حازم نصر
حازم نصر


يوميات الأخبار

حفيدة أبو التعليم: اطّمن يا جدى

حازم نصر

الخميس، 27 يونيو 2024 - 06:46 م

أنشأ دار الكتب فحفظ ذاكرة الوطن، أقام الجسور وشق الترع، أعاد تخطيط القاهرة، أصلح نظم التعليم وبعد قرنين على مولده تطمئن حفيدة أبو التعليم جدها على مصر.

الإثنين

حملت كومة كبيرة من الأوراق قدمت بها من قريتها إلى المنصورة ووعثاء السفر باد على ملامحها.. وبجانب أوراقها وحقيبتها وجدت بعض المراجع العلمية التى تنبئ عن شخصية باحثة دون الحاجة إلى تعريف منها.. فللوهلة الأولى أدركت أنها مشتغلة بالبحث العلمي.. توقعت أنها قدمت لتتحدث عن نتائج بحث علمى قامت به وتريد نشر نتائجه أوعن عقبة تواجهها فى بحثها وتسعى لتذليلها.

لم تنتظر أسئلتى وقدمت نفسها على الفور قائلة:

« أنا باحثة الماجستير إيمان ابراهيم أبو النور جمعة مبارك. وأقيم بقرية برمبال مركز منية النصر. 

لم أدعها تسترسل فى حديثها وقاطعتها متسائلاً:

هل تنتمين لعائلة على باشا مبارك « أبو التعليم فى مصر؟

أجابت.. نعم ولا فخر.. فأنا فى مرتبة حفيدته.. لكن لست حفيدة مباشرة.. فكما يعلم الجميع بأنه قد مر قرنان من الزمان على مولده وأكثر من مائة وثلاثين عامًا على وفاته.

وواصلت تعريف نفسها وحديثها المفعم بالمشاعر الفياضة تجاه جدها الأكبر قائلة:

حصلت على بكالوريوس الزراعة من جامعة المنصورة بعد أن التحقت بالكلية بمحض إرادتى لعدة أسباب أهمها ارتباطى منذ طفولتى بأرض جدى التى لاتزال على حالها بالقرية فقد كنت شغوفة بقضاء معظم وقتى بصحبة والدى وبعض أفراد عائلتى بها.. كما قرأت كل ما كتب عن جهود جدى فى إنشاء الجسور وشق الترع للنهوض بالزراعة المصرية ولا زال عالقًا بذهنى الكثير مما قرأته.. وعندما تعمق بحثى  فى تراث جدى استوقفنى  اهتمامه  الكبير بالتعليم فى ذلك الوقت وقناعته الراسخة بأنه أهم أعمدة بناء مصر الحديثة فاتجهت لكلية التربية  بجامعة المنصورة بعد تخرجى فى كلية الزراعة حيث حصلت على ثلاث دبلومات متتالية فى التربية إحداها دبلوم عام والثانية دبلوم مهنى فى الإدارة المدرسية والثالثة دبلوم خاص فى أصول التربية ثم قمت بالتسجيل لدرجة الماجستير فى أصول التربية حول دور كليات التربية فى إكساب طلابها مهارات سوق العمل ..وانتهيت بالفعل من بحثى وفى انتظار مناقشته قريبًا لأبدأ بعدها دراستى للدكتوراه .

ثم أخرجت كومة الأوراق التى بحوزتها.. واستطردت:

هذه بعض أشعارى وكلها أشعار وطنية كما ترى فمنذ فترة تنتابنى حالة من الهلع والقلق على الأجيال الجديدة من تلاميذ المدارس وشباب الجامعات وهم يتعرضون لهذا الكم الهائل من الشائعات والأكاذيب والتى تبثها تلك الآلات الالكترونية الجهنمية وهذا الذباب الالكترونى الذى يحاصرهم من كل صوب وحدب بعد أن بات الفضاء الإلكترونى يتحكم فى واقعهم وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى هى لغتهم لذا انصبت أشعارى على ترجمة الواقع المصرى الذى يشهد إنجازات غير مسبوقة تدحض كل تلك الأكاذيب... كما تستهدف تلك الأشعار المساهمة فى تحصينهم وزيادة وعيهم لمواجهة الأجيال الجديدة من تلك الحروب التى تنضح بالغل والحقد على الوطن. 

اطمن على مصر يا جدى

وبعد حوار ممتد مع حفيدة أبو التعليم حول حروب الفضاء الإلكترونى التى لم تعد خافية على أحد وخطورتها وكيفية مواجهتها سألتها:
وماذا عن نصيب جدك من تلك الأشعار الوطنية؟

أجابت:

كتبت الكثير لكن أهمها قصيدة:

«اطمن على مصر يا جدى»

وهى القصيدة التى تناولت أهم ما ساهم به جدى فى بناء مصر الحديثة حيث أنشأ الجسور وشق الترع وأنشأ دار الكتب فحفظ ذاكرة الوطن وأعاد تخطيط القاهرة فأصبحت باريس الشرق وأصلح نظم التعليم وأسس مدرسة «السيوفية» كأول مدرسة عامة لتعليم البنات فى مصر.
وتستطرد الباحثة إيمان مبارك:

كان جدى أسطورة فى وضع لبنات التعليم الحديث فى مصر وفى الزراعة وفى التخطيط.. كما أنه صاحب الخطط التوفيقية بأجزائها العشرين التى سدت الفراغ البحثى الكبير بجغرافيا القاهرة وتاريخها وتغيرها منذ عصر المقريزي..

ثم قام بالتأريخ للإسكندرية وباقى الأقاليم المصرية وخصص جزءين للحديث عن نهر النيل وفى الجزء الأخير أرّخ للنقود المصرية.. وباختصار نجح جدى فى تنفيذ كل المهام التى تم تكليفه بها ولا زالت آثار جهوده شاهدة على ما قام به.

 وأضافت:

بأن ما يتم على أرض مصر فى الوقت الراهن لبناء مصر المعاصرة يفوق كل تصور.. حيث نشاهد إعادة بناء للدولة المصرية فيعلو البنيان ويرتفع كل يوم فى كافة ربوع الوطن ورغم كل الصعاب والتحديات فبوحدة وعزيمة أبنائه سيتم تخطى كل تلك الصعاب.. وما يحدث فى مصر حاليًا معجز بكل المقاييس.. ناهيك عما يحدث فى عزب ونجوع مصر لتوفير متطلبات الحياة الكريمة لأبنائها بعد معاناتهم التى امتدت لعقود طويلة.

أبناء أخبار اليوم

كانت ـ ولا تزال ـ عشقنا الأول والأخير.. ظلت تداعب خيالنا ونحن نقلب صفحاتها ونعيد قراءة أعمدة ومقالات كبار كتابها كانت لا تفارق غرفة الاستقبال الرئيسية بمنزلنا والتراس الملحق بها.. نتنافس على السبق فى القراءة والحوار أنا وأشقائى ثم زملاء الدراسة النابهون بمدرسة المنصورة الثانوية والجامعة بعد ذلك فى النصف الثانى من عقد السبعينيات بالقرن الماضى وفى الثمانينيات كان تطلعنا هو الالتحاق بها.

لا أنسى خطوتى الأولى وقد اختلطت مشاعر الفرحة بالرهبة عندما تم قبولى للتدريب بها ثم تعيينى محررًا مقيمًا بالمنصورة بعد ذلك.. قرابة 40 عامًا مرت على تلك الخطوات حيث لم تغادرنا ولم نغادرها لحظة لأنها تسكن فى حنايا القلب.

«مؤسسة أخبار اليوم» أبناؤها لا يجدون وقتًا للراحة تستحوذ على تفكيرهم على مدار الساعة يتنافسون لتقديم كل ما هو جديد للقارئ الذى ارتبط بها لمصداقيتها ورشاقتها.

ذكريات طويلة جالت بخاطرى منذ أيام عندما تم دعوة الزميلات والزملاء بالمحافظات للاجتماع مع قيادات المؤسسة الجدد بقاعة أحمد رجب.

القاعة لها عبق فريد وجدرانها تتزين بصور الأعلام الذين قامت على أكتافهم الدار العريقة التى لازال تأثيرها ودورها الوطنى والتنويرى بمصر ومحيطها العربى والإفريقى واضحًا للعيان منذ أسسها الأخوان العملاقان مصطفى وعلى أمين.

اللقاء دعا إليه الكاتب الصحفى إسلام عفيفى رئيس مجلس إدارة المؤسسة والكاتب الصحفى د. أسامة السعيد رئيس تحرير الأخبار وسعد الجميع بحضور الكاتب الصحفى رفعت رشاد المدير العام للمؤسسة والصحفى المتميز مصطفى عبده رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم.

بينما المناقشات والحوار الجاد البناء يجرى داخل القاعة فى جو من الصراحة والوضوح وتوزيع المسئوليات لتواكب طموحات المرحلة المقبلة كانت المطابع تدور فى أول إصدار بعد التطوير والتحديث الشامل بما يحمله من إبداع وتفرد لجريدة الأخبار لرئيس تحريرها الطامح لاستمرار ريادتها د. أسامة السعيد.
 القيادات الجديدة للمؤسسة تحمل أفكارًا بناءة وتبذل جهودًا مضنية ومخلصة بنزاهة وتجرد لحمل مؤسستهم إلى عصر جديد ولمواجهة التحديات الهائلة التى تواجه مهنة الصحافة.. وخرج الجميع بقناعة راسخة بأن القيادات الجديدة ستنجح فى مهمتها الجسيمة خاصة وأن أبناء أخبار اليوم على قلب رجل واحد فى إخلاصهم لمؤسستهم العريقة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة