صورة موضوعية
صورة موضوعية


أنا والخروف وهواك| ممنوع ذبح الأضحية أمام الأطفال أقل من 12 سنة

آخر ساعة

الخميس، 20 يونيو 2024 - 04:50 ص

■ كتب: هانئ مباشر

لعيد الأضحى المبارك ذكريات جميلة؛ تتعلق فى مخيلتنا جميعا، ولكلٍ منا مواقفه التى لا ينساها، فهناك من له ذكريات روحانية ترتبط بالحج ومناسكه العظيمة وزيارة المسجدين الحرام والنبوى، وهناك من تتعلق فى ذهنه ذكريات مع «الأضحية» - خروف العيد - ذكريات ما بين ارتباطها بمواقف أو أحداث معينة أو أشخاص بل وربما قد تكون قصصاً مع «الأضحية» - الخروف نفسه.

الله سبحانه وتعالى سنَّ «الأضحية» وجعلها من شعائر عيد الأضحى المبارك، وكذلك من شعائر الحج.. و«الأضحية» كما هو معلوم، وكما يقول الدكتور أنس الغنام، أحد علماء الأزهر الشريف، والأستاذ المساعد بكلية اللغة العربية، هى اسم يطلق على كل ما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من ذى الحجة؛ تقربا إلى الله تعالى.

وفيما يفضل البعض إعفاء أنفسهم العناء والأعباء المتعلقة «بأضحية العيد» فيشترونها فى الوقت بدل الضائع الذى قد يكون عشية العيد، ويتركونها فى مكان بعيد عن المنزل، ثم يأخذونها مباشرة صبيحة «يوم النحر» إلى المجازر أو الجزارين، يرفض البعض الآخر رفضا مطلقا هذه الطريقة ويعتبرون أن «نكهة» عيد الأضحى ومتعته كلها فى إحضار كبش العيد إلى البيت، ليستمتع الأطفال بمداعبته، ومع عصر السوشيال ميديا بات لا يمكن أن تمر هذه المناسبة على بعضهم دون أن يلتقطوا العديد من صور «السيلفى» والفيديوهات مع «ضيفهم المدلل» ونشرها عبر صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى.

◄ حكاية الأضحية

وفي كل سنة يطبع عيد الأضحى بصمته الخاصة فى الأسر، وغالبا ما يكون كبش العيد هو محور الأحداث، فبداية من لحظة حلوله على البيوت، مرورا بيوم نحره وتنظيف أشلائه ولحمه، وانتهاءً بطبخه وتناوله، يحدث الكثير من القصص والمواقف الطريفة بل والمخيفة التى تبقى عالقة فى الذاكرة، وتصبح ماركة مسجلة باسم المناسبة.

من بين حكايات «الأضحية وقصص الحب» المتوارثة فى الحكايات الشعبية، أنه قبل العيد ذهب رب عائلة لسوق الثلاثاء «سوق الماشية» لشراء أضحية العيد التى ظل يجمع ثمنها لفترة طويلة، وبعدما اختار الأضحية ودفع ثمنها التقى بأحد أصدقائه وطلب منه أن يأخذ الأضحية إلى منزله لأنه كان مشغولا وكان صديقه متوجها إلى ناحية بيته..

الصديق لم يكن متأكدا من موقع المنزل بالضبط فأخطأ وأخذ الأضحية إلى جيران صديقه وأعطاهم إياها قائلا هذه الأضحية لكم دون أن يذكر منْ من الجيران ظروفهم المادية لم تكن لتسمح لهم بشراء الأضحية ففرحوا كثيرا ظنا منهم أنها من أحد المحسنين إلى درجة أن زوجة صديقنا انتبهت لهم من شدة الفرحة وتساءلت فى نفسها من أين لهم بالمال لشراء الكبش!.. عندما عاد رب العائلة إلى المنزل توقع أن يجد أولاده فرحين بالكبش لكن كل شيء عادى، دخل المنزل وسأل زوجته فردت عليه أن لا أحد أتى بالأضحية - وتذكرت جيرانها - وقالت له:

«أعتقد أن صديقك أخطأ وأخذ الأضحية لجيراننا فاذهب وأتِ بها»!.. فرد عليها: «إن الله قد كتبها لهم ولا يحق لنا أن نسلب فرحة الأولاد الفقراء».

وقرر أن يذهب لشراء أضحية أخرى، عندما عاد إلى السوق وجد أحد البائعين فذهب إليه، وقال فى نفسه «سأشترى منه عسى أن يساعدنى فى الثمن»، وعندما وصل عنده تصوروا قال له البائع: «فى الطريق وقع لى حادث ونجوت أنا وماشيتى بأعجوبة، ونذرت نذرا أنه سيدع أول زبون يختار أفضل أضحية ويأخذها بدون أن يدفع شيئا».

وتحكى «أم عبدالرحمن» عن تعلق وارتباط ابنها الصغير بخروف العيد إلى درجة أنه كان معجبا بصوته، مما جعله يقوم بتسجيله ووضعه نغمة على هاتفه المحمول.. لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، حيث ثار الخروف بشكل غريب جدا عندما سمع تلك النغمة على ابنى، ونطحه وكسر يده، ومن وقتها وأنا لا ابنى أخاف من أى خروف وأصر على أن يقوم زوجى - الذى اعتاد على شراء الخروف كل عيد أضحى - بذبحه خارج المنزل أو شراء صك الأضحية حتى لا يتعرض أولادى لمواقف أخرى.

◄ اقرأ أيضًا | تحرير 164 محضرًا وإغلاق 48 منشأة بقنا خلال أيام العيد

◄ تهريب الخروف

من أكثر المواقف الطريفة التى تتعلق فى ذهن أسرة معتز كامل، محاسب، هو ما حدث معهم، وقبل ساعات من بدء عملية الذبح وتجهيز الأدوات اللازمة لذلك، فوجئت الأسرة بقيام ابنهم الصغير «أحمد»، الذى تعلق بالخروف الذى اشتراه والده قبل العيد بعدة أيام وكان يمضى معه الساعات الطويلة - بمجرد أن علم بأن موعد ذبح الخروف قد اقترب ورغم توسله لأبيه بألا يذبحه لم يستجب لطلبه، فقام من تلقاء نفسه بفتح بوابة المنزل، وهرب الخروف، مما اضطر معتز والجزار إلى مطاردة الخروف وسط صيحات وضحك شباب الشارع إلى أن أمسك به بعد عناء طويل، ليصبح أول أيام العيد «يوم المطاردة العالمية»، وظل معتز يعانى آلاما لمدة أسبوع بسبب تلك المطاردة، أما «أحمد» فظل غضبان لمدة شهر بل وأمضى فترة عازفا عن تناول اللحوم بكافة أنواعها متصورا أنها لحم الخروف.

◄ حكاية الأضحية

وتقص «وفاء» مأساتها مع خروف العيد، متذكرة أصعب المواقف التى مرت عليها فى طفولتها، وقالت: كادت حياتى تنتهى بسبب حبى للخروف، الذى اشتراه أبى، ويضعه فى سطح المنزل إلى أن يأتى يوم النحر، ودائما كان إخوتى يصعدون ليلعبوا معه، ويرفضون ذهابى معهم؛ لذا قررت الصعود وحدى من ورائهم.. وكنت سعيدة جدا بمنظره، وقررت أن أفك رباطه حتى أستطيع اللعب معه، وإذا به يجرى ليقفز من على سطح المنزل، ولم أستطع إيقافه وقد علق الحبل بى، وصرت أصرخ بأعلى صوتى لخوفى من السقوط معه، إلى أن جاء إخوتى مسرعين إلىّ وأنقذونى من الموت، وأضافت: ومن وقتها وأنا أشعر بالخوف عندما أسمع أى حديث عن «الخروف».. ويقول أحمد فيصل، محاسب بأحد البنوك: «اشترى عمى «عجل» ليكون أضحية العيد، وكان فى بيت جدى، وكان باب البيت مفتوحا، وهرب العجل من البيت، وكلنا ركضنا خلفه، لكننا لم نستطع أن نمسك به، وفى النهاية صُدم العجل بسيارة، وفى ذلك الوقت، لم نر لحما ولا غيره».

◄ خروف عمر

من الحكايات الجميلة، تلك التى تحكيها عبير خميس، مدرسة، عن ارتباط ابنها «عمر» بخروف العيد، الذى اشتريناه وعمر فى سن السادسة، حيث كان كل صباح يصعد إلى سطح المنزل؛ ليطمئن على الخروف الذى يراه يكبر يوماً بعد يوم، واعتاد لأسبوعين أو أكثر على إطعام الخروف معى وتنظيف مكانه وتغيير ماء شربه، وبمرور الوقت أحب «عمر» الخروف الذى اشتراه والده، وأصبح يمضى معه أوقاتاً سعيدة؛ يلعب معه ويجرى وراءه، ويمسح بيديه على فروته الناعمة الكثيفة.. وكأنه نسى أنه سيذبح فى العيد كما أخبره والده..

وفى  يوم عيد الأضحى اصطحبه والده إلى صلاة العيد، وعند الرجوع أخبره أن الجزار على وصول ليذبح الخروف.. أُضحية العيد، فحزن وألح على والده ألا يذبح الخروف صديقه.. ويتركه يعيش على سطح المنزل، وقال لأبيه: سأتولى رعايته، وسأتنازل عن مصروفى اليومى وحتى العام القادم ثمنا للخروف، هنا أخبره والده بشكل مبسط حكاية الخروف ولماذا سيذبحه.. اقتداءً بقصة سيدنا إبراهيم يوم رأى فى المنام أن الله يأمره بذبح ابنه إسماعيل.

◄ الوقت المناسب

هناك العديد من الأسئلة حول الوقت المناسب لحضور الأطفال مشهد ذبح الأضاحى وأضرار ذلك عليهم، خاصة أنه لا تخلو تلك العملية من بعض مشاهد الدم والعنف أثناء الذبح.
أساتذة الصحة النفسية يقولون إن رؤية مشهد ذبح الأضحية قد يكون له تأثيرات سلبية على صحة الأطفال النفسية، وهو الأمر الذى يؤثر على صحتهم بشكل عام.

الدكتور جمال فرويز، استشارى الصحة النفسية، يوضح أن إجبار الأطفال على رؤية ذبح الأضحية من الأمور غير الصحية، لأن الأطفال غير مدركين لعادات الأضحية، وقد يدخلون فى نوبات من البكاء الشديد والصراخ، بالإضافة لأن ذلك قد يتسبب فى معاناتهم من الكوابيس ليلا، والتبول اللا إرادى، والرهبة من الدماء، والنفور تجاه تناول اللحوم.

وقال، إن الأطفال عادة يرون الحيوانات كأصدقاء لهم لذلك فإن ذبحها يشعرهم بالقلق والتوتر الشديد ويصيبهم بنوبات البكاء الشديدة، لذلك من الضرورى تهيئة الأطفال نفسيا، قبل مشاهدة الأضاحى وذلك بعدم إجبارهم على رؤية ذبح الأضحية، والتحدث معهم حول العادات الخاصة بالعيد، لإشعارهم بالأمان، بالإضافة لإبعادهم عن العادات التى قد تشعرهم بالقلق كلمس الدماء وغيرها.

وهنا نعود مرة أخرى إلى الدكتور أنس الغنام، الذى يقول: «مما لا شك فيه أن الأسرة لها دور هام فى توجيه أولادها وإعانتهم على فهم الإسلام وتطبيقه، إلا أننا أحياناً قد نخفق فى ذلك بسبب قلة العلم الشرعى وعدم قدرتنا على محاورة أولادنا وإقناعهم، ولذلك أقول إذا كان الوالدان أو أحدهما لديه القدرة على الحوار والإقناع ويتمتع بسعة صدر وعدم الشعور بالضيق من كثرة أسئلة الأطفال فلا مانع أن يأخذوا ولدهما معهما ليشرحا له كل شيء بالتفصيل وليبينوا له أن هذا الخروف فرحان بأن الله جعله قربة يتقرب بها لله، وأنه سيكون فى الجنة يوم القيامة إلى ما شاء الله، ويبين له تاريخ الأضحية وما ورد فيها من آثار ونصوص، وأما إذا كانا على خلاف ذلك فالأفضل فعلاً ألا يأخذنه معهما خاصة الأب؛ لأنه سيترك فى نفسه أثراً سيئاً يصعب محوه مع الأيام، والأصل أن ندرب أولادنا على الحوار، وأن نحاول توسيع صدورنا معهم، وأن نتحمل أسئلتهم مهما كانت حتى نوفر لهم قاعدة معلومات صحيحة ومأمونة، ولا نضطرهم لأن يسألوا غيرنا ممن قد لا يكونون على مستوى المسئولية والتوجيه».

◄ دور الوالدين

أضاف، أنه يجب على كل أم وأب أن يربطوا بين عيد الأضحى وقصة سيدنا إبراهيم وابنه اسماعيل بطريقة لطيفة ومحببة، وذلك قبل حلول موعد العيد بفترة مناسبة، كما يجب الحديث مع الطفل عن مناسك الحج وأهم أركان الحج وموعد تقديم لحم الخروف على شكل لحم، وعلى الأم أن تستعد لتفسر لطفلها سر اختفاء الخروف وأن الخروف هو أساس عيد الأضحى... ولا تنسوا أن تخبروا أطفالكم أن اللحم الذى نأكله يوم العيد هو لحم الخروف الذى كان حيا، ولذلك فالخروف هو فرصة تعليم الأطفال الحكمة من الأضحية وهى ليست الشر وإراقة الدماء، وأن الخروف له دوره فى إسعادنا يوم العيد وليس عملاً سيئا حين نقدم لحمه للفقراء والأحبة.. ودعوهم يصحبوكم عند توزيع لحم الأضحية على الأهل والفقراء، ويتعرف على نصيب الأسرة من لحمه، حيث يوزع ثلث لحمه للفقراء، وثلث للأحبة، وثلث لأهل البيت، كما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة