يحيى وجدي
ألكسندر كازمياس .. الكوزموبوليتانى
الأحد، 26 سبتمبر 2021 - 03:59 م
يحيى وجدي
عندما عرفت باختياره رئيسا للجالية القبرصية في مصر، اتصلت به لأهنأه..
قلت له أنت إيه حكايتك؟، يوناني ولا قبرصي ولا إنجليزي؟، فرد ضاحكا: «يا باشا أنا مصري.. ما أنت عارف!».
تعرفت على أليكس كازمياس منذ 5 سنوات تقريبا، كنت أبحث عن أصول شاعر يوناني عاش في مصر لفترة في الربع الأول من القرن العشرين، ولا توجد له آثار كثيرة، ودلني على أليكس صديق مصري يترجم عن اليونانية، وقابلت أليكس في «النادي اليوناني» بوسط البلد، وكنت أتخيل أنني سأقابل أجنبيا يعيش في مصر، يتحدث بعربية مكسرة كما في الأفلام، لكنني وجدته مصريا خالص.. بالتعريف والملامح!
أليكس كازمياس، مصري فعلا، لا يمكن أن تشك إذا قابلته في الشارع، أوعلى القهوة، أو في صالة انتظار البنك، أو في محطة البنزين، أنه يحمل جنسية أخرى حتى.. ابن بلد حقيقي، و«ابن نكتة» و«صايع»، من شبرا بالتعريف والمولد، لكنه وإلى جانب مصريته، فهو قبرصي ويوناني، وشهادة ميلاده صادرة عن السفارة الإنجليزية في مصر، خلطة لا تتواجد إلا في الروايات والأفلام!
أليكس، وأسمه في بطاقة الرقم القومي المصرية ألكسندر جورج كازمياس ميخائيل، ينحدر لأب قبرصي جاء إلى مصر بداية الخمسينيات، وأنشأ في شبرا مصنعا لإنتاج اللمبات الكهربائية وكان يصنع اللافتات النيون الجميلة التي كانت تتميز بها واجهات المحلات آنذاك، مع كل ما يتصل بأجهزة الإضاءة والتدفئة الكهربية، كان مصنعه يقع في 10 شارع روبير شماع ومازال موجودا حتى الآن، تعرف الرجل الذي قصد مصر قادما من نيقوسيا، بحثا عن الرزق على فتاة مصرية من شبرا وتزوجا، وأنجبا ولدين وبنت، أكبرهم ألكسندر الذي ولد في أكتوبر عام 1968 ودخل المدرسة العبيدية اليونانية في مصر مع أقرانه القبارصة واليونانيين والمصريين القادمين من اليونان، وأنضم كذلك إلى فرق الكشافة اليونانية، من هنا جاء غرامه بالعمل التطوعي الذي يمارسه حتى الآن، وفي التسعينيات حصل ألكسندر على الجنسية المصرية بعد صدور القانون الذي يمنح أبناء المصريات جنسية الأم، وفي بداية الألفية تزوج من يونانية وحصل على الجنسية اليونانية، وصار هذا المصري «الكوزموبوليتاني» الذي يعبر عن روح مصر التي عرفناها في النص الأول من القرن العشرين.
يمتد تاريخ الجالية القبرصية التي يترأسها ألكسندر كازمياس بالانتخاب منذ بداية أغسطس الماضي، إلى عام 1873، وتعد من أقدم الجاليات الأجنبية في مصر، وعدد أبناء الجالية حاليا في القاهرة والإسكندرية يصل إلى 500 شخص، يعيشون ويعملون هنا، وتربطهم بمصر صلات عميقة بالمولد والمنشأ والحياة، ويتشاركون مع الجالية اليونانية في الكنائس والنوادي حيث أنهم يتبعون طائفة الروم الأرثوذكس.
قال لي ألكسندر كازمياس إنه سعيد جدا بالتقارب المصري القبرصي حاليا، فرئيس قبرص كان في زيارة رسمية مهمة لمصر منذ أسابيع، ونحن يربطنا بحر واحد وثقافة واحدة، وأنا ألمس مؤخرا استثمار عميق لهذا التقارب الجغرافي والثقافي والتاريخي، وأتمنى أن أقدم فيه جهدا ونشاطا، فأنا ابن الثقافة القبرصية المصرية اليونانية المشتركة.. درست في المدارس اليونانية العبيدية على أرض مصر، وأشغل منصب رئيس الجالية القبرصية في مصر، ومنصب نائب رئيس الغرفة التجارية المصرية اليونانية في القاهرة.
أنتهى كلام أليكس، لكن مهما تخيلت أنك تعرف مصر جيدا، فالمؤكد أنها لديها الكثير، عمقا وتنوعا ومواطنين مثل أليكس.