مناظرة زوجية
مناظرة زوجية


مناظرة زوجية| فى بيتنا ثانوية عامة

هشام مبارك

الأربعاء، 26 يونيو 2024 - 06:17 م

هو «لو كانت الثانوية رجلاً لقتلته»

كعادتها كلما كان لدينا فى البيت طالباً أو طالبة فى الثانوية العامة، أصدرت زوجتى مجموعة من الفرامانات، يبدو من ظاهرها أنها تخص جميع أفراد الأسرة ولكن فى باطنها أنها تخصنى أنا وحدى. ممنوع التحدث بصوت عالى، إذا عدت متأخراً فلا يحق لى أن أطلب من أى فرد فى الأسرة لا منها ولا من البنات أن يجهزوا لى العشاء بحجة أن الجميع مشغول فقط بتهيئة المناخ العام للننوس أو الننوسة الذى أو التى هى فى الثانوية العامة. أفهم ألا أطلب ممن فى الثانوية العامة أى طلب قد يشغله عن المذاكرة لكن لماذا لا أطلب من غيره؟! ولماذا الكل مشغول بهذا الكائن فى الثانوية.

يا جماعة الخير هذه مجرد سنة دراسية، بل حتى المرحلة كلها تسمى مرحلة الثانوية، ولو بحثت فى القاموس لوجدت أن الشيء الثانوى هو الشيء غير المهم بل هو مجرد عامل مساعد للوصول للشيء الأساسى الذى هو الدراسة الجامعية. فلماذا تصر زوجتى أن تجعل من الثانوية العامة غاية وليست مجرد وسيلة. هل حرمانى من العشاء سيزيد من تركيز بنتى وسيجعلها تتحصل على مجموع أكبر من إمكانياتها؟ لو كان الأمر كذلك مكانش حد غلب وكنا وجدنا كل أب عنده عيل فى الثانوية يحرم نفسه من العشاء والغذاء وكذلك الفطار ليهيئ لابنه عوامل النجاح والتفوق فى تلك الثانوية.

ربما تسأل نفسك عزيزى القارئ وعزيزتى القارئة الآن إذا كانت زوجتى تمتنع عن إعداد العشاء لى وتمنع كذلك أى فرد فى الأسرة من القيام بهذا الدور إذا عدت للبيت متأخرا فلماذا لا أقوم بدخول المطبخ وإعداد وجبة عشاء لنفسى، والجواب يا سادة أنى قد فعلتها ليلة ما وانتهت التجربة نهاية مريرة جعلت زوجتى تقرر حرمانى أيضاً من تجهيز العشاء لنفسى، حيث سقط من يدى دون قصد ولقلة خبرتى بالمطبخ غطاء حلة الأرز عندما راودتنى نفسى الخبيثة بتسخين بعضاً منه. نعم الذى وقع هو الغطاء وليست الحلة نفسها وهو ما نجم عنه صوت صاخب نتج عن ارتطام الغطاء بالأرض وهو ما اعتبرته زوجتى خرقاً للهدنة المفروضة على البيت بسبب الثانوية العامة. وعندما سألتها كيف يمكن أن يتضرر ابنك الذى هو فى الثانوية من صوت ارتطام غطاء حلة الأرز على الأرض قالت بثقة إن خضة مثل هذه ممكن أن تجعل الولد ينسى نظرية فيثاغورث أو يكسر قاعدة أرشميدس!!

هي «لهذا عزلت ابنى»

مشكلة زوجى الأزلية أن ظروف عمله جعلته يسافر كل بلاد الدنيا، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، طبعاً السفر فى حد ذاته ليس هو المشكلة ولكن المشكلة الحقيقية تكمن عند عودته من السفر حيث لا يعجبه شيء سواء فيا أنا شخصياً أو فى البيت والعيال وحتى فى البلد كلها. ينتقد كل شيء وأى شيء. لا يبدأ كلامه إلا بعبارة فى أوربا والدول المتقدمة لا يفعلون كذا ولا يقولون كذا ولا يأكلون بالطريقة دى ولا يلبسون مثل هذه الملابس ولا يغسلون المواعين والأطباق وطبعا الهدوم إلا بالطريقة الفلانية.

لذا يصب زوجى كل غضبه على نظام الثانوية العامة، يقول إنه فى أوروبا والدول المتقدمة يختارالطالب ما يريد دراسته وليس هناك بعبع اسمه الثانوية العامة. اعترضت على كلامه مؤكدة أن معنى كلامه إتاحة الفرصة لشخصيات عشوائية مثل اللمبى وأصدقاء عمره مثل على علوكة وأشرف كخة أن يكونوا طيارين مثلاً دون أن يكونوا مؤهلين لذلك،، تصوروا أنه سخر منى وقال بثقة: وماله وإيه المشكلة يعنى؟ ولو اللمبى التحق من الثانوية لدراسة هندسة الطيران مثلا بغض النظر عن مجموعه ربما كسبنا إنسانا ناجحاً مفيدا لبلده فى مجال يحبه بدلاً من أن ينحرف مثلما حدث فى الفيلم!

اقرأ أيضا|محافظ أسيوط يعتمد تنسيق الثانوي العام بحد أدنى مجموع 243 درجة للعام 

لذا أحاول منع زوجى نهائياً من التواصل مع الولد طول فترة الثانوية وخاصة خلال الامتحانات. كان لابد أن أعزله عن الولد تماماً بعد أن فوجئت مرة بابنى يقول لى يا ماما الثانوية العامة دى كلام فارغ وأنه بيفكر يسيبه من العك ده ويروح يتدرب على ميكانيكا السيارات لأنه بيحبها. فتحت تحقيق سرى مع الولد وبقية أخواته فى البيت علشان أعرف مصدر الكلام الفارغ ده عرفت من خلاله أن أبوه استفرد به مرة عندما نمت بدرى من التعب وأنه حاول يقنعه بأنه ليس من الضرورى أن يكلف نفسه فوق طاقتها ليلتحق بكلية الهندسة ويدرس الميكانيكا بل ضرب له مثلاً بميكانيكى شاطر يقصده الناس من كل صوب وحدب لمهارته وبراعته فى عمله رغم أنه لم يدرس الهندسة بل اكتفى بدبلوم صنايع ثم التحق بورشة ميكانيكا ليعمل بها ثم تدرج حتى امتلك أكثر من ورشة وذاع صيته فى البلد كلها؟!

تصوروا زوجى يريد أن يقنع ابنه بأن يصبح «الصبى بلية» فى أى ورشة إذا كان يريد أن يصبح ميكانيكا كبيرا؟! أليس من حقى بعد ذلك أن أفرض عزلة على الولد وأن أرفع حالة الطوارئ لتهيئة الجو المناسب له ليتفوق فى الثانوية العامة؟!

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة