى مشين!

أخبار اليوم

الجمعة، 24 مايو 2024 - 06:32 م

طوال ما يقرب من 80 عاماً، فشلت إسرائيل فى محاولاتها زرع صوت ناطق بالعربية، يتمتع بأى مصداقية فى دفاعه عن الروايات الإسرائيلية، تمثلت ذروة تلك المحاولات الفاشلة، فيما يقوم به أفيخاى أدرعى المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهى ليست فاشلة فحسب، وإنما مضحكة أيضا، فأدرعى يحاول استخدام الآيات القرآنية فى تبرير جرائم ضد الإنسانية، وتلطيف مجازر الاحتلال ضد مدنيين عزل ونساء وأطفال، وبناء على ما سبق، لا أثر حقيقياً لتلك المحاولات «المباشرة» من قِبل إسرائيل حينما تريد التحدث للمجتمعات العربية.

لكن، يبدو أن محاولاتٍ أخرى غير مباشرة، لترويج الروايات الإسرائيلية، حققت نسبًا من النجاح، وذلك عبر الجماعة الوظيفية الأقذر والأخطر فى تاريخ المنطقة: تنظيم الإخوان الإرهابى.

فى لندن، يقع أهم مقر للإخوان، وهناك أيضاً تبث أهم منصات التنظيم الإعلامية فى الوقت الحالى عبر الوسائط المختلفة بما فيها اللجان الإلكترونية، وتاريخياً يرتبط التنظيم ارتباطاً وثيقاً بالعاصمة البريطانية، ارتباط الرعاية والحماية والتمويل، ولا يمكن القول بأى حال من الأحوال أن مؤسسات الدولة البريطانية لا تعلم شيئاً عن التنظيم الخطير الذى يتخذ من أراضيها مقراً ومستقراً ومنصة للبث الإعلامي.

فى لندن أيضاً، انطلق قبل 100 عام وعد بلفور الشهير، الذى عُرف بوعد من لا يملك لمن لا يستحق، وقبل أشهر تحدث رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك عن دعم إسرائيل «فى أحلك الظروف»، وهو ما يعنى أن الارتباط بين الدولتين لا يزال وثيقاً.

حينما نربط كل هذه الخيوط، يمكن أن نفهم سبب ذلك الاتساق المريب بين الروايات الإسرائيلية التى تفشل إسرائيل فى ترويجها عربياً بشكل مباشر، وبين صدى الصوت الإخوانى الذى يؤكد ويروج ويعزز تلك الروايات عبر منصاته الإعلامية، أو يمارس ضغوطاً على الأطراف المناوئة لإسرائيل مثل مصر، ليكون وسيطاً يصعب اكتشاف «تخديمه» على السياسة الإسرائيلية داخل المجتمعات العربية بسهولة.

منذ السابع من أكتوبر والتصعيد الإسرائيلى الذى تلاه، تحدثت القاهرة بوضوح عن رفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة من أرضهم، فى المقابل أرادت إسرائيل أن تُطبّع هذا المخطط فى العقل العربى عموماً، والمصرى خصوصاً، فكانت المنصات الإخوانية ولا تزال، تؤكد أن القيادة المصرية وافقت على التهجير ولكنها تنتظر اللحظة المناسبة لتنفيذه. هذا الزعم يتكرر فى وسائل إعلام التنظيم بشكل يجعلك توقن أنه تكرار مقصود لتثبيت الفكرة، وكأنه لا مفر على الإطلاق من حدوث هذا التهجير.

هذه ليست المرة الوحيدة التى تخدم وسائل الإعلام الإخوانية رواية إسرائيل، فأمام الجنائية الدولية، وقف ممثل الاحتلال ليدافع عن كيانه الغاصب، فحمّل مصر مسئولية عدم دخول المساعدات إلى قطاع غزة على نحو هزلي، لكن هناك من تلقّف تلك الرواية وعمل على نشرها بكل ما يملك من قوة، هو كالعادة، الوسيط الإخواني.

وقبل أيام، حينما احتلت إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني، رفضت مصر التنسيق مع الاحتلال بشأن المعبر.. ماذا فعل الاحتلال؟ عاد من جديد ليحمّل مصر مسئولية عدم دخول المساعدات، وعلى نفس الأوتار عزف التنظيم بإعلامه ولجانه، ليغسل يد الاحتلال من جريمة ضد الإنسانية يقترفها منذ شهور، ويحمّل مصر مسئولية تدهور الوضع الإنساني!

وأما محور فيلادلفيا، فمصر تقول إنه خط أحمر لن تقبل بتجاوزه، فى المقابل تروج إسرائيل دائما بأنها ستحتل المحور، لدرجة أنها قبل أيام قالت إنها احتلت «ثلثي» محور فيلادلفيا، وبعيداً عن هزلية هذا الادعاء الصهيوني، إلا أنه وكالعادة لم تجد إذاعة الجيش الإسرائيلى التى أطلقت الادعاء خيراً من الوسيط الإخوانى لكى ينشر الكذبة داخل المجتمع المصري.

إسرائيل تستهدف أيضاً من ترويج الأكاذيب بشأن محور فيلادلفيا، ممارسة الضغوط على الجبهة الداخلية المصرية، بما يزعزع الثقة بين الشعب والقيادة.. من لهذه المهمة؟ طبعاً تنظيم الإخوان ومنصاته، فهم يروجون كتفاً بكتف مع نتنياهو منذ يناير الماضى أن إسرائيل ستحتل محور فيلادلفيا، وأن هذا أمر لا مفر منه أيضاً، وأن القيادة المصرية ستسكت ولن تقوى على المواجهة!

ثم مجدداً، تقول هيئة البث الإسرائيلية إن مصر تراجعت عن الانضمام لجنوب أفريقيا فى دعواها أمام محكمة العدل الدولية بعكس ما أعلنته وزارة الخارجية المصرية، وفوراً تبدأ الماكينة الإعلامية الإخوانية فى ترويج هذه الأكذوبة لتثبيتها كحقيقة.

هذه ليست كل المحطات، لكن أبرزها، وفى كل مرة كان الرد المصرى حاضراً إما عبر البيانات الرسمية أو من خلال مصادر رفيعة المستوى تخاطب القاهرة الإخبارية.

الاتساق العجيب بين الروايات الإسرائيلية وما تروجه الماكينة الإخوانية، ليس لافتا للنظر فحسب، بل هو قرينة حاسمة لإثبات التخديم الإخوانى على الروايات الإسرائيلية داخل المجتمعات العربية، ربما يكون التواصل مباشراً أو غير مباشر بين قيادات الإخوان والموساد الإسرائيلي، هذه تفاصيل هامشية، المهم هنا هو حقيقة الارتباط الوثيق وخدمة «العبد للسيد» التى يمارسها الإخوان من أجل عيون تل أبيب!

من هنا، يكون الحديث عن الإخوان كجماعة سياسية معارضة، أو عن المطاريد كمعارضين وطنيين، هو مهزلة مكتملة الأركان، ومن يروجه إما مغرض متحالف معهم، أو ساذج لا يجيد أى قراءة للأحداث من حوله.

لا شيء مجانياً عزيزى القارئ، فلا يمكن عقلاً ولا منطقاً، أن تُفتح الأبواب لهذه الجماعة الوظيفية، وتنهمر عليها التمويلات الحرام دون مقابل، إلا لو سلمنا عقولنا ببلاهة شديدة لنكتة إيمان الممولين بأهمية ترسيخ الديمقراطية فى مصر، لذلك يقتطعون من أموال دافعى الضرائب لصالح الإنفاق على هذه الجماعات. 

هذه النكتة، حتى وإن كان هناك من هو مستعد لتصديقها، تنسف نفسها بنفسها فوراً، فكيف لجماعة لا تؤمن بالديمقراطية فى طبيعة نشأتها الفكرية، أن تُوكل إليها مهمة إقرارها؟ إذن، نحن وبكل تأكيد أمام أهداف غير وطنية، تناقض بل وتصادم مصالح المصريين، وليس أدّل على ذلك من خدمة السياسة الإسرائيلية بكل هذا الإخلاص والدأب. 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة