نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

فيلم خادع .. ممتع جدا!

نوال مصطفى

الخميس، 27 يونيو 2024 - 07:13 م

البطل الرئيسى فى الفيلم هو الحوار النفسى العميق الذى يدور بين بطلى الفيلم الرئيسيين

على مدى ساعتين و واحد وثلاثين دقيقة و بضعة ثوان استمتعت بمتابعة فيلم اعتبره من أروع الأفلام التى شاهدتها خلال العامين الماضيين. اسم الفيلم تشريح سقطة. «anatomy of a fall الفيلم فرنسي، من إخراج جوستين تريت، التى شاركت أيضا فى كتابة السيناريو مع آرثر هاراري. ومن بطولة ساندرا هولر، لعبت دور كاتبة شهيرة تحاول إثبات براءتها من مصرع زوجها إثر حادث غامض. تم عرض الفيلم لأول مرة فى مهرجان كان السينمائى السادس والسبعين فى 21 مايو 2023، حيث فاز بجائزة السعفة الذهبية.

يبدأ الفيلم بحادث انتحار رجل يعيش فى بيت على سفح جبل جليدى بإحدى قرى فرنسا مع زوجته و ابنه الوحيد و كلبهم . الزوجة أديبة متحققة.. تنتج العديد من الروايات و تسعى الصحف و وسائل الإعلام للحصول على حوارات معها تناقش موضوعات رواياتها و عالمها الروائي. الزوج (ضحية حادث السقوط من روف البيت الريفى الذى يعيشون فيه)كان كاتبا أو مشروع كاتب لكنه تعثر فى مشاكل نفسية اربكته و أصابته باحباط هائل.

نشاهد فى المشهد الأول الدقائق القليلة التى سبقت الوفاة المفاجئة لرب هذه الأسرة متعددة الجنسيات، فالزوجة كاتبة ألمانية مرموقة وناجحة، بينما الزوج كاتب فرنسى متواضع الشهرة، ويعيشان بمكان ناء فى الجبال الفرنسية مع طفلهما الذى فقد بصره فى حادث نتيجة إهمال الأب منذ سنوات مضت.

لا يظهر الزوج فى البداية، ولكنه حاضر فى الخلفية، فبينما تُجرى طالبة جامعية حوارا مع الزوجة تتصاعد موسيقى صاخبة تمنعهما من سماع بعضهما البعض، لينتهى الحوار قبلما يبدأ، وتصعد الزوجة غاضبة، ويفاجأ الابن فى اللحظات التالية بجثة والده مسجاة على الثلج وقد سقط من أعلى المنزل.

كل القرائن تشير إلى الزوجة باعتبارها القاتلة، وهى تؤكد أن ذلك مجرد حادث انتحار أو اختلال فى التوازن، سبقته محاولة فاشلة سابقة أنقذت زوجها منها، ولكن لم يدعم هذه الفرضية أى دليل، ومن هنا تبدأ المحاكمة التى امتدت لتشمل أغلب أحداث الفيلم، وفيها تقف الزوجة أمام المحلفين تحلل علاقتها بزوجها القتيل، وتكشف أمامهم وأمام المتفرج الحقيقة المختبئة وراء شكل الأسرة المثقفة المثالية.

وتنظر المحكمة والمحلفون إلى «ساندرا» كمذنبة لأسباب لا يمكن تصنيفها قانونية تماما، فيتهمها المدعى العام بسرقة الفكرة الرئيسية لرواية زوجها، بينما يستخدم أحد التسجيلات الصوتية التى تدعم موافقة الزوج على إعطائها فكرته بعدما فقد الأمل فى إتمامها نتيجة لإحباطه المستمر من مسيرته الروائية المتواضعة وبعد حادث الابن.

تحوم الشكوك حول الزوجة التى أصبحت المتهمة الأولى والوحيدة فى اشتباه النيابة بأن الحادث لم يكن انتحارا بل ربما يكون شخص ما قد ضربه وأفقده الوعى ثم دفعه من أعلى ليصبح الحادث انتحارا وليس قتلا بفعل فاعل.

البطل الرئيسى فى الفيلم هو الحوار النفسى العميق الذى يدور بين بطلى الفيلم الرئيسيين. والذى يشرح تفاصيل و دهاليز العلاقة بينهما. نكتشف مع تتابع المشاهد أننا لسنا أمام فيلم بوليسى يفتش عن القاتل و يفاجئنا بأنه آخر شخص يمكن أن نتوقعه كما يحدث فى معظم الأفلام المبنية على حادث غامض. لكننا نجد المخرج و الكاتب يصحبنا إلى منطقة مختلفة تماما عما توقعناه .منطقة العقل الباطن الذى يختزن و يراكم الخيبات والاحباطات فى حياتنا تلك التى تنفجر فجأة لتدمرنا بالكامل. لا أرغب فى سرد حكاية الفيلم لإنه فعلا ممتع و يستحق المشاهدة مرة و اثنتين وثلاثة. و لن أحرق القصة و العقدة بل سأتركها لقرائى الأعزاء. فقط أردت أن أرشح لكم هذا الفيلم الجميل الذى سيحرك داخلكم أشياء كامنة و يدعوكم لتأملها.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة