مديحة عزب
مديحة عزب


نقطة نظام

الحكومة الجديدة واستعادة الوعى

الأخبار

الخميس، 27 يونيو 2024 - 07:05 م

لابد أن نتكاتف برغم الاختلاف لبقاء الدولة ونتعلم استخدام العقل فى التفكير والتدبر

عندما صدر خطاب التكليف للدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة جاء فى المرتبة الثانية وبعد قضية الأمن القومى المصرى، الاهتمام ببناء الإنسان واستعادة وعيه الثقافى ووعيه الدينى المستنير.. وهذا يعكس فى تصورى أمرين مهمين.. الأول هو الاعتراف بأنه نتيجة لعدم وجود هذا الوعى فقد سقط الكثيرون ضحية للتخلف والانغلاق الفكرى والذى أدى بهم ولا يزال إلى سكة التطرف والتى هى الرحم الطبيعية لولادة الإرهاب، الأمر الثانى أنه يعكس الرغبة الصادقة فى تصحيح المسار..

ومع اعترافنا بأن بناء الإنسان ثقافيا واستعادة وعيه لابد وأن يسبقه اكتمال احتياجاته من خدمات التعليم والصحة وكافة الفروع الأخرى الضرورية لحياته اليومية حيث أثبتت التجارب أن محاولات بناء العقل والوعى الوطنى للمواطن لن تتحقق ولن تفيد ما لم تكن صحته وتعليمه موضع الاهتمام، إلا أنه ليس أمامنا الا اعتراف آخر وهو الأهم بأن الحارس الحقيقى لبقاء الدولة المصرية وكل مقدراتها وكل منجزاتها بما فيها البنية التحتية والتى تم تشييدها بنجاح فى السنوات الأخيرة هو الإنسان المصرى المتعلم والواعى والمستنير..

وإلا ما الفائدة التى ستعود علينا مع بقاء الإنسان فى المجتمع مسلوب الوعى وواقع تحت تأثير خرافات ومفاهيم مغلوطة تتحكم فى تصرفاته وتجعله أداة هدم لكل محاولات النهوض التى تبذلها الدولة من أجله.. نعم.. نحن نريد مجتمعا تنمو فيه كافة الفضائل ويأتى على رأسها فضيلة التسامح مع الآخر ولن يتحقق هذا إلا عبر إطار أخلاقى وفكر دينى مستنير وكفانا ما اكتوينا به فى الماضى من أفكار وفتاوى شحنت البلد بالبنزين وكانت أقل شرارة كفيلة بإشعال الحرائق فى كل مكان، ولولا جهود رجال الأمن بارك الله لهم وبارك فيهم لما استطاع مواطن واحد فى مصر أن يأمن على نفسه فى حله وترحاله..

والسؤال الآن كيف يمكن أن يتحقق ما تضمنه خطاب التكليف الصادر للحكومة الجديدة من استعادة وعى المواطن.. أعتقد ومعى الكثيرون أن فتح نوافذ الحوار المجتمعى على أوسع نطاق هو المطلوب حاليا وعلى وجه السرعة.. فسماع الرأى والرأى الآخر كفيل مبدئيا بتحرير عقولنا من هيمنة عواطفنا عليها وكذلك تحريرها من أسر الجهل والجهلاء والكف عن ممارسة التناحر الفكرى والذى لازمنا والتزمناه بكل فخر واعتزاز وأبقانا فى الدرك الأسفل على مدى عقود كثيرة..

لابد أيضا من فتح نوافذ الفكر لدى الشباب والذين هم القوة الفاعلة للبناء فى أى مجتمع عن طريق بذل المزيد من الاهتمام بتطوير قصور الثقافة الجماهيرية فى كل مكان والاهتمام باستحداث كل وسائل الجذب بها من ندوات ثقافية وسينما ومسرح وكتب بأسعار فى متناول الجميع وورش للرسم والتصميم والابتكار..

لابد من الارتقاء بلغة تعامل الشباب مع الآخرين بدلا من الانحطاط اللغوى الذى ساد بين شرائح عديدة منهم فى العقود الأخيرة.

لابد أيضا من مشاركة الشباب فى حل مشاكل المجتمع الملحة والاستماع إليهم حتى.. لابد أن نتكاتف برغم الاختلاف لبقاء الدولة ونتعلم أن استخدام العقل فى التفكير والتدبر لكل ما يطرح علينا من فتاوى ليس عيبا ولا نقيصة وإنما العيب والنقيصة بل والعار هو أن نستخدم العقل فقط فى المراحل الأولى وحتى نصل للمحطة الأخيرة والتى هى رجل الدين فنركن العقل تماما ونجعل ما يقوله رجل الدين هو سقف معلوماتنا حتى ولو تناقض مع النص القرآنى المقدس.
 لابد أن يتعلم شبابنا أن المعارضة مكفولة للجميع ولكن بالموضوعية وباللغة الراقية وليست بالبذاءة و»الجهاد السيبرانى» الذى يتخذونه سبيلا للترويج للأفكار الإرهابية.. إن حب مصر فى حد ذاته الآن هو النضال الأعظم.. وهى مسئولية لو تعلمون عظيمة نتمنى أن تكون الحكومة الجديدة على قدرها.
ما قل ودل: 

لا يبقى فى الذاكرة سوى ما نرغب فى نسيانه.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة