صورة موضوعية
صورة موضوعية


كسوة الكعبة وهودج شجرة الدر ..«المحمل» قصة حب من القاهرة إلى مكة

الأخبار

الأحد، 16 يونيو 2024 - 11:05 م

إلى مكة المكرمة تتجه أنظار المسلمين حيث الكعبة المشرفة تسبقهم قلوبهم، داعين مع الحجاج الخاشعين المتضرعين إلى الله سبحانه وتعالى.. فالكعبة مقصد جميع المسلمين تهفو إليها النفوس، ويأتى إليها الحجيج من مشارق الأرض ومغاربها، فليست الكعبة مجرد بناء من حجارة، بل هى بناء من حب، هكذا تعامل العرب قديمًا معها باعتبارها كائنًا حيًا، لذلك لم يكن غريبًا أن يقوموا بكسوتها مثلما يكسون أنفسهم وأهليهم، حسب ما ذكر الكاتب البارز محمد السيد عيد فى أحدث إصداراته «الكعبة بيت من حب» الصادر فى سلسلة «كتاب اليوم».

حين أقام إبراهيم وولده إسماعيل البيت، لم يفكرا فى كسوته، وظل البيت دون كسوة أعوامًا طوال، إلى أن قدم «تبع» ملك اليمن إلى مكة لهدم الكعبة، وسمع هاتفًا وهو نائم يأمره بكسوة الكعبة، فاستيقظ وهو يفكر فى الحلم، ولم يكن معه قماش فاخر يكسو به الكعبة، ماذا يفعل؟
استدعى قائد الجند، وطلب منه جمع القماش، وصنعوا أول كسوة للكعبة، وأول من كسا الكعبة فى الإسلام هو النبى صلى الله عليه وسلم جاء فى صحيح البخارى، عن عروة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يوم الفتح هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تُكسى فيه الكعبة.. واحترقت الكسوة فكساها الرسول بالبرود اليمانية، وهى قماش مصنوع فى اليمن من الكتان، وتغير الأمر بعد خلافة الصديق، وعمر بن الخطاب، وصارت الكسوة تُصنع فى مصر.

اقرأ أيضًا| رحيق السطور | الغناء والطرب فى أدب «محفوظ»

فها هو عمر أثناء خلافته يكتب إلى عمرو بن العاص والى مصر: علمت أن لديكم فى مصر قماشًا من «القباطي» الذى تُكسى به الكعبة، فإذا جاءك كتابى هذا فكلف أهل الصناعة لديكم بصُنع ما يكفى من هذا القماش لكساء الكعبة.. ثم أمر بتوزيع القماش على حجاج بيت الله الحرام ليستظلوا به من حر مكة، وأعطوا أهل مكة منه للبركة، استمرت مصر فى إرسال الكسوة للكعبة طوال العصرين: الفاطمى والأيوبى، وفى نهاية العصر الأيوبى، وبالتحديد فى عهد السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب تغير المسمى، وسُميت الكسوة المسافرة لمكة بـ المحمل، ولهذه التسمية قصة بطلتها شـجر الدر، زوجة الملك الصالح، نرويها باختصار.. ففى العام الخامس والأربعين بعد المائة السادسة للهجرة قالت شجر الدر لزوجها:

حبًا وكرامة يا نور العين.. لكن هذا يستدعى بعض الأشياء لا بد أن تأمر بها.

أية أشياء؟
أريدك أن تأمر بصُنع هودج يليق بزوجة السلطان.
أمرت.
وأن يتسع الهودج لى، ولكسوة الكعبة معًا، ، فأنا أريد أن أتشرف بصحبتها طوال الرحلة.

وأمر السلطان بصُنع هودج، له قبة، يتسع لزوجته وللكسوة معًا، ومن هنا بدأت قصة المحمل، فمنذ هذا التاريخ صار الهودج رمزًا للسلطان، وسُميت القافلة بـ المحمل.

وهذا وصف المحمل كما رآه «إدوارد لين» فى كتابه «المصريون المحدثون» عام ١٨٣٤ للميلاد:
مربع من الخشب، هرمى القمة، له ستر» جمع ستارة» من الديباج «الحرير» الأسود، عليه كتابة وزخارف مطرزة تطريزًا فاخرًا بالذهب، على أرضية من الحرير الأخضر أو الأحمر فى بعض الأجزاء، ويحده هدبة حريرية، وشراشيب يعلوها كرات فضية، وزخرفة على السُّتُر لا تكون دائمًا على النموذج نفسه.. كل ستر رأيته يحمل فى قسمه الأعلى من الصدر منظرًا لمسجد مكة مطرزًا بالذهب، ويعلوه طغراء السلطان «أى علامته»، وتكون الكرات الخمس وأهلتها التى تزين المحمل من الفضة المذهبة.. ويحمل المحمل على جمل طويل جميل، وينعم هذا الجمل على العموم بإعفائه من العمل بقية حياته.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة